أنطوان القزي
الدكتور بشار الأسد، طبيب العيون الذي جعلته الصدفة رئيساً، أغاظ ابن خلدون في قبره، لأنه بداُ ينظّر في التاريخ ويستنبط فذلكات تاريخية وهو يشاهد الغزو الروسي لأوكرانيا.
أتحفنا قائد الصمود والتصدي وصانع الإنجازات المجيدة في لبنان طيلة ثلاثين عاماً، أتحفنا ليس فقط بإشادته بالهجوم العسكري الروسي على أوكرانيا، بل برأيه الصاروخي والتاريخي عندما اعتبر أن الغزو الروسي هو»تصحيح للتاريخ»؟!.
بشار المالك سعيداً في قصر الشعب في دمشق وزّع بياناً رئاسياً قال فيه:
«ما يحصل اليوم هو تصحيحٌ للتاريخ وإعادة للتوازن إلى العالم الذي فقده بعد تفكك الاتحاد السوفياتي»، معتبراً أن «روسيا اليوم لا تدافع عن نفسها فقط وإنما عن العالم وعن مبادئ العدل والإنسانية».
وأضاف الأسد، في أول محادثة هاتفية مع حليفه الأبرز منذ بدء الهجوم الروسي على روسيا، أن «سوريا تقف مع روسيا الاتحادية انطلاقاً من قناعتها بصوابية موقفها، ولأنّ مواجهة توسع حلف شمال الأطلسي (الناتو) هو حق لروسيا لأنه أصبح خطراً شاملاً على العالم».
… فيا سيادة الديكتاتور الديموقراطي، وأنت تتحدث عن تصحيح التاريخ، ألم تقرأ
أن النزاع السوري الذي اندلع في مارس (آذار) 2011، تسبب بمقتل أكثر من نصف مليون شخص وبنزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل سوريا وخارجها؟.
ويا سيادة الديكتاتور لم نتفاجاً ببيانك «الرئاسي» لأن من امتهن الغزو والقاء براميل البارود ومن ثبّته الدبّ الروسي في مكانه، أقل ما يطلب منه هو تسديد فاتورة على الحساب بعدما حقّق حلم القياصرة وأهداهم طرطوس وميناءها وتوابعها بعدما كانوا يحلمون بموطىء قدم في المياه الدافئة وبعدما أطلق الجنود الروس في الجولان يشربون القهوة مع الإسرئيليين؟!.
ولم تكن صدفة أن يكون وزير الخارجية السوري فيصل المقداد في موسكو، يوم اعتراف بوتين بـ«استقلال جمهوريتي دونيتسك ولوهانسك»، الذي اعتبره المقداد منسجماً مع القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة. وكانت سوريا أيضاً وقعت اتفاقات لربط ميناء اللاذقية بشبه جزيرة القرم، واعترفت بجمهوريات انفصالية كثيرة تدور في فلك موسكو، وكلها إشارات إلى أن سوريا «جزء من العالم الروسي» الذي يريده بوتين.
..أنا أحسد الديكتاتور والمؤرخ الجديد لكثرة المصفّقين له في لبنان لأنهم تعوّدوا أن يبقى «الكفّ على رقابهم» ولأنهم أدمنوا التبعية والإستزلام؟!.
وأحسده ثانياً لأنه يشاهد مواطنيه عالقين على حدود الدول فوق طرقات الجليد، أو يموتون في برادات الشحن أومطرودون يفترشون العراء على ضفتي بحر المانش، أو يسكنون الخيام العائمة وقد حوّلتها الأمطار الى جزر في البقاع اللبناني..
فلماذا لا يصحًح الديكتاتور تاريخ وشعبه ويعيد مواطنيه الى دياريهم بدل تهنئة بوتين لأنه يصحّح التاريخ على حساب الشعب الأوكرني..
بالمناسبة ، الأسديّون يحبّون التصحيح، أليسوا أبطال الحركة التصحيحية؟!.