ينتخب مجلس النواب العراقي اليوم الاثنين، رئيساً للجمهورية وسط تجاذبات كبيرة وتحالفات مترجرجة واعتكافات وأسماء جديدة طرحت لهذا المنصب، في وقت حددت المحكمة الاتحادية، موقفها من آلية الانتخابات المتعلقة بالمادة 70 منه، لتقطع الشك باليقين في عملية اختيار النواب لرئيس البلاد.
ورغم أن عدد الذين يرغبون بخوض هذا الاستحقاق بلغ 20 مرشحاً، فإن الأوفر حظاً هو مرشح طالباني، الذي حُسم أمره تقريباً، وليس مرشح بارزاني خصوصاً بعد موقف السيد مقتدى الصدر القاطع ضد هوشيار زيباري، وبروز عبداللطيف إبراهيم رشيد، الذي تدعمه السليمانية كأوفر المرشحين حظاً.
فالصدر لم يعد يمتلك الكتلة البرلمانية الأكبر بعد قرار المحكمة الاتحادية النهائي، حيث تقدم بعض النواب بدعوى أمامها يشككون فيها بآلية انتخاب رئيس المجلس النيابي بسبب خروج رئيس السن في حينه محمود المشهداني إثر التصادم الذي حصل داخل البرلمان يوم أدى النواب، القسم.
وكذلك طلبات بتحديد آلية اختيار رئيس الجمهورية في جلسة البرلمان المقبلة التي حددت في السابع من فبراير وطلب تحديد الكتلة الأكبر.
وأعلنت المحكمة الاتحادية في القرار الفاصل، أن انعقاد الجلسة المقبلة لانتخاب الرئيس يحتاج أقله إلى 222 نائباً من أصل 329 في الاقتراع الأول، والنصف زائد واحد في الاقتراع الثاني إذا لم يحصل أحد من المرشحين على العدد الكافي لتعيينه.
وتقلصت حظوظ زيباري بعد إعلان الصدر أن مرشح “الحزب الديموقراطي الكردستاني” (برئاسة مسعود بارزاني) لا يستوفي الشروط، وتالياً لن يصوت له، وذلك على خلفية دعوى كانت قدمت بحق زيباري باتهامه بالفساد وبإضاعة مليارات من أموال الدولة عند شغله منصب وزير الخارجية، وهو ما أنهى حظوظه بالكامل.
وتالياً فإن برهم صالح هو أيضاً لا يملك حظوظاً كبيرة بسبب السياسة التي اتبعها في الأعوام الأربعة الماضية والتي تسببت بانزعاج عدد من الكتل.
ويملك المرشح الرئاسي رشيد، رصيداً سياسياً وعائلياً لارتباطه بعائلة الراحل جلال طالباني وكذلك لكونه وزير الموارد المائية سابقاً ومستشاراً للرئيس فؤاد معصوم.
إلا أن قرار المحكمة الاتحادية بشقه الثاني، أكد أن الكتلة النيابية الأكبر هي التي تقدم إلى مجلس النواب بعد أداء القسم وإلى حين انتخاب رئيس الحكومة.
أي أن أي تكتل نيابي أو أفراد من المجلس النيابي يحق لهم – ما دام مجلس النواب لم يعلن عن الكتلة الأكبر – الالتحاق بتحالفات وكتل حتى بعد انتخاب رئيس الجمهورية.
وعند تقديم الكتلة الأكبر أعدادها إلى المجلس النيابي، تتحقق لجنة المجلس من الأسماء والأفراد، ثم تقدم عند إقرارها إلى رئيس الجمهورية بعد انتخابه ليصار إلى تكليفها بترشيح رئيس الحكومة المقبلة خلال 15 يوماً من انتخاب الرئيس.
وهذا يعني أن الصدر الذي يمتلك 73 نائباً، لم يعد صاحب الكتلة الأكبر، إلا إذا استطاع تأليف كتلة من أعضاء في المجلس النيابي أو كتل نيابية تنضم إليه ليشكل الكتلة الأكبر عدداً من أكثر من 165 نائباً أقله لتسمية رئيس الوزراء المقبل.
وبعد الإدانة غير المباشرة لزيباري، من المتوقع أن يكون الصدر، فقد دعم بارزاني الذي يمتلك 31 نائباً، وتالياً فإن لدى “الإطار التنسيقي” المؤلف من الأحزاب الشيعية المتعددة فرصة كبيرة للتحالف مع أحزاب سنية وكردية لتقديم أنفسهم ككتلة أكبر، خصوصاً أن الصدر أغلق باب التفاوض، في الوقت الذي تعتبره الأحزاب العراقية بجميع طوائفها الرقم الصعب الذي يهابون التفاوض معه.
فالتيار الصدري يمتلك القوة العسكرية والعقيدة التي أقسم عليها أنصاره في طاعة عمياء لزعيمهم، والذين لن يترددوا بتنفيذ أي أوامر تعطى لهم. ولذلك فإن أكثر الأحزاب تخشاهم وتخشى سيطرة الصدر على العراق.
أما في حال بقاء الصدر في المعارضة – إذا فشل في الإمساك بالأكثرية النيابية – فهذا يعني أن العراق السياسي لن يحظى باستقرار لأن التظاهرات لن تتوقف والاحتجاجات الشعبية ستستمر، وهذا يعني أن أرض بلاد الرافدين مرشحة للاضطراب… فلم يحن الوقت بعد للاستقرار فيها.