بصفتكم المُمثّل الرسمي لفلسطين في أستراليا، كيف تقيّمون مواقف الحكومة والبرلمان الفيديراليين ممّا يحصل في فلسطين، وما هي الخطوات العمليّة التي تحاولونها للحصول على التأييد الأسترالي الرسمي والشعبي لمواقف الفلسطينيين في قضيّتهم؟
تطور موقف الحكومة الأسترالية، إيجابياً، منذ نجاح حزب العمال في الانتخابات البرلمانية ، فقد قامت وزيرة خارجية أستراليا، السيناتور «بيني وونغ»، بالتراجع عن اعتبار القدس الغربية عاصمة لإسرائيل، وأعلنت أن المصطلح الرسمي للحكومة الأسترالية عن فلسطين هو «الأراضي الفلسطينية المحتلة”، كما زادت تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) من 10 مليون دولاراً إلى 20 مليون دولاراً، وغيرت من نموذج تصويت أستراليا في الأمم المتحدة على القرارات الفلسطينية باتجاه إيجابي، و اعتبرت أن المستوطنات الإسرائيلية غير شرعية حسب القانون الدولي. كما وفرضت الحكومة الأسترالية حظرا على تأشيرات الدخول لبعض المستوطنين المتطرفين في الأراضي الفلسطينية المحتلة. أما فيما يتعلق بحرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة، فقد دعت الحكومة الأسترالية إلى وقف فوري لإطلاق النار، وضرورة تدفق المساعدات الإنسانية لأهلنا في قطاع غزة وضرورة حماية المدنيين وفقا لأحكام القانون الدولي الإنساني. كما قدمت الحكومة الأسترالية، حتى اللحظة، أكثر من 82.4 مليون دولاراً مساعدات إنسانية للقطاع، وسمحت بدخول أكثر من 1400 من قطاع غزة الى أستراليا. كما استمرت الحكومة الأسترالية في تنفيذ برنامجها السنوي بتقديم 14 منحة دراسية للطلاب الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس، ودعم بعض المشاريع الأخرى، وأعلنت أن اعترافها بدولة فلسطين قد يحصل خلال عملية السلام بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي وليس فقط في نهاية هذه العملية في إطار حل الدولتين، بشرط أن اعترافها بدولة فلسطين يجب أن تصاحبه عملية إصلاح في السلطة الفلسطينية. كما أعلنت الحكومة الأسترالية عن احترامها للرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية التي أشارت فيه إلى عدم شرعيّة وقانونيّة الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقيّة ودعت إسرائيل إلى إنهاء هذا الاحتلال بدون تأخير.
إلا أن هذه المواقف لم تصل إلى درجة إعلان أستراليا عن ضرورة وقف دائم لإطلاق النار، إضافة إلى موقفها بأن لإِسرائيل حق الدفاع عن النفس وضرورة القضاء كلياً على حركة حماس بشكل كامل باعتبارها «منظمة إرهابية»، كما لا تزال تمتنع عن فرض عقوبات على إسرائيل.
أما فيما يتعلق بالشق الثاني من السؤال، فلقد تراوحت مواقف الأحزاب الأخرى مما يجري في قطاع غزة وخاصة حزبي الخضر والتحالف، حيث انحاز الحزب الليبرالي بقيادة «بيتر داتون» إلى إسرائيل خلال الحرب في قطاع غزة والقضاء التام على حركة حماس، وتأييد إسرائيل في كل خطواتها ورفض أية اقتراحات تتعلق بمعاقبة إسرائيل. كما ربط موضوع الاعتراف بالدولة الفلسطينية بإصلاحات جذرية تقوم بها السلطة الفلسطينية، معتبراً أن الوقت غير ملائم حالياً للاعتراف بدولة فلسطين، وقام بزيارة تأييد ودعم لإسرائيل مؤخراً، واعتبر المظاهرات المؤيدة للشعب الفلسطيني في أستراليا واعتصام الطلاب في الجامعات معاداة للسامية ويجب معاقبة منظميها. كما أدان قدوم بعض الوافدين من قطاع غزة معتبرا أنه لم تؤخذ إجراءات أمنية كافية لضمان ألا يكون هؤلاء من المتعاطفين مع حركة حماس.
تميز موقف حزب الخضر بالتأييد الكامل للشعب الفلسطيني في غزة واعتبار ما يجري إبادة جماعية، مديناً المجازر التي ترتكبها إسرائيل في غزة، معلناً دعمه للدولة الفلسطينية، كما دعى إلى فرض عقوبات شاملة وفورية على إسرائيل وشارك في معظم المظاهرات المؤيدة لفلسطين، وأعلن عن دعمه للإجراءات المؤقتة التي اتخذتها محكمة الجنايات الدولية بخصوص الإبادة الجماعية في غزة.

