مطران أستراليا للطائفة الكلدانية اميل نونا الذي يرعى شؤون ما بين 65 و70 ألف مواطن كلداني أسترالي يتركّز معظمهم في غرب سدني، كان مطراناّ للموصل يوم دخلتها «داعش» سنة 2014 وعاثت فيها خراباً وسلباً وقتلاً.
وغداة انتهاء زيارة الحبر الأعظم الى العراق كان لا بد من الوقوف على انطباع المطران نونا خاصة وأن البابا صلّى خارج كنيسة مدمّرة في الموصل.
صباح امس الأول الأربعاء التقت «التلغراف» المطران نونا في مقره في «بوسلي بارك» وكان معه هذا الحوار:
-كيف تصف زيارة قداسة البابا الى العراق كحدَث وماذا تتوقع كنتيجة؟
طبعاً أصفها بالحدث التاريخي:
أولاً: هي أول زيارة لحبر أعظم إلى العراق كذلك هي أول زيارة إلى أور التي نؤمن بها كبيت أبينا إبراهيم.
ثانياً: لأن الزيارة تحققت في زمنٍ صعب، زمن الكورونا، وفي وقتٍ يمر فيه العراق بأوضاعٍ صعبة.
ثالثاً: لأن الزيارة حدثت في وقتٍ يمر فيه المسيحيون العراقيون بأوضاع حزينةٍ جداً، وجاءت زيارة البابا لتمدّهم بالرجاء للبقاء في أرضهم.
أما من حيث النتيجة، فتأثير الزيارة إيجابي بالتأكيد.
أولاً: على مستوى العلاقة بين الأديان خاصةً المسيحية -الإسلامية وبالتحديد اللقاء الذي حصل بين قداسة البابا والسيد السيستاني، فهذا المشهد يمثل حدثاً تاريخياً بإمتياز لأنه يحصل لأول مرة على هذا المستوى ولأن هاتين المرجعيتين هما رمزان معروفان بدعواتهما الدائمة للسلام والأخوة والتعايش وإبراز الوجوه الإنسانية ووضعها فوق كل شيء آخر. وأرى ان تأثير هذا اللقاء سيكون كبيراً وإيجابياً.
ثانياً: اللقاء الذي حصل في أور بين مختلف الأديان والمذاهب هو دلالة رمزية لأن أور هي بيت إلتقاء الأديان وكانت الكلمات في هذا اللقاء معبرة جداً ونتمنى أن يمتد تأثيرها على جميع الأديان.
ثالثاً: تأثرت الجماعة المسيحية كما نعرف في السنوات الأخيرة بأوضاع العراق وبالحروب وكان المسيحيون دائماً هم الوقود بين الأطراف المتنازعة خاصةً ان عددهم تراجع والباقون منهم يحتاجون الى دعم، فكانت زيارة البابا علامة رجاء ودفعاً لهم للتمسك بأمكنتهم.
رابعاً: نتمنى أن يكون التاثير سياسياً أيضاً خاصة بعدما لمسنا أن الجميع تعاونوا على إنجاح الزيارة، ونتمنى أن يستمر هذا التعاون على إعادة إعمار العراق وتعزيز التناغم بين كل أبنائه.
-هل تتوقع أن يتراجع عدد المسيحيين أكثر في العراق؟
أنا أؤمن أنهم سيبقون ، ولكن يجب ان نكون واقعيين لأن البقاء يتطلب مقومات في العراق كبلد وليس كمسيحيين فقط.
ويوجد اليوم في العراق 200 ألف مسيحي معظمهم في كردستان. وكانت بغداد في السابق هي المركز تليها الموصل التي باتت شبه خالية من المسيحيين. أما الذين عادوا الى سهل نينوي فنسبتهم 40%.
ففي كردستان مثلاً إزداد عدد المسيحيين لأن الاقليم بعد سنة 2003 حافظ على نوع من الخصوصية الإدارية والحكم الذاتي وكانت الأوضاع مستقرة،
-ماذا شعرت وأنت ترى البابا يزور مدينة الموصل التي تركتها مدمرة سنة 2014؟
إعتراني شعوران: فرحٌ كبير وحزنٌ عميق.
الفرح لأن البابا زارها وهي التي يعود الوجود المسيحي فيها الى بداية القرن الأول.
وشعور الحزن لأننا رأينا المدينة التي خُرِّبت ليس بالأملاك بل في النفوس أيضاً. ورأينا البابا يزور فيها كنيسةً شبه مدمرة مدينة تخلو من المسيحيين وهي كانت منذ سنوات فائضةً بحضورهم حيث كان عدد المسيحيين فيها نحو مئة ألف نسمة في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي.
فأنا كنتُ مطراناً لمدينة الموصل بين سنتي 2010- 2014 وخرجت مع الكهنة قبل وصول «داعش» التي حطمت كل الصور والتماثيل وأحرقت وكسرت ونهبت والكنائس بكل ما فيها حتى الجدران.
-ما هو نشاطكم في مجلس الكنائس الشرقية في استراليا؟
نحن نعتبر أنفسنا في حالة إجتماعٍ دائم لمساعدة مسيحيي الشرق، وآخر نشاط لنا كان في لبنان بعد إنفجار مرفأ بيروت في أربعة آب/ أغسطس حيث تم جمع التبرعات لمساعدة المتضررين، وأنا أفتخر بأبرشيتنا الكلدانية التي جمعت مبلغاً كبيراً.
بطاقة
المطران إميل نونا من مواليد القوش شمال الموصل وفيها أنهى دروسه الثانوية
تابع دراسة الكهنوت في بغداد لفترة ست سنوات.
خدم في القوش كاهناً حتى سنة 2000 حين غادر الى روما لخمس سنوات للتخصص في اللاهوت.
عُين مطراناً على أبرشية الموصل الكلدانية بين سنتي 2010-2014.
زار لبنان مرتين قبل تعيينه مطراناً على أبرشية استراليا الكلدانية سنة 2015.