المهندس نقولا داوود – سدنيِ

إنتهت الإنتخابات البرلمانية اللبنانية وأجمل ما فيها هو حرية الصحافة والتنوير وتسليط الأضواء على المسائل المطروحة ، لعل هذا التنوير يشكل أرضية صالحة لتحسين الأداء مستقبلا.

سياسة الثعالب في إخفاء الخفايا صارت مكشوفة ، والانتهازية واضحة، والتقدم المطلوب رسمت طرقه ، وتجييش النفوس واستعطافها صار من الماضي والبروباغندا بضاعة انتهى مفعولها، وحتى الأطفال يسخرون منها.

التحدي الأكبر الآني هو تفادي الصدام بين قطارين يسيران باتجاه معاكس  نحو بعضهما على سكة واحدة، هل هناك كفاية من الحكمة والعقلانية لإبعاد كأس الحرب  والخلافات بين الفرقاء؟

هناك الكثير من المنطق عند الفريقين الرئيسيين ، لكل حجته  ولكل طموحاته وتسديد الفواتير السياسية للخارج او للأتباع ، هل من عبقرية تستطيع استنباط الحلول لتفادي الصدام؟

هل يمكن ان يربح وطن بحجم عصفور وجوديته واستمراريته على خارطة العالم الواسعة؟ أو انه سيكون حملا وضحية  على مائدة الكبار بفِل سذاجة أصحاب الشأن من أهله؟
وهل من حنكة ودراية ومحبة كافية ليستطيع العصفور الصغير ضم كل أفرقاء الصراع تحت جناحيه ؟
وهل يعطى العصفور فرصة ليحلق في الفضاء الرحب ؟
حاملا كل الحب المطلوب بين المجموعات المختلفة دينيا ،
ليوزعه رسالة جميلة وصادقة وجديدة على الأمم ؟

هل من أبطال ينهضون من سباتهم ويستنبطون بحنكتهم ورجاحة  عقولهم فن بناء الجسور بين أفرقاء الوطن المتباعدين؟
أليس هذا هو المطلوب؟

يسير الوطن بعد الانتخابات على طريق مزروع بالألغام والأشواك والعوائق ،
بوركت الأيادي التي ستوصله الى الغد الجميل الموعود،
غد التفاهم والتلاحم وتوحيد الرؤى ،
والأبطال الحقيقيون ينظرون الى أطفال الآخرين كأطفالهم،
والى الأفرقاء المختلفين عنهم كإخوتهم ..

حضرت مناظرة تليفزيونية بين رئيس وزراء أوستراليا وخصمه وكان سؤال  المنظم للمناظرة لكل منهما ما هي الإيجابية التي تراها في خصمك ؟ وهو أجمل سؤال طرح في الحلقة،
نعم وجد كل محاور الكثير من الإيجابية في خصمه ، وأثنى عليه بالكثير ..
هذا هو المفقود في بلادنا ،
وهذا هو المطلوب في بلادنا.

أما لمن يقول على من تقرأ مزاميرك يا داود؟
الجواب هو أن المزامير ما زالت  تقرأ على الناس بعد آلاف السنين ،
والمشككون  يرحلون رويدا الى غياهب الشك والفناء،
نعم أنا مؤمن بطيبة أهل بلادي،
وسيخرج من المآسي المتتالية أبطال يحملون أعلام الوطن ،
يلبسون ثيابا بيضاء،
ويطالون بحبهم وعطفهم كل مجموعات الوطن الحبيب،
نعم سيجدون القواسم المشتركة ،
والعصفور على صغره، لديه الأجنحة الدافئة ليحضن الجميع.

السهل هو الحرب والتجييش ،والفرقة التي يتبعها القتل والتهجير،
والصعب هو لحمة النفوس المتنافرة،
وعلينا اختيار الطريق الصعب،
فهو الطريق السليم الى الحق .. والى الله.