تمكّن من تقوية لغته الإنكليزية بعد انخراطه بالتخاطب مع الجنود الأميركيين في بيروت سنة 1959
الحاج خليل حراجلي من مواليد بنت جبيل سنة 1945، وكانت العائلة وبحكم عمل والده في الزراعة، تقيم في بلدة قَدَس التي أصبحت فيما بعد محتلة سنة 1948 ضمن القرى السبع التي احتلتها إسرائيل.
أقامت العائلة في بنت جبيل نحو أربع سنوات ثمّ انتقلت بعدها الى بيروت (برج حمود) بعدما تابع خليل سنتين في المدرسة الرسمية في بنت جبيل.
في برج حمود، إلتحق خليل بالمدرسة الوطنية وفيها أنهى المرحلة الإبتدائية. أما المرحلة التكميلية فأنهاها في مدرسة الكلية الحديثة اللبنانية في حدث بيروت، ليلتحق بعدها بمعهد سبلين المهني في منطقة إقليم الخروب، وهناك أمضى سنتين في القسم الداخلي وأنهى إختصاص (ميكانيك ديزل) سنة 1964.
عاد خليل الى برج حمود وبعد أقل من سنة سافر الى الكويت حيث كان له أقرباء، وفي الكويت عمل ستة أشهر في مجال ميكانيك السيارات قبل ان يعود الى لبنان.
وفي لبنان عمل في معمل كورتينا للمثلجات في الدكوانة في قسم الماكينات وأمضى هناك سنتين سافر بعدها الى ألمانيا على أمل ان يعمل فيها وأقام في مدينة إيسن القريبة من دسلدورف.
وأثناء إقامته في ألمانيا، قرأ إعلاناً في إحدى الصحف يقول ان الحكومة الاسترالية تطلب مهاجرين شباب. فتوجه الى مدينة كولن الألمانية وتقدم بطلب هجرة في القنصلية الاسترالية.
وكان الاعلان الاسترالي يلحظ ان الحكومة الاسترالية تتكفل بدفع تكاليف السفر لمن يتم قبوله.
يقول خليل: «سبق لي وتقدمت بطلب هجرة في سفارة استراليا في بيروت وسألوني إذا كان لديّ من يكفلني في استراليا، فقلت ليس لديّ أحد، فتم رفض طلبي».
أما في ألمانيا «فأجريت مقابلة وأتوا لي بترجمان تركي ليترجم لي من الألمانية الى الإنكليزية. وقلت للقنصل، أنا لا أتحدث الألمانية لكنني أتحدث الإنكليزية، عندذاك صرف القنصل المترجم التركي وحدّثني وجهاً لوجه.
بعد المقابلة أرسلني للفحص الطبي، ثم غادرت الى لبنان، وبعد فترة صدر الفحص واتصلوا بي من السفارة الاسترالية في بيروت واستدعوني وأعطوني التأشيرة.
وبعد نوم ليلة في أثينا، توجهنا الى سيدني، التي وصلت اليها على متن طائرة لوفتهانزا الألمانية في 23 حزيران/ يونيو 1969 ولا أعرف أحداً فيها، وفي الطائرة تعرفت الى محمد سليم من يارون وكان قادماً الى استراليا ولديه فيها أقارب.
لدى وصولي اي سيدني، ذهبت مع أقرباء محمد الى أرنكليف وسكنت لديهم أولاً، ثم إستأجرت غرفة خاصة في روكدايل.
أول يوم إثنين، بدأت التفتيش عن عمل وعثرت على عمل بسرعة لأنني كنت أتحدث الإنكليزية.
عملت في إحدى الفبارك في سيدنهام لمدة أسبوع فقط بسبب دخول نثرة حديد في عيني.
بعد أيام عدت الى العمل وأعطيتهم إشعاراً بمغادرتي، لأنني كنت وجدت عملاً آخر في فبركة أخرى في آرنكليف وبقيت فيها سنة.
في هذا الوقت كنت أساعد المهاجرين الجدد في الترجمة لدى الأطباء. و تعرفت على شاب إسمه ماجد عبد الله من شمال لبنان وعن طريقه دخلت الى مجلس مساعدة المهاجرين وهو عمل تطوعي. وإتسعت دائرة معارفنا في الجالية.
