تواصل القتال في اليوم الـ33 للحرب على قطاع غزة في جميع المحاور التي تقدم فيها الجيش الإسرائيلي نحو مدينة غزة. وفيما احتدمت المعارك وسط مراوحة الجيش الإسرائيلي مكانه، بدأ ينضج اتفاق هدنة إنسانية تُطلق خلاله «كتائب القسّام» ما بين 10 و15 رهينة أجنبية.
وركّز الجيش الإسرائيلي في الساعات الماضية على قتل مسلحي «حماس» عبر غارات شنتها طائرات مسيّرة، وعبر تدمير آبار وأنفاق قتالية في محيط مدينة غزة. لكن الجنود الإسرائيليين لم يصلوا بعد إلى شبكة الأنفاق الرئيسية لـ«حماس» والتي يُعتقد أنها على عمق غير معروف أسفل المدينة.
وقال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي دانييل هاغاري إن قوات الجيش قتلت رئيس وحدة الصناعات والوسائل القتالية التابعة لـ«حماس» محسن أبو زينة الذي «كان أحد العناصر التي قادت صناعة الوسائل القتالية الاستراتيجية والصاروخية». وأشار إلى أن الإسرائيليين هاجموا من الجو خلية لـ«القسام» خططت لإطلاق صواريخ مضادة للدروع، كما هاجمت كذلك مجموعة أخرى مسؤولة عن إطلاق قذائف صاروخية.
وأكد هاغاري أن قواته تواصل توجيه الطائرات لمهاجمة البنى التحتية التابعة لـ«حماس».
وجاء التركيز على استخدام الطائرات المسيّرة في مهاجمة مقاتلي «كتائب القسام»، في وقت أكدت فيه هيئة البث الإسرائيلية أن إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة شراء 200 مسيّرة انتحارية من طراز «سويتش بليد 600».
وأعلن الناطق العسكري الإسرائيلي كذلك استمرار جنود الهندسة في تحديد مواقع الأنفاق وكشفها وتفجيرها. وقال إنه تم تدمير 130 نفقاً لـ«حماس» في إطار عمليات القوات البرية في قطاع غزة منذ بداية القتال.
ويتحدث هاغاري عن أنفاق وآبار هجومية في محيط مدينة غزة، تشكل خط الدفاع الأول لـ«القسام». لكن مدينة الأنفاق التي يخطط الجيش للوصول إليها هي مسألة ثانية موجودة على عمق غير معروف في قلب مدينة غزة المحاصرة.
وتحاصر القوات الإسرائيلية مدينة غزة (نحو 74 كلم) من الشمال والجنوب، وتقطع عن السكان الذين كان يقدر عددهم قبل الحرب بنحو 650 ألفاً، الكهرباء والوقود والماء، في محاولة لإجبار السكان على النزوح نحو الجنوب عبر ممر يفتح يومياً لمدة 4 ساعات.
وأعلنت سلطات «حماس» مدينة غزة «منطقة منكوبة، جراء الإبادة الجماعية والتطهير العرقي الذي يمارسه الاحتلال بالقتل والقصف والمجازر، من جهة، ومن جهة أخرى من تداعيات حرب التجويع والعقاب الجماعي وإطباق الحصار تماماً بمنع كل الإمدادات الأساسية».
وتستهدف إسرائيل مدينة غزة بشكل أساسي باعتبار أنها مركز حكم «حماس»، وتحاول التوغل إلى قلب المدينة، لكن محاولات جيشها هذه راوحت مكانها (حتى مساء الأربعاء) في ظل مقاومة شرسة.
وأعلن الناطق باسم «كتائب القسام» أبو عبيدة أن قوات النخبة في «القسام» تشتبك مع الجيش الإسرائيلي المدجج بالدبابات والآليات والمدعوم جواً وبحراً بطريقة تسمح له باحتلال دولة كبيرة مترامية الأطراف، في كل محاور القتال وتكبده خسائر.
وأعلن أبو عبيدة أن قوات «القسام» تلتف حول القوات الإسرائيلية التي تتجنب مواجهتهم مباشرة، مشيراً إلى تدمير 136 دبابة وآلية بشكل كلي أو جزئي منذ بدء القتال.
وكانت «كتائب القسام» أعلنت، الأربعاء، تدمير 16 دبابة وآلية إسرائيلية، بقذائف «الياسين»، وقالت إنها قنصت جنديّاً واستهدفت تجمعات للجنود، في مناطق مفتوحة أو متحصنة في أبنية، بما في ذلك استهدافهم بمضادات دروع وصواريخ موجهة من طراز «كونكورس».
وبثّت «القسام» فيديو يظهر كيف يهاجم المقاتلون مواقع الجنود ودباباتهم من مسافات قصيرة ويشتبكون معهم في قتال شوارع معقد.
وأكدت إسرائيل، الأربعاء، مقتل المزيد من جنودها ليرتفع العدد منذ بداية الحرب البرية إلى 34 جندياً.
وجاء «حصاد الإنجازات» من قبل الجيش الإسرائيلي و«القسام» في وقت تحاول فيه الإدارة الأميركية بمساعدة كل من مصر وقطر التوصل إلى اتفاق هدنة إنسانية يتم خلالها إطلاق سراح رهائن أجانب.
وطلب الرئيس الأميركي جو بايدن من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وقفاً مؤقتاً للقتال لأسباب إنسانية في ظل احتمال إطلاق سراح الرهائن.
وقالت تقارير مختلفة، بما فيها إسرائيلية، إن اتصالات أميركية قطرية مصرية قد تفضي لهدنة إنسانية يتم خلالها إطلاق سراح ما بين 10 و15 أسيراً تحتجزهم «حماس» في قطاع غزة. وتطرق أبو عبيدة لهذا الملف، قائلاً إن إسرائيل هي التي تفشل إطلاق سراح أجانب. وأضاف: «العدو يرفض تهيئة الظروف للإفراج عنهم بل يعرض حياتهم وحياة أسراه إلى خطر داهم كل ساعة وكل يوم، وقد أفشل منذ أيام عملية الإفراج عن 12 من حملة الجنسيات الأجنبية».
وحول الأسرى الإسرائيليين الذين يُقدر عددهم بنحو 240، قال أبو عبيدة: «إن المسار الوحيد والواضح لهذه القضية هو صفقة لتبادل الأسرى بشكل كامل أو مجزأ، فلدينا أسيرات في السجون وللاحتلال أسيرات من النساء لدينا، ولدينا أسرى مدنيون ومرضى وكبار في سجون العدو، وله عندنا أسرى من ذات الفئات، ولدينا مقاتلون ومقاومون في سجون الاحتلال وللعدو عندنا جنود مقاتلون أسرى، فإما عملية شاملة (الكل مقابل الكل) وإما التبادل فئة مقابل فئة».
ومع تواصل القتال البري، واصل الطيران الإسرائيلي قصف مناطق واسعة في قطاع غزة، مخلفاً المزيد من الضحايا، غالبتيهم من الأطفال والنساء.
وشن الطيران الإسرائيلي غارات على أماكن مأهولة بالسكان في مخيم جباليا شمالي القطاع، وفي حي الشجاعية شرقي مدينة غزة، وبلدة بني سهيلا شرقي خان يونس، ومخيم الشاطئ غربي مدينة غزة، ومخيم النصيرات وسط قطاع غزة، وسط حركة نزوح واسعة للسكان نحو الجزء الجنوبي من قطاع غزة.