سعادة السفير: ماهي الأعمال التي قمتم بها لاستقطاب الدعم للقضيّة الفلسطينيّة؟
الاجتماع مع وزيرة خارجية أستراليا أكثر من مرة، ومع عدد كبير من البرلمانيين الاستراليين لشرح الموقف الفلسطيني وحرب الإبادة في قطاع غزة، ومع المستشار السياسي لرئيس الوزراء ووضعه في صورة آخر التطورات في الحرب على قطاع غزة، و مع البرلمانيين الاستراليين من مختلف الأطياف السياسية، تنظيم العديد من الاجتماعات مع ممثلي المجتمع المدني في أستراليا وخاصة المنظمات غير الحكومية ومنظمات حقوق الإنسان والنقابات العمالية وغيرها ودعوتهم لمساعدة الفلسطينيين، بالإضافة لاجتماعات مع ممثلي الجاليات الإسلامية والعربية والفلسطينية والمشاركة في نشاطاتها المختلفة لدعم أهلنا في غزة.
بالإضافة لتقديم العديد من الخدمات للقادمين الجدد من غزة، وتقديم تلخيص سياسي مكثف لكافة المجموعات الدبلوماسية في كانبرا، والمشاركة في العديد من الندوات حول فلسطين، بالإضافة لمشاركتي في مقابلات صحفية دعوت من خلالها إلى ادانة العدوان الاسرائيلي على غزة، والاعتراف بدولة فلسطين. كما أعدت ونفذت البعثة العامة لفلسطين نشاطات إعلامية مكثفة، وأصدرت بيانات صحفية لدعم أهلنا في غزة، وإثارة الوعي لدى الأستراليين حول الإبادة الجماعية في غزة وتم توزيعها لتشمل أكبر شريحة ممكنة.

الدكتور عزت عبد الهادي: ماهي خططكم المستقبليّة فيما يتعلق بأهلنا في فلسطين؟
العمل مع الحكومة الأسترالية وحثها على الاعتراف الفوري بدولة فلسطين، ومن أجل الضغط على حكومة إسرائيل لوقف عدوانها على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس، والانسحاب الكامل منها وتمكين الحكومة الفلسطينية من توحيد المؤسسات الفلسطينية في الضفة والقطاع.
العمل مع الحكومة الأٍسترالية لتبني وتنفيذ مكونات الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية بخصوص فرض عقوبات على دولة الاحتلال لإنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية المحتلة، ودعمها للعضوية الكاملة لفلسطين والاستمرار في التصويت إيجابياً لصالح القرارات الفلسطينية في الأمم المتحدة.
مساعدة وتمكين الحكومة الفلسطينية على إعادة إعمار قطاع غزة وتثبيت الحكم الفلسطيني فيها.
العمل مع الجاليات الإسلامية والعربية والفلسطينية ومجموعات التضامن مع الشعب الفلسطيني ومجموعات البعثات الدبلوماسية على استمرارية ومأسسة دعمها لفلسطين من خلال استمرارها في النشاطات الهادفة لمناصرة الحقوق الوطنية الفلسطينية ولإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين وضمان حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير في دولته المستقلة.
الاستمرار في تقديم الخدمات القنصلية الفعالة للجالية الفلسطينية في أستراليا، وتبني وتنفيذ استراتيجية إعلامية فعالة للتعريف بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني.
الاستمرار في عقد الاجتماعات مع أعضاء البرلمان الأسترالي واللجان البرلمانية المختلفة و لجنة الخارجية والأمن والتجارة في البرلمان الفيدرالي، والاستمرار في إصدار البيانات السياسية حول آخر التطورات في فلسطين وتوزيعها على كافة الأطراف المؤثرة.
الاحتفال باليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني بتاريخ 29/11/2024 في كافة المقاطعات الأسترالية.

