بعدما بدا واضحاً أن قضية المطران موسى الحاج بدأت تسلك مسارها الى المعالجة من خلال الاتصالات والمشاورات واللقاءات الكثيفة التي شهدها في الأيام الأخيرة الصرح البطريركي في الديمان حرك «حزب الله» صقوره في ما عكس اتجاهاً تصعيدياً لديه من شأنه إثبات الشبهة حول تورطه أساساً في التعرض للمطران الحاج. ورسم الكلام المستهجن الذي أطلقه رئيس «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد متهماً ضمناً المطران الحاج بالتعامل مع إسرائيل مادة استفزازية من خلال تحديه من وصفهم «الشركاء» بالا «تنهض الطائفة لتدافع عن المتعامل» علامات استفهام عما جعل الحزب ينبري لتكليف صقوره بإعادة اشعال التوترات في هذا الملف. وثمة تقديرات لدى أوساط معنية بأن الحزب ساءه أن تتقدم وتيرة المشاورات بين فريق العهد والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي لمعالجة هذه القضية كما ساءه أن ترتد الإساءة الى المطران الحاج إلى من افتعلها بما أثار موجة التفاف عارمة حول البطريركية المارونية لم تقف عند حدود الطوائف المسيحية بل تمددت لإلى جهات مختلفة في الطوائف الأخرى . وسيكون يوم التضامن مع البطريركية اليوم في الديمان شاهداً على هذا الالتفاف.
وقد مضى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في تثبيت موقفه مما جرى مع المطران الحاج فأعلن أنّ «ما قام به المطران الحاج هو عمل إنسانيّ»، مضيفاً: «هناك لبنانيّون موجودون في الأراضي المقدسة ولهم دور وحضور ورسالة بمعزل عن السياسة الإسرائيلية اليهودية». وقال خلال حضوره في دير مار سركيس وباخوس في ريفون مدشناً معرضاً للمنتجات الزراعية اللبنانية من كل المناطق: «قالوا إننا عملاء لكننا لن نتخلى عن قلبنا من لحم ودم ونرفض القلب الحجر».
أما على الصعيد الرسمي فإن وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري خوري أعلن أمس غداة زيارته الديمان أنه «عرض مع البطريرك الماروني معطيات الملف الذي شغل لبنان أخيراً والمتعلق بقضية المطران موسى الحاج واستمع إلى المعلومات المتوافرة لدى صاحب الغبطة ومواقفه منها». وأكد في بيان أنّ «البطريرك والأساقفة من حوله هم مدرسة في الوطنية وهمهم الوحيد الحفاظ على لبنان وعلى كافة مكوناته الروحية». كما أشار إلى أنّ «الملف المذكور فتح الباب إلى ضرورة معالجة المشكلة الأصل»، كاشفًا عن أنه «بصدد إعادة تفعيل اللجنة الوزارية التي يرأسها والتي تتعلق بمعالجة اوضاع اللاجئين اللبنانيين إلى إسرائيل والتي من شأنها انشاء مكتب ارتباط مؤلف من قاضٍ من درجة عالية وممثل عن وزارة الدفاع وممثل عن الأمن العام تتلقى كافة طلبات العودة الى لبنان عن طريق مؤسسة الصليب الاحمر للموجودين في اسرائيل وعن طريق السفارات اللبنانية للموجودين في الدول الأخرى وتكون مهمة المكتب البت بهذه الطلبات اي قبولها او رفضها وفق آلية حددها مرسوم تنظيمي في هذا الخصوص».
على المستوى الشعبي توالى توجيه الدعوات الى التجمع الحاشد اليوم في الديمان. ودعت «الجبهة السيادية من أجل لبنان» جميع اللبنانيات واللبنانيين إلى التوجه الأحد (أمس) إلى المقر الصيفي للبطريركية المارونية في الديمان، دعمًا لبكركي ولمواقف البطريرك بعد التطاول على أسقف في الكنيسة والإهانة بحقه، على أن يكون الملقى في التاسعة والنصف صباحاً في ساحة الديمان والمشاركة في القداس الذي يرأسه البطريرك. وأضافت: «إن الجبهة التي أطلقت النداء من خلال مؤتمرها تعتبر أن يوم الأحد هو تحرك بديهي منعاً للتمادي من قبل قوى الاحتلال التي فاقت بوقاحتها سلوكيات كل الاحتلالات التي عرفها لبنان. لذا فإننا مدعوون جميعاً لنكون صوتًا واحدًا رافعين علم لبنان الجامع والموحّد لكل اللبنانيين خاصة وأن بكركي كانت وستبقى مرجعية وطنية على مساحة الوطن وعلى مسافة واحدة من جميع اللبنانيين تعمل لأجلهم كما هي رسالتها عبر مئات السنين».
وتحت شعار «على الديمان بوجه الطغيان»، دعا حزب الكتائب الحزبيين والأنصار واللبنانيين للمشاركة في القداس التضامني مع الصرح البطريركي، ومع المطران موسى الحاج ورفض الدولة البوليسية التي يحاول عدد من الفرقاء إحياءها. واشار النائب سليم الصايغ الى أنه «يجب أن يكون هناك زحف بشريّ إلى الديمان الأحد للمشاركة في قداس التضامن»، مشددا على أنه «لا يمكن التطاول بعد اليوم على المقدسات من قبل أشخاص يفبركون الملفات ويجب وأد الفتنة قبل أن تفلت الأمور».
وكان النائب محمد رعد قال خلال احتفال في بلدة عيتيت الجنوبية «ضروري أن يمتلك شركاؤنا مصداقية في سيرتهم ومواقفهم، فالتعامل مع العدو خيانة وطنية وجريمة والمتعامل لا يمثّل طائفة، ولكن ما بالنا إذا عوقب مرتكب بالعمالة فيصبح ممثلاً لكل الطائفة، وتنهض كل الطائفة من أجل أن تدافع عنه، فأي ازدواجية في هذا السلوك، ولكن بكل الأحوال علينا أن نتعلّم من الدروس، وأن نحفظ بلدنا ومواطنينا، لأنه لن يبقى لنا إلاّ شركاءنا في الوطن وإلاّ وطننا». واضاف: أن «أزمتنا التي نعيشها في لبنان على رغم صعوبتها وقعت من أجل تحقيق غاية، وهي نزع سلاحنا، وتخلينا وثنينا عن إرادة المقاومة وعن التزام خيار المقاومة».
كما أن رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله» هاشم صفي الدين، اعتبر في كلمة له أن «التطبيع خيانة والموقف في العام 1982 و1983 كان سلاحًا، أمّا بعدَ أربعين عامًا أصبح الموقف، مقاومة سلاح صواريخ حتى تحرير القدس الشّريف». وأضاف: «لبنان لم ولن يسقط أمام التهديدات الخارجية وسيبقى وطن العزّ والمقاومة ومنيعًا أمام كل المؤامرات التي تُحاك ضدّه». وتابع: «كلّ من راهن عام 1982 على أن تضيع فلسطين، وعلى أنّ يُدمّر لبنان ليسقط وينتهي ويَخضَع، نقول لهم كما سقطت رهاناتكم عام 1982 سوف تسقط رهاناتكم في العام 2021 و 2022».
ولفت إلى أنّ «لبنان لن يسقط ولن يخضع ولن يكون في ركب المُطبّعين وفي ركب المستسلمين».