ثم انتقلت الى قطاع سكة حديد، ثم الى معمل المثلجات (البوظة) في توريلا.
ثم توظفت في وزارة الصحة سنة 1975 مرشداً صحياً في قسم التعددية، وبقيت هناك 40 سنة إبتدأت في روكدايل لمدة 25 سنة في كوميونيتي هيلث سنتر وانتهت في مستشفى سانت جورج (15 سنة) حتى سنة 2015.
في هذه الفترة عملنا على تأسيس رابطة أبناء الجنوب سنة 1974 ومن أهدافها مساعدة المهاجرين الجدد والتواصل مع الوطن.
وبسبب الحرب في لبنان، كان أول ما قامت به الرابطة الإتصال بوزير الهجرة مايكل ماكيلار لجلب الاطفال اللبنانيين من عند أقربائهم لأنه لم يكن يوجد مراكز حضانة للاطفال في استراليا وكان الاهل يرسلون أطفالهم الى ذويهم في لبنان للاهتمام بهم.
وأرسلت الرابطة شخصاً الى لبنان يشرف على جمع الاطفال والعودة بهم الى استراليا عن طريق سوريا (35 طفلاً). ودعونا وسائل الإعلام الى المطار لتصوير الاطفال حيث شكر أهلهم الحكومة على هذه المساعدة.
ونظراً للنجاحات التي سجلتها الرابطة تفتحت العيون عليها من الأحزاب السياسية في الجالية.
وكنّا قلنا للمسؤولين الاستراليين، ان الجالية اللبنانية ترسل 5 مليون دولار لأطفالها، لماذا لا يكون هؤلاء الاطفال في استراليا.
ومن نشاطات المجلس، الطلب بجلب مزيد من اللبنانيين المتأثرين بالحرب الأهلية. ووافقت الحكومة على ذلك بعد تقديم الطلبات الى دائرة الهجرة في سيدني. وأرسلنا سبعة أشخاص الى لبنان للاتصال بالذين لديهم طلبات والإتيان بهم الى قبرص، وكان على صاحب كل طلب أن يدفع مئة دولار تكاليف ذهاب هؤلاء الأشخاص الى لبنان.
وذهب المعنيون بالبواخر الى قبرص.
كذلك ذهبتُ انا الى قبرص كمنسق للعملية، كان ذلك سنة 1976 وكان معي رسالة من الصليب الأحمر الاسترالي الى الصليب الأحمر القبرصي للإهتمام بالمهاجرين.
بدوره، أرشدَنا الصليب الأحمر القبرصي الى فنادق فارغة خارج المدينة مقابل ليرة قبرصية واحدة عن كل ليلة، وكان عدد أصحاب الطلبات بين 300 -400 شخص.
وفي أحد الأيام تأخرت إحدى البواخر يوماً وطلبنا من القنصلية الاسترالية تمديد دوام المقابلات وتجاوبت معنا وإنتهت هذه المقابلات عند منتصف الليل.
كان الناس يتوجهون من الفنادق الى نيقوسيا بالباص لإجراء المقابلات، وبعد شهر عُدتُ الى استراليا، ليتوجه بدلاً عني الى قبرص ماجد عبد الله.
وكان الشخص الذي يتم قبوله نوصله الى المطار على حساب الكفيل كي يتوجه الى سيدني».
ولقاء ذلك حصل خليل حراجلي على ميدالية من الملكة إليزابيث نظراً لمساعدة المهاجرين.
بعد نجاح عملية جلب المهاجرين، بدأ تدخل الأحزاب السياسية اللبنانية برابطة الجنوب، لكنهم فشلوا فيما بعد في إدارة الرابطة مما أدى الى حلها.
بعد ذلك أسسنا جمعية المغترب الجنوبي سنة 1980 مع نبيل بيضون (بنت جبيل) ومنير بحسون (صور).
