جوسلين شربل بدوي_سدني
يتهمونها بالجنون، فهل تركتم انساناً عاقلاً من جراء تصرفاتكم التعسفية و الكيدية يا دولة الفساد؟ فقد جننتم شعباً بأكمله.
يعيش اللبناني في يومنا هذا أسوأ حياة في العالم، حياته أصبحت غير طبيعية، الحزن زاد و اليأس عمّ في مجتمعاتنا، فكلنا بقينا نتعكز على بعض. أصبتم المجتمع اللبناني بالاكتئاب الجماعي لدرجة أصبح اللبناني لا يستغني عن عقاقير تهدئة الاعصاب، صار يمشي وحيداً و يكلم نفسه، و هو ينعي حاله عما جرى له, كما ارتفعت نسب الانتحار. كل هذا من جراء سرقاتكم له يا دولة النصابين.
يتهمونها بانها تتصرف من دون صلاحيات يا دولة تصريف الاعمال، و هل لديكم صلاحيات لعقد جلسات نيابية و وزارية على كيفكم خلال الفراغ الرئاسي؟
يتهمونها بأنها تخالف القانون، و انتم ألا تخالفون القانون في عدم دعوتكم لجلسة انتخاب رئيساً للجمهورية؟
يتهمونها بالتدخل غير القانوني، ألم يكن تدخلكم في القضاء غير قانوني؟ عندما تطلبون من القضاء عدم تنفيذ طلبات قاضية تطالب بالتحقيق بفساد مصارف مشكوكاً بأمرها. مما أثار استنكار عالي اللهجة من قبل نادي القضاة.
يتهمونها بالتعدي و التطاول على المصارف و هل هذه المصارف مظلومة، لم تتطاول و تتعدى على حقوق المودعين؟ ما فعلته المصارف اللبنانية بالمودع لم يحصل بأي بلد في العالم. و هل حجز الودائع قانوني؟
يتهمونها بانها تعمل على تدمير ما تبقى من القطاع المصرفي، و أنتم ماذا فعلتم لإعادة الثقة الى المصارف و تعزيز دورها؟
يتهمونها بانها تستنجد بالخارج لاسترداد حقوق المودعين، و انتم في الداخل ايها المسؤولون و السياسيون ماذا فعلتم للحفاظ على اموال المودعين؟ لا بل بالعكس تخططون لشطب الودائع.
يتهمونها عندما تطالب باسترجاع الاموال المحولة و المهربة الى الخارج و اعادتها الى المصارف اللبنانية انها عملية لا جدوى منها، من المؤكد ان هذه الخطة لا تناسبكم بتاتاً لان الاموال التي تحولت الى المصارف الاوروبية هي اموالكم يا حضرات السياسيين الفاسدين. فأنتم السبب الأساسي للأزمة المصرفية و انتم من أفرغتم المصارف من السيولة، و بسببكم حجزت اموال المودعين .أكبر مثال على ذلك، من فعالية العمل على استرجاع الاموال المهربة، العمل الجبار و الشريف للقضاة الجزائريين بدعم من الحكومة، و اصرار من الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون. في ٢٢ كانون الأول ٢٠٢٢ اي منذ حوالي شهرين و نصف، تم استرجاع ما يساوي نحو 20 مليار دولار من الأموال المهربة خارج الجزائر، و التي حصل عليها رجال أعمال و سياسيين بطرق مشبوهة. أموال ضخمة تم تهريبها خلال فترة امتدت من 10 إلى 12 سنة، استرجعتها دولة الجزائر بواسطة القضاء الجزائري و بالتعاون مع الدول الاوروبية، كما جرى سجن رئيسي وزراء، إضافة إلى وزراء وولاة ورجال أعمال، إثر تحقيقات في قضايا فساد.
نعم، يشكون من إمعان القاضية غادة عون في تجاوزها لصلاحياتها .محذّرين ممّا يترتب على مذكرتها إلى عدد من المصارف من تداعيات سلبية على القطاع المصرفي. ويزعمون ان التحقيقات في حال حدثت ستؤدي الى اقفال البنوك و تطيير الودائع. ما معناه انهم يؤكدوا بأنفسهم صحة الادعاء بالاتهامات الموجهة الى المصارف.
