أنطوان القزي
نحن نعرف أن الفنانين يرحلون بعدما يتعاقبون على الشاشة جيلاً بعد جيل، لكن تلفزيون لبنان رحل عن 64 عاماً متمماً واجباته الدنيوية ابتداء من الأسود والأبيض ,ألوان «سيكام» و»بال» وصولاً الة الألوان الطبيعية.
في منتضف الستينات ، كنا نتجشّم السير في الليالي لندرك أول تلفزين من قلاثة فقط كانت في بلدتنا لنشاهد صندوق الفرجة ودعيبس ومنتورة وبونانزا وعيرها مروراً ب»يسعد مساكم» مع أبو ملحم قم مع أبو سليم الطبل وغوّار الطوشي ودماء في الصحراء ، وصولاً الى أخوت شاناي والدنيا هيك وعشرة عبيد زغار في السبعينات ولا أفشي سرّاً إذا قلت أن زمن الأبيض والأسود كان زمن الفرح والبحبوحة وليس زمن الألوان الكاملة..
الأسبوع الماضي، علّق وزير الإعلام اللبناني زياد المكاري ورقة سوداء على مدخل مبنى شركة التلفزيون ينعي فيها تلفزيون لبنان عن 64 عاماً قضاها في «شَيل الهم» عن صدور اللبنانيين وتسليتهم والترفيه عنهم.
في ال»ويك أند» الماضي لم يشعر الكثير من اللبنانيين بغياب تلفزيونهم الوطني لأنه كان يحتضر منذ أكثر من عشرين عاماً؟.
ويوم الجمعة الماضي 11 آب أغسطس فرأنا ما يلي: «لم يصمد تلفزيون لبنان أكثر من ما صمده مع الأزمة الإقتصادية والسياسية الراهنة، فانطفأت أنواره هذا الصباح
وقرر وزير الاعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد مكاري، إقفال تلفزيون لبنان، صباح اليوم الجمعة، بسبب المشاكل التي يعاني منها التلفزيون منذ مدة منها الرواتب، ورفض موظفي التلفزيون الاستمرار بعملهم.
وللأسف، نكون اليوم أمام إقفال أرشيف التاريخ اللبناني والإعلام الرسمي لبلدنا، نتيجة تراكمات من الإهمال والفساد السياسي.
ويُعتبر تلفزيون لبنان أول تلفزيون في الشرق الاوسط واحتفل في 28 أيار2009 باليوبيل الذهبي، حيث مضى على تأسيسه خمسون عاماً.
وانشئت أول محطة تلفزيونية في لبنان عام 1959 باسم «شركة التلفزيون اللبنانية « في المبنى القائم اليوم في تلة الخياط في بيروت، وقد وضع حجر الاساس له عام 1957 رئيس الجمهورية اللبنانية في ذلك الحين كميل شمعون في حضور رئيس الحكومة آنذاك سامي الصلح. وكانت الشركة مملوكة أسهمها بالكامل من القطاع الخاص.
بعد صدور قانون الاعلام المرئي والمسموع الرقم 382/94 واثر الترخيص لعدد من المحطات الخاصة،
باتت المنافسة شديدة على تلفزيون لبنان، وإثر ذلك شحّت مداخيله الاعلانية الى الحدود الدنيا، فتعرض للكثير من المعاناة، إلى أن تم اقفاله في آخر شباط من العام 2001 وصرف جميع مستخدميه الذين فاقوا الخمسمئة والخمسين مستخدماً بقرار من مجلس الوزراء، على ان يعاد تنظيمه من جديد خلال ثلاثة أشهر، ووضع حد للخسائر التي مني بها جراء الظروف الصعبة للدولة وقلة الموارد الاعلانية التي توزعت على نحو ثماني محطات ..
مرّت 22 سنة ولم تنتهِ الثلاثة أشهر.
رحمه الله، عاش عصره الذهبي بالأبيض والأسود ورحل في زمن الألوان التي شرذمت اللبنانيين؟!.
وما زال الوزير المكاري يقول:» لن يقفل التلفزيون على أيامي»؟.