بعد نجاح سلسلة البودكاست “المتمردان.. مولود في الولايات المتحدة”، التي جمعت بين باراك أوباما ونجم الروك بروس سبرينغستين، طُرح كتاب يحمل الاسم نفسه ليوثق مسار حياتهما المهنية والشخصية وقضايا العدالة الاجتماعية والتمييز.
تعود الصداقة بين الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما ومغني الروك بروس سبرينغستين إلى العام 2008، عندما قدم الأخير أغنية خاصة لحملة الشاب أوباما في ذاك الوقت والطامح لدخول البيت الأبيض، بحسب قناة “دي دبليو”.
بعد ذلك بثماني سنوات، منح الرئيس الأميركي آنذاك باراك أوباما المغني سبرينغستين وسام الحرية الذي يعد أرفع وسام مدني في الولايات المتحدة، وذلك في قاعة المشاهير بالبيت الأبيض لإسهاماته في الثقافة الأمريكية.
ومنذ ذلك الحين، تطورت الصداقة بين أوباما وسبرينغستين على مر السنين وظهرت ثمرتها خلال وباء كورونا والمظاهرات التي قادتها حركة “حياة السود مهمة” في الولايات المتحدة، إذ دشن الاثنان سلسلة مدونة صوتية “بودكاست”، أطلق عليها اسم “المتمردان: مولود في الولايات المتحدة”. أو بالانجليزية «Renegades: Born in the USA»، علما بأن كلمة «Renegades» بالإنجليزية لها معان عديدة أخرى من بينها المارقون.
وعنوان البودكاست مقتبس من الأغنية الشهيرة «Born in the USA» التي كتبها بروس سبرينغستين بنفسه وغناها العام 1984 وحققت نجاحا كبيرا، سواء داخل الولايات المتحدة أو دول أخرى مثل أيرلندا ونيوزلاندا.
وحققت سلسلة «البودكاست» المذكورة نجاحا كبيرا، حيث كان الحديث يدور حول رحلتهما المهنية والشخصية في الولايات المتحدة، فضلا عن القضايا الاجتماعية والسياسية في الولايات المتحدة.
وتبرز أهمية هذه السلسلة في أنها مثَّلت فرصة لأوباما وسبرينغستين للحديث عن كيفية نجاحهما في تحقيق «الحلم الأميركي» (American Dream) بوصولهما إلى قمة المجالين اللذين نشطا فيهما، سواء السياسي لأوباما أو الغنائي لسبرينغستين.
كذلك يسلط بودكاست “المتمردان.. مولود في الولايات المتحدة” والذي أصبح لاحقا كتابا طُرح في الأسواق مؤخرا، الضوء على التناقضات داخل الولايات المتحدة منذ خمسينيات القرن الماضي.
وقد أشار أوباما في مقابلة مع شبكة “سي. بي. إس” الأمريكية إلى ذلك بقوله: “خلال ( المتمردان.. مولود في الولايات المتحدة) كنت أتبادل الحديث مع بروس حيال ضرورة القيام بمراجعة قصة (أمريكا) بشكل أشمل”.
من جانبه، قال سبرينغستين إنه “يتعين على الناس أن يتعرفوا على الولايات المتحدة على حقيقتها سواء ما يتعلق بمزاياها أو عيوبها”.
وفي مقابلة مع شبكة “إيه. آر. دي.” الألمانية العامة، وصف أوباما مغني الروك سبرينغستين بأنه مؤرخ رائع للحياة الأمريكية فضلا عن كونه راويا جيدا يستطيع سرد المتناقضات.
وفي مقدمة الكتاب، كتب أوباما “بأسلوبنا الخاص، حاولت أنا وبروس فهم أمريكا التي أعطتنا الكثير.. حاولنا إيجاد طريقة لربط بحثنا الفردي عن المغزى والحقيقة والمجتمع في إطار القصة الأكبر لأميركا”.
ويبدو أن النجاح الذي حققته سلسلة بودكاست “المتمردان” عبر منصة البث الصوتي “سبوتيفاي”، حيث كانت من بين الأكثر استماعا على مستوى العالم، كان السبب وراء طرح كتاب يحمل الاسم نفسه.
وخلال سلسلة البودكاست هذه، تحدث أوباما وسبرينغستين عن كافة القضايا بداية من العنصرية والتمييز والحملات الانتخابية والحقوق المدنية إلى فضيحة “ووترغيت” الشهيرة وحتى وجهة نظرهما في أفكار “الآباء المؤسسين” في الولايات المتحدة.
وكان لمكان تسجيل هذا البودكاست أهمية، إذ جرى التسجيل في الاستوديو الخاص بسبرينغستين المليء بالأدوات الموسيقية، ما أدى إلى أن يتطرق الحديث إلى قضايا الموسيقى وأشهر المطربين من أمثال بوب ديلان وأريثا فرانكلين وجيمس براون.
المتمردان حققا الكثير
وبالنظر إلى تاريخ أوباما وسبرينغستين، فكلاهما ينتميان إلى ثقافتين مختلفتين سواء ما يتعلق باللون أو العرق؛ إلا أنهما يتشابهان في أمور أبرزها أنهما عاشا في كنف أسرة بلا أب، ما دفعهما إلى العمل لسد هذا الفراغ.
وقد أشار سبرينغستين إلى ذلك بقوله «عندما كنت صغيرا شعرت بأن صوتي غير مسموع وشعرت أيضا بأنني شخص غير مرئي لذا ناضلت لمعرفة المكان الذي أنتمي إليه».
ويبدو أن سبرينغستين الذي ولد العام 1949، قد حقق نجاحا في هذا الصدد، فقد كافح كثيرا إذ كان أول «غيتار» يحصل عليه وهو في الصغر من قرض اقترضته أمه من بنك، لكنه بمرور الوقت أصبح أحد أشهر مطربي الروك بل وشاعرا يسلط الضوء على حياة الطبقة العاملة في الولايات المتحدة.
لم يقبع سبرينغستين في صومعة الغناء بل انخرط أيضا في السياسة، إذ كان أحد أشد منتقدي السياسة الأمريكية، خاصة الحرب في فيتنام.
أما أوباما – الذي ولد العام 1961 لأب كيني وأم أمريكية بيضاء – فهو الآخر حقق الكثير إذ كان وما زال أول أمريكي من أصول أفريقية يصل إلى البيت الأبيض.
من البودكاست إلى الكتابة
ويتضمن كتاب «المتمردان.. مولود في الولايات المتحدة» الذي طرُح في الأسواق الثلاثاء 26 أكتوبر 2021، كافة المحادثات التي دارت بين أوباما وسبرينغستين خلال سلسلة البودكاست فضلا عن صور نادرة لكلاهما وكتابات بخط اليد لمغني الروك وخطابات رئاسية لأوباما.
كما يتطرق الكتاب إلى الحياة الأسرية لكل من أوباما وسبرينغستين وأيضا الحديث عن الحقوق المدنية في الولايات المتحدة فضلا عن الجدل بخصوص هل يمكن لأمريكا المنقسمة أن تجد الطريق للوحدة؟
وقد أشار سبرينغستين إلى هذه الإشكالية في مقدمة الكتاب بقوله: «قد حان وقت اليقظة حيث تتعرض هويتنا لاختبار بشكل فعلي».