ميخائيل حداد- سدني
ظاهرة مستحدثة ومستغربة في بعض البلاد العربية ، بإنشاء مؤسسات لها وزنها وموقعها في المجتمعات ، تصدر شهادات تكريم واشادة ببعض الاكاديميين وشخصيات معروفة واغلبهم من الاقليات المختلفة في العقيدة بتلك البلاد ، بانهم نشطاء في العمل على العيش والتعايش المشترك مع الاكثرية في الوطن الواحد ، ولكنهم في الاصل مواطنون متجذرون في الوطن منذ الاف السنين ، واصبحوا اقلية بحكم انقلاب المعادلة من اغلبية الى اقلية كما تثبت كتب التاريخ وشهدت مواقع الجغرافيا ، وحرموا من حقوق المواطنة في شتى مجالات الحياة من تبوأ المناصب واغلاق سبل التعليم في الجامعات والمعاهد العلمية حتى من فعاليات الاندية الرياضية ، ومنعوا من بناء دور العبادة لهم او ترميمها الا بفرمانات همانوية لازالت متبعة منذ عهد السلطنة العثمانية ، فضلاً عن تعرضهم لشتى انواع الاضطهاد القصري من قتل وتهجير وتخريب لاملاكهم ومؤسساتهم ، فوجب عليهم ان يعيشوا ويتعايشوا حسب هذه الاجندة في وطنهم وبحكم اقليتهم واختلاف عقيدتهم ليعانوا من الاضطهاد والتفرقة والعنصرية بشتى الاصناف والالوان ، واصبحت قلة منهم تحابي الاكثرية حفاظاً على مصالحها ووجودها ولو على حساب بقية الاقلية المهضومة الحقوق …!!،
فقد راعني وارهبني شعارات لمؤسسات تصدر شهادات تكريم للبعض على انشطتهم ، وذلك يثبت ان بعضاً من البلاد العربية حينما ترفع شعارات العيش والتعايش المشترك ، ومن حيث لا تدري تثبت وجود التفرقة في مجمتعها والذي لا يشوبها غبار ، وما رفع شعارات العيش والتعايش المشترك الا ذراً للرماد في العيون ، وللتغطية على معضلة متأصلة في بعض البلاد العربية صعبة الحلول في غياب الدولة المدنية ، الدولة المدنية الضامنة لحقوق الجميع والكافلة للمواطنة الصادقة بالحقوق والواجبات دون الاشارة لا من قريب او بعيد لعيش او تعايش مشترك بين المواطنين ، لابل الجميع يعمل تحت مظلة القانون بالتساوي ، وان اختلفت عقائدهم وخلفياتهم ومشاربهم الاثنية والقومية .
انا افهم ان يعيش ويتعايش الانسان لسنين عديدة مع احد الامراض ، كالسكري والسرطان والزهايمر وامراض القلب والكُلى والكبد وقرحة المعدة ….الخ من الامراض ، ويعالجها بمختلف انواع العلاجات والعقارات واللقاحات المؤدية الى الشفاء وآخرها كوفيد 19 …..، وأما المستغرب ان يُطلب من انسان في وطنه بحكم اقليته ان يعيش ويتعايش مع الاخر بحكم اغلبيته العدديه واختلافه في العقيدة ، فهذه مهزلة من مهازل التاريخ ولا يوجد لها حل لغاية آلان منذ قرون من التعصب والتفرقة والعنصرية…؟! .
بين الحين والاخر نفاجأ ونسمع عن رجالات دين من العقائد المختلفة ، وشخصيات مجتمعية ومندوبين حكوميين من الاقليات والاكثرية ، يعقدون الاجتماعات المتكررة لايجاد صيغ مشتركة للتقارب بين العقائد ، فكلما اجتمعوا للبحث عن سبل السلام ابتعدت سفنهم في المحيط الهائج المتلاطمة امواجه ، وتمزقت اشرعتها تعصباً ورفضاً للاخر …!!، فلا آمل في الوصول الى شواطئ الامن والامان والاستقرار للتقارب والتفاهم وبناء جسور الاخاء والتسامح والمحبة ، وموجات العنف والتعصب والكراهية تضرب اركان واسس الدول صاحبة الاكثرية المتعصبة عقائدياً وقومياً دون لجمها …؟!.
الدولة المدنية تكفل حقوق الجميع بالتساوي ، والعبادة متاحة للمؤمنين كلٌ في معبده بحرية تحت مظلة القانون ….، فهل سنرى اليوم الذي يطبق فيه القانون المدني في تلك البلاد ..؟.