أنطوان القزي
كأنّ ما يحصل اليوم من تهافت على الاسد والعودة الى سوريا من البوابة البعثية هو مكافأة للرئيس السوري بعد تنصّله من وحدة الساحات غداة عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر تشرين الأول الماضي.
فبطل الصمود والتصدي الذي نأى بنفسه عن مناصرة «حماس» بحجة جعمها أو تحالفها مع «داعش»، يشهد اليوم زحمة من الدول التي تطلب الودّ من دمشق؟.
فالأسبوع الماضي جرى احتفال في مطار الملك خالد الدولي باستئناف الرحلات التجارية بين الرياض ودمشق حضره السفير السوري في الرياض وعدد من المسؤولين السعوديين بمجال النقل الجوي (الصورة).
كشف السفير السوري لدى السعودية، الدكتور أيمن سوسان، عن وصول الرحلة الأولى للخطوط الجوية السورية إلى مطار الملك خالد الدولي، في العاصمة السعودية الرياض، الأربعاء، «إيذاناً باستئناف الرحلات الجوية بين البلدين بشكل مباشر».
وقد أخذت السعودية في الاعتبار القرارَ الصادر عن الاجتماع الوزاري لمجلس وزراء خارجية الدول العربية، الذي انعقد في القاهرة أيار مايو العام الماضي، وأفضى إلى استئناف مشاركة وفود سوريا في اجتماعات مجلس جامعة الدول العربية، وجميع المنظمات والأجهزة التابعة لها.
كما بات واضحاً أن تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق هو مطلب تركي ملح أكثر من كونه مطلباً ملحاً من جهة الأسد. فقد كرر الرئيس التركي إشاراته العلنية إلى هذه الرغبة ثلاث مرات في الأيام العشرة الأخيرة فقط، مقابل صمت مطبق من قبل نظام دمشق ووسائل إعلامه التي خلت من أي تجاوب مع اندفاع أردوغان باستثناء تصريح بشار الأسد حين التقى بالمبعوث الروسي في دمشق وقال فيه إنه منفتح على أي مبادرة على مسار تطبيع العلاقة مع أنقرة. الأمر الذي تم تفسيره من قبل الروس على أن النظام قد أسقط شرطه المسبق المعتاد بشأن وجوب خروج القوات التركية من الأراضي السورية ووقف تركيا دعمها للجماعات المسلحة في مناطق سيطرتها.
علماً أن تركيا تحتل عشرة في المئة من مساحة سوريا أي ضعفي مساحة لبنان.
وساعد الرئيس الروسي بوتين ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في ترتيب اجتماع محتمل بين الجانبين السوري والترك.
وتشهد المرحلة الحالية نوعاً من التنافس بين الدول المشار إليها على فتح قنوات الاتصال مع النظام أو تعزيز العلاقات الموجودة بالنسبة لحلفائه الروس والإيرانيين. وأبرز مظاهر هذا التنافس نراها في استمرار محاولات المجموعة العربية معه على خط مشروع «خطوة مقابل خطوة» الذي تبنته الجامعة العربية، والتهافت التركي على التطبيع الذي تتنافس على «اقتناص» تدشينه كل من أنقرة وبغداد وموسكو، وتذكير الإيرانيين الخالي من اللغة الدبلوماسية له بأن قدر سوريا هو البقاء في إطار محور المقاومة والممانعة المرفق باتفاقية إذعان لتحصيل ديون طهران على النظام التي تبلغ أكثر من خمسين مليار دولار يعمل الإيرانيون على فرضها على الأسد.
فهل يستطيع الأسد «دوزنة» علاقاته بين طهران والرياض؟.. خاصة بعدما سحب السعوديون البطاقة الحمراء من وجهه ، وما عاد المتهافتون عليه يسألون عن نصف شعبه اللاجئ والمهجّر في أكثر من عشرين دولة؟.
محظوظ بشّار؟!.