برأيكم سعادة السفير: ماهي نقاط القوة والفرص المتاحة؟
دعم شعبي أسترالي كبير للحقوق الوطنية الفلسطينية بحسب أربع استطلاعات للرأي، فإن أكثر من 65% من الجمهور الأسترالي يؤيد قيام دولة فلسطين.
تطور ونمو دعم الحركات القاعدية ومنظمات المجتمع المدني ومنظمات الجاليات الإسلامية والعربية والفلسطينية تجاه الحقوق الفلسطينية والتأثير بالسياسة العامة لأستراليا.
تطور الموقف السياسي الأسترالي تجاه الحقوق الفلسطينية، وخاصة في ظل فوز حزب العمال في الانتخابات البرلمانية.
تأييد المجموعات الدبلوماسية الإقليمية في كانبرا للبعثة العامة لفلسطين وللحقوق الفلسطينية وانخراطها في حوار مثمر مع الحكومة الأٍسترالية حول الحقوق الوطنية الفلسطينية.
قرارات محكمة العدل الدولية في التحقيق بارتكاب إسرائيل لجريمة الإبادة الجماعية، وباعتبار الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين غير قانوني ويجب إنهاءه فورا. بالإضافة لتأثير الدول الآسيوية المجاورة على مواقف الحكومة الأسترالية وخاصة إندونيسيا وماليزيا المؤيدتان للحقوق الوطنية الفلسطينية.
دعم قواعد حزب العمال وأعضاء حزب العمال في البرلمان الفدرالي للحقوق الفلسطينية، بالإضافة لدعم منظمات المجتمع المدني الأسترالي للحقوق الفلسطينية.

أخيراً: هل كانت هناك أية معوّقات تقف ضد دعم القضيّة الفلسطينيّة؟ وماهي التحديات والعوائق التي واجهتكم وتواجهكم؟
بالطبع هناك العديد من التحديات والمعوقات أمام الدعم المستمر والمنتظم للقضية الفلسطينية ولكن هناك أيضا الكثير من الفرص لتعزيز الحقوق الوطنية الفلسطينية.
تماهي السياسة الأسترالية مع السياسة الخارجية الأمريكية تجاه فلسطين والتنسيق المستمر معها، والعلاقات المتميزة، تاريخياً، سياسياً وأيدولوجياً بين أستراليا وإسرائيل. إلا أنه تجدر الإشارة الى أن هناك توجّهاً لدى حزب العمال بالانفتاح أكثر على دول جنوب شرق آسيا بشكل عام لإيجاد حلٍ دائم وشامل للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي.
تأثير الكتلة اليمينية في حزب العمال على السياسة الخارجية الأٍسترالية فيما يتعلق بفلسطين، وتأثيرالمعارضة الأسترالية بقيادة الحزب الليبرالي المحافظ على السياسة الخارجية الأسترالية، وتأييده المطلق لإسرائيل، بالإضافة لتأثير مجموعات الضغط المؤيدة لإسرائيل على صنع القرار الأسترالي فيما يتعلق بالحقوق الفلسطينية.
بالإضافة إلى أنّ التنسيق والتشبيك والتعاون بين مكونات الجاليات الإسلامية والعربية والفلسطينية ليست بالشكل المطلوب مع غياب رؤية موحدة واستراتيجيات واضحة للعمل الدعاوي. وضعف الإمكانيات البشرية والمالية للبعثة العامة لفلسطين مما يشكل عائقاً في طريق تحقيقها لأكبر تأثير سياسي في أستراليا.

الإعلامية ريم ديب
ملبورن