ومن أهم الإنجازات التي حققتها الجمعية الإنفتاح على المؤسسات المحلية واللبنانية. في هذا الوقت نشأت جمعيات أهلية كثيرة مثل جمعيات عيترون وبرعشيت وبنت جبيل ومارون الراس. وتعاونّا مع هذه الجمعيات وشكلنا معاً إتحاد الجمعيات اللبنانية في منطقة السانت جورج التي كانت تضم: عيناثا، بنت جبيل، برعشيت، المغترب الجنوبي، عيترون وإتحاد شباب الجنوب. وكان لدى الإتحاد مكتب للخدمات الاجتماعية مع موظف لهذه الغاية إستمر 15 سنة.
وكذلك تم إنشاء نادي للشبيبة يضم لعبة البلياردو والتنس بين الرابعة والثامنة بعد ظهر كل يوم, يشرف عليه شخص من الهيئة الإدارية وكان عدد الذين يرودون النادي بين 40 و50 شخصاً.
سنة 2015 إستقال خليل حراجلي من إتحاد الجمعيات في منطقة السانت جورج ثم حُلّ الإتحاد.
اللغة الإنكليزية
يقول خليل أنه ككل التلاميذ تعلم اللغة الانكليزية في المدرسة، لكن الفضل في تقوية الانكليزية لديه هو احتكاكه برجال المارينز الأميركيين الذين جاؤوا الى لبنان سنة 1958 وأقاموا مخيماً في منطقة الدورة وبحكم قرب هذا المخيم من برج حمود حيث كان يقطن خليل حراجلي، كان يقصد المخيم معظم الأيام ويبيع سلعاً مختلفة للجنود الأميركيين وكان يتبادل الأحاديث معهم مما مكّنه من تقوية لغته الإنكليزية التي كان درسها أثناء دراسته في المدرسة والتي أفادته لدى سفره الى أستراليا.
مجلس الجالية
كان خليل حراجلي من مؤسسي مجلس الجالية اللبنانية سنة 1983، قبيل ذلك كانت توجد إستقرار المهاجرين اللبنانيين المكلّفة من وزير الهجرة العمل على إستقرار المهاجرين الجدد. وكانت اللجنة تجتمع في مكتب مدير دائرة الهجرة، «وكنّا أنا والأب نقولا منصور وإدوار عبيد ونايف رسلان. وبعد عمل متواصل دعت اللجنة الى مؤتمر نوفارو لبحث خطة عمل موحّدة للجالية اللبنانية، وكان المؤتمر لمدة ثلاثة أيام في أواسط الثمانينات إنبثق عنه تأسيس مجلس الجالية اللبنانية. وأول رئيس للمجلس كان الأب نقولا منصور ثم جورج خوري، ثم توالى كل من عمر ياسين وحسين هوشر وجمال سلامة ومصطفى علم الدين وعلي بزي وعدنان مرعي وعلي كرنيب».
عن مجلس الجالية اللبنانية إنبثق اللقاء الإسلامي المسيحي الذي إلتقى عدة مرات، ثم المؤتمر الروحي التي عُقِد في الويستيلا. وكان المجلس يعمل مع المؤسسات الأخرى على مساعدة المهاجرين.
وفي السنوات الأخيرة لم يكن هناك أي نشاط لمجلس الجالية اللبنانية.
بطاقة:
تزوج خليل حراجلي سنة 1970 من كاملة عيسى من المالكية (القرى السبع).
لديه خمسة أولاد: صبيان وثلاث بنات، هم: أديب ونسرين وكريستين ومحمد وأميرة.
سنة 1972 حصل على جائزة من الملكة إليزابيث، وأنهى جوائزه سنة 2022 بجائزة من بلدية باي سايد.
وهو حاصل على عشرات الدروع والجوائز والشهادات التقديرية.
هو من مؤسسي المجلس الاسترالي العربي في الثمانينات.
وهو من مؤسسي مركز موارد المهاجرين في منطقة السانت جورج الذي ترأسه لفترة، مع ترؤسه إتحاد الجمعيات وجمعية المغترب الجنوبي.
لم يدخل خليل حراجلي في أي حزب سياسي أو جمعية دينية بل كان داعماً ومنسقاً لمعظم المؤسسات التي عمل فيها.