يا اصحاب الصلاحيات ماذا انجزتم حتى اليوم؟ تدافعون عن أنفسكم بانكم تعملون لتوفير الحلول للمودعين. ماذا فعلتم بعد اكثر من ثلاث سنوات من الازمة المصرفية الخانقة؟ ماذا حققتم من الاصلاحات المطلوبة من صندوق النقد الدولي لنشل لبنان من أزمته الحادة؟ لا شيء على الاطلاق! تراوغون، تخادعون، و تتهمون بعضكم البعض!
ثلاث سنوات من الفشل الكلي لادارة الازمة! لا بل بالعكس ما زالت الطبقة السياسية الفاسدة مسترسلة بامتصاص دماء المودع اللبناني، اذ تخطط لشطب الودائع و تحميل فشلها و سرقتها للمودع بهدف التهرب من مسؤولياتها و سرقاتها. بل هي مجرمة اكثر من “ دراكولا “ Dragula اذ انها تتلذذ برؤية مآسي و ذل المودعين امام ابواب المصارف. فهم لا يشعرون بعذاب و بقهر المودع لان اموالهم بخير. و البرهان على ذلك أننا لم نسمع اطلاقاً أي سياسي يشكو من حجز امواله.
يشكون من القاضية عون انها تتجاوز صلاحياتها القضائية وتسخرها لصالح حزب يوفر لها الغطاء السياسي. أما روابط المودعين فتتهم رئيس الوزراء ميقاتي بالتدخل في العمل القضائي لحماية المصارف، و يؤيدون القاضية عون إذ انها تقوم بواجبها في ملاحقة شبهات الفساد. المودع لا يهمه الى اي عائلة تنتسب القاضية، و لا الى اي حزب محسوبة، ولا الى أي طائفة تنتمي. ما يهمه اعادة جنى عمره المحجوز عنوةً منذ ثلاث سنوات و نصف في المصارف، و ان أتى القاضي من المريخ فهو معه.
مما لا ريب فيه ان السياسيين الفاسدين سيدافعون عن المصارف، و عن الحاكم المركزي لأن “دافنينو سوا” والسبب أوضح من شمس النهار و لا شك فيه. إذ يشكل عدد من السياسيين مساهمين رئيسيين في المصارف، حتى ان بعض المصارف مملوكة بشكل كامل من سياسيين. و المصارف التي خلت من السياسيين لبت مطالبهم مقابل حمايتهم. فالمصارف حولت اموال النافذين و السياسيين في البلد الى خارج لبنان قبل و بعد الثورة في ١٧ تشرين الاول ٢٠١٩ مما يشير إلى تضارب المصالح “Conflict of interest ” بين الطرفين. ما يجعل من غير الوارد أن يُقدم أي وزير أو نائب على أي خطوة ضد مصالح مصرف يملك أسهماً فيه. ان هذه حقيقة ما حدث بين القاضية عون و الميقاتي.
لا عجب على الهجوم على القاضية عون! وهي القاضية الوحيدة التي فضحت اسماء كبيرة. ولو كانوا ابرياء ونظيفي الكف فممن يخافون؟
ولاعجب على مهاجمتها، ألم يتصرفوا بالمثل مع القاضي البيطار في ملف التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، يطالبون بكف يدها كما كفوا يد البيطار.
أين هي التحقيقات في قضايا الفساد؟ أليست من مهام و واجبات القضاة؟ هل يعقل تحميل الخسائر للمودع لتتنصلوا من سرقتكم له؟ هل يعقل في ظل الفساد المستشري لم يحاكم فاسد واحد و ما أكثرهم، و لو تم القبض عليهم لامتلأت السجون.
لا ثقة في سياسيين فاسدين و لا حلول من منظومة طاغية، لا تطبيق لشرعة حقوق الانسان. لذلك الطريق الوحيد لخلاص لبنان و شعبه هو بتدخل الامم المتحدة.
اللعنة على طبقة سياسية فاسدة وسارقة انتهى تاريخ صلاحيتها!
ولكن لكل بداية نهاية و الاتي قريب فلا بدّ أن يدفع الظالم ثمن ظلمه!