أنطوان القزي

لستٌ أدري كيف يجد الذين يزعمون أنهم القيّمون على الوطن متسعاً من الوقت لمهاجمة الفينيقيين وأحفادهم !!.. وكأن الهوَس من الفينيقيين بات علاجاً للذين يعانون من أكثر من مركّب نقص.
ولستُ أدري كيف يستطيع مواطن لبناني ، مقيم أو مغترب، في زمن المسيرات والعدوان والدمار أن يعزف على وتر أكله الغبارمن زمن الحروب اللبنانية العقيمة.. فلن يفيد بشيء شتم أدونيس وعستروت وأليسار، بل هي لعبة مناطحة الظلّ.
لا ادري ما الفائدة من «فلش» صفحات هذا القاموس.
يا جماعة الخير، وأنا على مقاعد الدراسة، كان الى يميني تلميذ سنّي، وأخر الى يساري كان شيعياً، وكنا ندرس معاً عن الفينيقي والفارسي والأشوري والفرعوني والعربي والعثماني إلى آخر الشعوب التي مرّت علينا.
وفي المرحلة الجامعية ، كان الدرزي الى يميني والفلسطيني الى يساري، وكنا ندرس معاً في ذات الكتاب وأمام ذات المدرّس، وكان الإحترام سيّد اللقاءات رغم الإنقسامات العميقة بيننا لأن الساحة الفكرية في لبنان كانت تتسع لكل العقائد والأفكار بكل احترام.
وكانوا يدرسّوننا تواريخ كل الشعوب الآنفة الذكر وصولاً الى التتار والمغول، من باب المعرفة والتثقّف والإطلاع وليس من باب استدراج الشتائم، ولم ينل أحد من هؤلاء من صخور نهر الكلب ولا من مرقد العنزة.
أذكر يوماً ،غداة حرب السنتين، كان احتفال في الصيفي في ذكرى تأسيس الكتائب وكان بين المتكلّمين على منبر المناسبة ناشر السفيرطلال سلمان الذي كان على طرف نقيض من حزب الكتائب، والذي تحدث بمنطق الفكر والرفعة والنقد الحرّ.
اليوم يشهد لبنان الإقامة والإغتراب هجمة على المسيحيين ربما بسبب موقف معظمهم المعارض للحرب ولما يحصل في الجنوب خارج ارادة الدولة، الأمر الذي لم يعجب الفريق الآخر الذي لم يشفِ غليله من شتم المسيحيين بل وسّع دائرة غيَّه باتجاه الفينيقيين !.
لقد تخطّى الزمن مقولة أنت فينيقي وأنا عربي ومنطق ذرّ الرمال في العيون، فنحن بكل طوائفنا ومذاهبنا ومشاربنا بتنا نحمل كل جنسيات العالم من القطب الى القطب ومن مشارق الأرض الى مغاربها، ولم ننزل الفينيقيين بعد عن ظهورنا ولم نشفَ من عقدتهم؟!.
يا شباب، «بدنا نروق»، أنا عتبي على المفكرين والمثقفين الذين ضاقت صدورهم ب» هالكم أرزة العاجقين الكون»؟!.
سقى الله زمن رفاق الدراسة سنّةً وشيعة ودروزاً.