رغدة السمان – سدني

بين الوعي واللاوعي
.. صَحت مٍن النَوم تهُمهم على غير عادتها متجهة إلى المطبخ لتضع ركوة القهوة على الغاز وقطعتين من الكعك الصباحي المعجون بالعسل والمطيب بنكهات توابل بلاد الشرق … أفكارها كعجلة تدور بأصوات، لا تلتقط تردد الموجة فتصدر أصواتا واشَّة مع صفير لا ينقطع و لا يتوقف … وكما يحلل كل قارئ ما يقرأه بمقدار استيعابه للمعنى المراد من أي مقال كان.وبين التفكير والكتابة وأمواج هذه الأزمات التي تتقاذفنا وتنثرنا هباءاً إذا أدركنا مانحن عليه من إستغباء لعقولنا ونسير مع الموجة معتقدين إنّ هذه الأصوات التي تصرخ ستسبب لنا الصمم في آذاننا يوما بعد يوم …ليتنا ندرك!! جلست على أريكتها المعتادة سكبت فنجان القهوة رشفت شاردة ويدها اليسرى على أزرار الكمبيوتر لتبدأ بأخبار «بلد العجائب والغرائب « وطنها الأم …مازالت تهمهم وتوتوت ممم الأشياء الصحيحة لن تحدث لك في هذا العالم إذ لم تفعل ماهو صحيح ..بدا خبر على الشاشة عدّل موجة الأفكار المسيطرة عليها ركزت نظرها الصوت مسموع جيدا إنه الممثل الشهير بقامته ووجه المبتسم مقطع من فيلمه الأخير دخل إلى المبنى بين حشد من الجماهير لاستقباله والتهليل والتصفيق شعب هذه المنطقةبسطاء طيبين يجيدون التصفيق ومجبرين على سماع القوانين الجديدة والمعدلة والعمل بها انها الديمقراطية الحاكمة . كانت القاعة ممتلئة بالقضاة والمحامين ورجال الدولة حفر اسم المبنى الفخم على قطعة نحاسية «المحكمة الدستورية العليا” وضع يده على كتاب بجانبه يحمل معتقده وفقاً لقانون البلد مؤدياّ قسم رئيس المحكمة الدستورية العليا:# أقسم بالله العظيم أن أحترم دستور البلاد وقوانينها ونظامها الجمهوري وأن أرعى مصالح الشعب# أعاد المخرج المشهد الأول عن طريق #فلاش باك لنفس الشخصية يؤدي قسماً آخر ..!! يا الهي لقد قسم على رئاسة البلاد ….!! تقول الكاتبة محدثة نفسها وقد أتت على آخر نقطةمن ركوة القهوة وآخر قطعة من صحن الكعك ! وفقاً لدستور هذا البلد فان الباب الثاني من الفصل الثاني من المادة 143 تقول: يؤدي قَسم رئيس المحكمة الدستورية العليا واعضاؤها أمام رئيس الجمهورية وبحضور رئيس مجلس الشعب قبل توليهم عملهم القَسم التالي: (اقسم بالله العظيم أن احترم دستور البلاد وقوانينها وأقوم بواجبي بتجرد وأمانة)… فيلم حمى الأساطير نرسيس من الأساطير الإغريقية تمثل انماط كثيرة من البشر لا حصر لعددهم بيننا…هذا النمط المتسلط لا يرى إلا نفسه منسلخ تماماً عن محيط المجتمع الذي يعيش فيه. هذا المشهد يشبه ( عريسا)ما دعا رجل دين وشهود ومعازيم وجلس مختالاً على «الأسكي” منفردا ً ،وفرقة تعزف وصنج يرن وطبّال يطبّل …وبدأت مراسم الاحتفال بالزواج وقال ‹الطاووس› للشيخ زوجني حالي …فوافق وتّمت المراسم وصفق الحضور وبارك المباركين وهنّا ورقص الحاضرين….. ماذا بعد خراب مالطا؟ كتب جبران خليل جبران العظيم وقف الإنسان أمام الشمس وبسط ذراعيه وصرخ قائلاً: ماوراء الأفلاك إله عظيم يحب الخير، ثم أدار ظهره للنور فرأى ظلّه منبسطاً على أديم التراب فهتف قائلاً : وفي أعماق الأرض شيطان رجيم يحب الشر! هكذا ختمت الكاتبة قصتها القصيرة بعيون دامعة ترحل للمجهول؛ قائلة بأن دستور البلد المزاجي المادة 152 تقول لايجوز لمن يحمل جنسية أخرى إضافة إلى جنسية بلده أن يتولى منصب رئيس الجمهورية أو نائبه أو رئيس مجلس الوزراء أو…أو… جحظت عيناها عضوية المحكمة الدستورية العليا… أغلقت جهاز الكمبيوتر بهدوء بارد، تَنفّستْ الصُعدَاء وجالت رافعة نظرها لترى ما ترسمه غيوم السماء…