انكسر ال”تابو” الذي كان قائماً ضد الفلسطينيين، وما كان محرماً بالأمس أصبح مجازاً اليوم؛ و” فلسطين” التي كانت كلمة محرمة الذكر، ممنوعة من التداول في السياسة الأميركية لأعوام طويلة، تجلب لناطقها الويل عندما يذكرها في مبنى الكونغرس.
وتظاهرات السبت عمّت مدناً أوروبية كانت محرّمة على مؤيدي الشعب الفلسطيني.
صباح الأحد، لم أترك صحيفة إلّا وتصفّحتها، ولم أدع موقعاً الكترونياُ إلا ودخلت إليه، حتى المواقع الالكترونية لم تعتب عليّ، فأنا بطبيعتي قارئ نَهِم أمام الأحداث، فكيف إذا كان الحدث بحجم الكارثة الأنسانية التي تحصل في فلسطين وفي غزّة بالتحديد.
وأنا أجول في مواقع التواصل الإجتماعي، وقع نظري على ابنتي الصغرى ناي تشارك في تظاهرة في مدينة زيوريخ السويسرية دعماُ للشعب الفلسطيني علماّ أنها تقيم في مدينة بازل التي تبعد ساعة وربع بالقطار عن زيوريخ.
لم أتحدّث يوماُ مع ابنتي عن قضية الشعب الفلسطيني وهي التي وصلت معي الى أستراليا في 2 كانون الأول ديسمبر سنة 1988 وكان عمرها عاماً واحداُ.
لكن الحياة علّمتها أن تكون دائماً الى جانب الحق، وهي التي كانت تتألّم كثيراً في جامعة UTS يوم كانت تدرس الصحافة، كيف يتحدثون عن العرب والفلسطينيين وكيف يسخرون من أبناء الجالية العربية في أستراليا,
ولأن ابنتي تتميز بلون شعرها الاحمر منذ ولادتها لأن لنا جدّات من بقايا الصليبييين وهن شقيقات ثلاث أسماؤهن: جوكندا ولوكندا وميتّلدا).
المهم أن زملائها في الجامعة الذين كانوا يسخرون من العرب كانوا يعتقدون أنها أنكلوياكسونية أو ارلندية?!
وفي أحد الأيام جاءت ناي الى المنزل وقد بدا عليها انها كانت باكية، فسألتها عن السبب ؟ قالت أن الأستاذة المحاضرة في الجامعة عرضت في إحدى المحاضرات شريطاً يسخر من الجالية العربية وعاداتها وتضمّن الشريط مشاهد من كنيسة سيدة لبنان في هاريس بارك ومن مسجد الإمام علي في لاكمبا وراحت “الدكتورة” تسخر من العرب بطريقة مقززة. كانوا يزرعون في عقول صحافيي المستقبل كره العرب؟؟!.
وبعد تخرّخها وعملها في ال”دايلي مايل” لمست ناي أموراً مشابهة وتمييزاً في التركيز على الأخبار ومجافاة لحقوق الأنسان..
هذه الأمور جعلتني أتفهّم مشاركة ابنتي في تظاهرة زيوريخ. ولكن ما دفعني للإتصال بابنتي هو لسؤالها” “لماذا ترفعين العلم اللبناني وليس الفلسطيني”؟ أجابت:” أنا أدافع عن حقوق الشعب الفلسطيني إنطلاقاً من لبنانيني وحيثما يكون علم بلادي حاضراً فإنني بالتأكيد سأرفعه دفاعاً عن الحق أينما كان، اليوم في فلسطين وغداً في مكان آخر”.
لقد غلبتني ابنتي الصغرى.