أنطوان القزي
تنامى في الأسابيع الأخيرة الكلام عن الفيدرالية ، وسرعان ما انقضّت على هذا الطرح أصوات تعتبره مشروعاً يخدم إسرائيل ، ورأى فيه آخرون التفافاً على الطائف ، وبعضهم رأى فيه عودة الى “الغيتو الإنعزالي”. وسرعان ما تكشّفت إلى العلن الحاجة إلى تظهير الفكرة التي تنادي بتطبيق النظام الفيدرالي في لبنان مع مبدأ الحياد، حيث تسوّق لها عدة مجموعات مثقفة من المجتمع المدني غالبيتها من الفئة العمرية الشبابية تجتمع بشكل دوري متسارع وتقيم ندوات واطلالات إعلامية لهذه الغاية. ويعارض هذه الفكرة بشكل قاطع “حزب الله” لأنها تشويش على هواه الإيراني. أليس في هذا التباين فيدرالية فاضحة في المواقف؟!. وماذا عندما تكون شعبة المعلومات محسوبة على السنّة، والأمن العام على الشيعة ومديرية المخابرات في الجيش على المسيحيين؟. أليست هذه فيدرالية طائفية صارخة.!. وماذا عن تمترس الثنائي الشيعي خلف وزارة المالية والسنّة خلف وزارة الداخلية رفضاً لمبدأ المداروة؟. أليست هذه فيدرالية كراسي وحقائب؟!. وماذا عن حماية رئيس الجمهورية لمدير الجمارك السابق بدري ضاهر، وحماية رئيس المجلس للوزيرين حسن خليل وزعيتر. وماذا عن الحماية السابقة للرئيس سعد الحريري لبطل وزارة الاتصالات عبد المنعم يوسف ؟!. أليست هذه فيدرالية “غطّيلي حتى غطّيلك”. وماذا عن قضاء غادة عون وقضاء غسان عويدات، وماذا عن قضاء طارق البيطار وقضاء غسان خوري؟!. أليست هذه فيدرالية قضائية؟!. وماذا عندما يدرس تلامذة الضاحية تاريخ لبنان بعير المتاب الذي يدرس فيه تلامذة جونية؟!. المعارضون للفيدرالية هم الذين يطبقونها كل يوم ولكن على طريقة الدكاكين والصفقات. فلبنان يعيش زمن الفيدراليات الأمنية والمالية وتقاسم السرقات والسمسرات ولكن”أوعا حدا يحكي عن الفيدرالية”. إنهم ينعمون بفيدرالية الذين يتمسكون بالطائف ويرفضون تطبيقه ، والذين شكلوا لجاناً لإلغاء الطائفية السياسية وبقيت حبراً على ورق. أليست كل طائفة في لبنان معلّقة بكرعوبها السياسي وحتى العقائدي والديني، وإن كان يفصل بينها وبين بعض تلك البلدان البعد الجغرافي”؟. أليس مشروع الفيدرالية حبل نجاة من استمرار المناوبة والمداورة في استقواء كل طائفة على طائفة أخرى، إذ جرّب لبنان استقواء المارونية السياسية فتحكمت به، وجرب استقواء السنية السياسية فاستفردت به، وأتت الشيعية السياسية فاشعلت الحروب في البلد وخارج البلد. فهذه تستقوي بهذا وأخرى تستقوي بذاك. أخيراً ماذا قدّمت وتقدّم المنظومة الحاكمة في لبنان لتواجه دعاة الفيدرالية، وأفضل ما لديها هو العتمة والجوع وانقطاع الدواء والوقود ناهيك بمؤامرة اغتيال الحقيقة في انفجار بيروت. هل هذه هي البدائل التي يقدمونها للناس زاعمين ان الدعوة الى الفيدرالية هي كُفر، وماذا يسمّون الحالة التي أوصلوا الوطن إليها؟!.أليس أفضل أن يعيش اللبناني ثقافة الحياة على أن يبقى في وطن واحد موحّد بات دكّاناً لبضعة لصوص يتحكمون بمصير العباد في ظلّ شريعة التماسيح الأقوياء؟!. أليست فيدرالية المثقفين أفضل من فيدرالياتهم اللصوصية والظلامية وأفضل من دولة الحرامية؟!.