مع أنّ التدقيق في كل ما يثار حول ما سمي وساطة الفرصة الأخيرة في أزمة تشكيل الحكومة الجديدة لا يسمح بالجزم بأيّ اتجاهات ومعطيات ثابتة فربما يكون العامل الجدي الوحيد الذي يمكن الجزم به هو أنّ الأسبوع المقبل سيشكّل فعلاً منعطفاً مفصلياً حيال هذه الأزمة. ذلك أنّ كل الافرقاء المعنيين بالأزمة، ربما باسثناء “حزب الله” الذي توجه مساراته ساعة إقليمية لا تتأثر بنار الأزمات الداخلية المستعرة، لم يعودوا قادرين على تحمل استنزاف الوقت وترف المضي في لعبة الاشتراطات لأنّ الآتي في ما يهدد اللبنانيين في أمنهم الاجتماعي والمعيشي والخدماتي وواقعهم المالي والاقتصادي لن يفسح بعد الآن للاعبين السياسيين تجاهل الاخطار المخيفة التي دخلت البلاد طور العد العكسي لانفجاراتها المتدحرجة. من هنا فسّرت الأوساط المعنية بتتبع مؤشرات الأزمة اندفاع أفرقاء أساسيين كتيار العهد وبعض القوى الأخرى نحو التلويح باستقالات من مجلس النواب أو بعدم وقوف العهد مكتوفاً بعد مهلة الأسبوعين التي قيل إنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري قد حدّدها لتفعيل مبادرته الحكومية وانتشال الأزمة من عثارها… وإلّا. كما بدأ ترداد الكلام عن أنّ الرئيس المكلف سعد الحريري لن يمكنه هو الآخر البقاء أكثر خارج البلاد والأهم إبقاء ستاتيكو الازمة على هذه المراوحة حتى لو تظلل بالمسار التعطيلي الذي يتولّاه العهد وتياره السياسي بما يوجب عليه القيام بمبادرة لكسر الأزمة وإلّا الاعتذار.
كل هذه الاتجاهات تردّدت في اليومين الأخيرة بكثافة على أمل أن تندفع الجهود في اتجاه حاسم هذه المرة من شأنه أن يستولد الحكومة حتى أنّ توقعات غير مثبتة أيضاً تردّدت حول مشاريع لقاءات في مطلع الأسبوع الطالع تارة بين الرئيسين ميشال عون ونبيه بري وطوراً بين الرئيسين بري والحريري. وظل ذلك رهن انتظار الساعات المقبلة لفرز الخيط الأبيض من الأسود وللتثبت من المعطيات الجادة.
ولكن وسط هذه المعمعة الغامضة حيال السيناريو الحكومي المقبل لم يكن ممكناً تصنيف بعض الأمور التي طرأت في الساعات الأخيرة في خانة المؤشرات الإيجابية التي يكمن التعويل عليها لتوقع تطور حكومي إيجابي طال انتظاره. من هذه المؤشرات أنّ كثراً انتظروا نفياً مثبتاً ورسمياً للمعلومات التي ترددت عن تقديم رئاسة الجمهورية إلى بكركي هيكليتين لتشكيليتين حكوميتين تتوزع فيها الحقائب تبعا للطوائف والأحزاب والقوى السياسية التي ستشارك في الحكومة وهو أمر يعني افتعال سبب جوهري جديد لجعل رئيس الحكومة والطائفة السنية وفئات أخرى عديدة يتأكدون مجدّداً أنّ بعبدا تنتهك الأصول الدستورية وتصادر صلاحيات رئيس الحكومة المكلف وتقوم بما يتجاوز كل المتوقع لكي تستفز الحريري وتجهض فرصة الوساطة الأخيرة التي ربما تحرجها.
المؤشر الثاني السلبي يتمثّل في بيان جديد للهيئة السياسية في “التيار الوطني الحر” صعّد عبره نبرته على الرئيس الحريري كما حمل بشدة على النائب العام التمييزي غسان عويدات. وفي ملف الحكومة قال “التيار”: “ننتظر مع الشعب اللبناني أن يحسم دولة الرئيس المكلّف أمره بتشكيل حكومة تحترم المعايير والأصول الدستورية وتكون قادرة بوزرائها وبرنامجها على تنفيذ الإصلاحات اللازمة. فقد أدت رسالة فخامة الرئيس الى مجلس النواب وظيفتها في الإضاءة على العقدة الحكومية وكشفت المسؤول عنها بعدما استطاع على مدى سبعة أشهر تغليف عجزه عن التأليف بإلقاء التهم الواهية على الآخرين. لقد واجهنا سلبيته بإيجابية وذكرّناه بآلية التشكيل ومسارها، وليكن معلوماً أن التيار الوطني الحر لن يسمح بإستمرار المماطلة وسيكون إلى جانب رئيس الجمهورية في أي خطوة سيتخذها، ويطالبه بدعوة الكتل النيابية الى التشاور في مجمل الأزمات على مرأى ومسمع من اللبنانيين ليكونوا على بيّنةٍ من مواقف كل طرف سياسي وسلوكه ويتأكدوا بأنفسهم من هم الذين يمنعون الحلول والإصلاحات في لبنان”.
ومع ذلك لوحظ أنّ الأوساط المعنية لم تأخذ هذه المعطيات على سبيل حكم حاسم نهائي على فرصة الحلحلة التي لا تزال ترى أنّها لا تزال قائمة وأنّ أحداً لا يمكنه تحمل تبعة إجهاضها سلفاً على الأقل وقبل أن تأخذ كامل مداها بما يعني أنّها ستكون اختباراً كاشفاً للنّيات والاتجاهات الحقيقية ومن هنا أهميتها الجوهرية.
