اعترف الرئيس الأميركي جو  بايدن، أمس الأول السبت، بالإبادة بحق الأرمن، ليكون أول رئيس للولايات المتحدة يصف مقتل 1,5 مليون أرمني على يد السلطنة العثمانية عام 1915 بأنه إبادة.

وسرعان ما ردّ نظيره التركي رجب طيب  إردوغان على الاعتراف، إذ اتهم «أطرافاً ثالثة» بالتدخل في شؤون بلاده، فيما قال وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو إنّ  تركيا «لا تتلقى دروساً من أحد حول تاريخها».

في المقابل، رحّب رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان بالقرار التاريخي للرئيس الأميركي، معتبراً أنّه «خطوة قوية جدّاً لصالح العدالة والحقيقة التاريخية».

وكتب بايدن في بيان: «الأميركيون يكرمون جميع الأرمن الذين لقوا حتفهم في الإبادة (التي وقعت) قبل 106 أعوام من اليوم».

وأضاف: «نحن نؤكد التاريخ. لا نفعل ذلك لإلقاء اللوم على أحد وإنّما لضمان عدم تكرار ما حدث».

وكان الرئيس الديموقراطي الذي وعد خلال حملته الانتخابية بالتحرك بشأن هذه المسألة، أبلغ نظيره التركي الجمعة بقراره خلال محادثة هاتفية.

وأعرب عن رغبته في «علاقة ثنائية بناءة مع توسيع مجالات التعاون والإدارة الفعالة للخلافات».

الخارجية التركية

أكد وزير خارجية تركيا مولود جاويش أوغلو أنّ تركيا «ترفض تماماً» اعتراف الرئيس الأميركي جو بايدن بالمذبحة التي تعرض لها الأرمن عام 1915 أواخر عهد الإمبراطورية العثمانية باعتبارها إبادة جماعية.

وقال جاويش أوغلو عبر «تويتر»: «ليس هناك شيء لنتعلمه من أي أحد بشأن ماضينا. الانتهازية السياسية هي أكبر خيانة للسلام والعدل… نرفض تماماً هذا البيان الذي استند إلى الشعبوية فقط».

واتهمت تركيا الولايات المتحدة بمحاولة إعادة كتابة التاريخ بعد اعتراف الرئيس الأميركي جو بايدن رسمياً بالإبادة بحق الأرمن.

وكتب جاويش أوغلو عبر «تويتر» بعد لحظات من إعلان بايدن موقفه: «الكلمات لا يمكنها تغيير التاريخ أو إعادة كتابته»، مضيفاً أنّه «لن نتلقى دروساً من أحد حول تاريخنا».

أرمينيا: خطوة قوية جدّاً

رحّب رئيس الوزراء الارميني نيكول باشينيان، اليوم، بالقرار التاريخي للرئيس الاميركي جو بايدن لجهة الاعتراف رسمياً بالإبادة التي تعرض لها الأرمن.

وشكر باشينيان لبايدن، في رسالة عبر موقع «فايسبوك»، «هذه الخطوة القوية جدّاً لصالح العدالة والحقيقة التاريخية» والتي توفر «دعما لا يقدر لأحفاد ضحايا الابادة الأرمنية».

«تكريم الضحايا»

وقالت مسؤولة أميركية رفضت كشف اسمها، إنّ الاعلان يشكّل «تكريما للضحايا»، مضيفة أنّ أنقرة «حليف مهم في حلف شمال الأطلسي».

وكان الرئيس التركي وجّه تحذيراً مبطّناً إلى واشنطن الخميس، من دون ذكرها.

فقد صرح خلال اجتماع مع مستشارين أنه سيواصل «الدفاع عن الحقيقة ضد الذين يدعمون كذبة ما يسمى ?الإبادة الجماعية للأرمن لأغراض سياسية».

ورغم سنوات من ضغوط الجالية الأرمنية في الولايات المتحدة، لم يجازف أي رئيس أميركي بإثارة غضب أنقرة.

واعترف الكونغرس الأميركي بابادة الأرمن في كانون الأول 2019 في تصويت رمزي. لكن الرئيس دونالد ترامب الذي كانت تربطه علاقة جيدة إلى حد ما بإردوغان، رفض استخدام هذه العبارة واكتفى بالحديث عن «واحدة من أسوأ الفظائع الجماعية في القرن العشرين».

ويقدر الأرمن بمليون ونصف مليون عدد الذين قتلوا منهم بشكل منهجي خلال الحرب العالمية الأولى على أيدي قوات الإمبراطورية العثمانية التي كانت حينذاك متحالفة مع ألمانيا وامبراطورية النمسا-المجر. وهم يحيون ذكرى هذه الحملة في 24 نيسان من كل عام.

اعترفت تركيا التي نشأت عند تفكك الإمبراطورية العثمانية في 1920، بوقوع مجازر لكنها ترفض عبارة الإبادة مشيرة إلى أن منطقة الأناضول كانت تشهد حينذاك حربا أهلية رافقتها مجاعة ما أودى بحياة بين 300 الف إلى نصف مليون أرمني وعدد كبير من الأتراك.

وكان بايدن قال، في بيان في 24 نيسان 2020 خلال الحملة الانتخابية، إنّه «يجب ألا ننسى أبدا ولا أن نبقى صامتين حيال حملة الإبادة المروعة والمنهجية هذه».

وأضاف: «إذا لم نعترف بالإبادة بشكل كامل وإذا لم نحيي ذكراها وإذا لم نعلمها، فإنّ كلمات «لن تتكرر أبداَ»، لن تعني شيئاَ بعد ذلك».

ولن يكون لإعلان بايدن أي تأثير قانوني لكنه لا يمكن إلا أن يؤدي إلى تفاقم التوتر مع تركيا التي وصفها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن «بالشريكة الاستراتيجية المفترضة» التي «لا تتصرف كحليف في العديد من الجوانب».

ويؤكد الرئيس الديموقراطي أنه يريد جعل الدفاع عن حقوق الإنسان في صميم سياسته الخارجية. وقد أكدت حكومته الاتهام ب»الإبادة» الذي وجهته إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب في الأيام الأخيرة من ولايتها، للصين لقمعها المسلمين الأويغور.