ماراثون أسترازينيكا
“ماراثون
قبل انتهاء الوقت المُحدَّد لـ”ماراثون أسترازينيكا” في لبنان، عند السادسة مساءً، والذي انطلق منذ الصباح الباكر في مختلف المراكز على الأراضي اللبنانية نجحت وزارة الصحة العامة في تحقيق تلقيح 10 آلاف شخص خلال النهار من مختلف الجنسيات المقيمة في لبنان.
وأعلنت الوزارة، عبر حسابها في “تويتر”، تسجيل تلقيح 10 آلاف شخص حتى الساعة الخامسة والنصف ، أي قبل نصف ساعة من الموعد المحدّد لإنتهاء الحملة.
وشكرت وزارة الصحة ثقة الأشخاص الذين توافدوا للتلقيح، معلنةً أنّ “الوقت مفتوح حتى الانتهاء من جميع المتواجدين بالمراكز، ومستمرون معكم لسلامة الجميع”.
ويهدف هذا اليوم إلى تلقيح أعداد كبرى من المواطنين الذين هم ضمن الفئات التي يمكن أن تتلقى هذا النوع من ال#لقاحات.
وضمن الحملة الوطنية للتلقيح ضد فيروس كورونا، انطلق صباحاً “ماراثون أسترازينيكا”، حيث شهدت المراكز المعتمدة في مختلف المناطق اللبنانية منذ ساعات الصباح الأولى إقبالاً كثيفاً من المواطنين الراغبين بتلقّي اللقاح.
من جهتها، شدّدت مستشارة رئيس الحكومة للشؤون الصحية الدكتورة بترا خوري على “أهمية هذه الحملة”، معتبرةً أنّ “الإقبال الكثيف يدل على وعي الناس”.
ولفتت خوري إلى أنّ “الحملة ستستمر حتى الساعة السادسة مساء”، داعيةً “الجميع إلى عدم التردّد والإقبال على تلقي اللقاح”.
بدوره، أشار ممثل الصليب الأحمر في لجنة كورونا دوري نخله، الذي أشرف على سير العملية في أنطلياس، إلى أنّه “تم رفع جهوزية المركز إدارياً وطبياً ولوجستياً، بسبب توافد عدد كبير من الراغبين بتلقي اللقاح”.
وتشجيعاً على سير عمل حملة التلقيح، نوّهت وزارة الصحة، في بيان، بإقبال المواطنين والمقيمين في لبنان على حملة “ماراتون استرازينيكا”، حيث قارب عدد الذين تلقوا اللقاح حتى الرابعة والنصف من بعد الظهر، تسعة آلاف شخص.
وذكرت الوزارة بأنّ “المراكز المعتمدة للتلقيح بـ”أسترازينيكا” مستمرة بتقديم هذه الخدمة حتى السادسة من هذا المساء في مختلف المناطق اللبنانية”، داعيةً مَن “لم يتلقَّ اللقاح حتى الآن ويتجاوز عمره ثلاثين عاما إلى عدم التردد والإقبال على التلقيح مع مستند تعريفي رسمي، فزيادة عدد الملقحين تزيد من نسبة تمنيع المجتمع وتحقيق سلامته الصحية، مما يسهم في تسريع العودة إلى الحياة الطبيعية”.
وزير الصحة
وفي ختام يوم الحملة الوطنية للتلقيح، شكر وزير الصحة العامة حمد حسن المساهمين في تحقيق النجاح لـ”ماراثون #أسترازينيكا”، منوّهاً بالديناميكية التي طبعت العمل بين الفرق المتعددة بدءاً من وزارة الصحة العامة ورؤساء المصالح والمديريات إلى أطباء الأقضية واللجان الفنية والتقنية، محيّياً بشكل خاص الدور التحفيزي الذي أدته وسائل الإعلام في تشجيع الناس على الإقدام على أخذ اللقاح.
وفي حديث تلفزيوني، أوضح حسن أنّ “عدد الملقحين حتى الثامنة مساء فاق 10520 شخصاً، 65 في المئة منهم لبنانيون، و35 في المئة لمقيمين من جنسيات أخرى ومن بين هؤلاء 23 في المئة من العمالة الأجنبية بجهد من المنظمة العالمية للهجرة – فرع لبنان”. وأكد أنّ “هذا الأمر يؤكد الدور الأساسي للمجتمع الأهلي والبلديات والمنظمات غير الحكومية في تشجيع الناس على الإنخراط في عملية التلقيح”.
كما أكد الوزير أنّ “الماراثون سيتكرر أسبوعيّاً وفقاً للحاجة وبحسب عدد اللقاحات المتوفرة وسيطال عدداً من المراكز التي لم تكن راغبة في المشاركة ولكنها عادت وأبدت حماستها لذلك بعدما لمست نجاح ماراثون اليوم”. وقال إنّ “الاستنتاج الأولي لهذا اليوم “الماراثوني” يدفع إلى تمديد وقت التلقيح في الأيام العادية إلى ما بعد السادسة مساء إفساحاً في المجال لأكبر عدد من الراغبين في الحصول على اللقاح”.
ولفت إلى أنّ “المناعة المجتمعية سترتفع في لبنان مع نهاية تموز المقبل، ونظرا لتوقع تسلم كمية كبيرة من اللقاحات، إلى نحو 75 في المئة.”