نوه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ب»خطوة رئيس الجمهورية في ارسال كتاب الى المجلس النيابي حول التحقيق الجنائي»، وقال: «لقد طار التحقيق الجنائي، الا يجب ملاحقته؟ لقد قام رئيس الجمهورية بواجباته الدستورية وكتب الى المجلس النيابي لمعرفة سبب الامر وما يمكن القيام به. هل هذا يعني نهاية الموضوع، فنقول لمن كانوا مكلفين بالتحقيق مع السلامة لأنهم غادروا؟ ان الرئيس قام بواجباته، وما قام به هو من صلب هذه الواجبات. ومن واجبات المجلس النيابي ان يجيب على كتاب الرئيس». وشدد على «اننا نطالب دائما بمحاربة الفساد أينما كان، في كل مؤسسات الدولة، في مصرف لبنان وكل الوزارات والإدارات العامة والمجالس المناطقية والمحلية والا فإننا لسنا نقوم بشي»، مؤكدا على انه «لا يجب ان يتوقف التدقيق وعلى القضاء ان يستمر في عمله هذا».
وطالب البطريرك الراعي ب»حكومة انقاذية، استثنائية، مجردة وغير مدجنة من احد وغير سياسية وغير حزبية وقادرة على العمل، لأن عليها ان تواجه ورشة طويلة وعريضة لأنهاض البلد من الموت. والبلد لا يستطيع ان يتحمل مرور شهر من دون تحقيق أي أمر في هذا الاطار»، متسائلا: «من له الحق في قتل البلد بهذه الطريقة، في وقت ان لديه الصلاحية لحل الموضوع؟».
وكان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون التقى عند الثالثة من بعد الظهر في قصر بعبدا البطريرك الراعي، في زيارة قبيل مغادرته الى حاضرة الفاتيكان للاشتراك في احتفال تنصيب الكرادلة الجدد، حيث من المقرر ان يلتقي الحبر الأعظم البابا فرنسيس.
الراعي
بعد اللقاء، ادلى البطريرك الراعي بالتصريح التالي الى الصحافيين: «تعرفون انه عندما تكون لدي زيارة الى الخارج، وبالأخص اذا ما تضمنت لقاءات مع الرسميين، فإنني آتي لزيارة فخامة الرئيس، ليس فقط لوداعه، انما لكي أستمع منه الى عرض واقعنا الحقيقي. وهذه المرة، انني ذاهب الى حاضرة الفاتيكان، ويشرفني ان يكون لي لقاء مع قداسة البابا. وسأحمل اليه واقعنا اللبناني بالتفاصيل، وسأشكره على اهتمامه الدائم بلبنان ونداءاته وصلواته المستمرة من اجلنا، إضافة الى ايفاده لأمين سر الدولة الكاردينال بياترو بارولين الى لبنان بعد شهر بالتمام على انفجار المرفأ، وتخصيصه يوما عالميا للصلاة والصوم من اجل لبنان، وارساله كذلك مساعدات الى عدد من المدارس. وسأقوم بذلك باسم جميع اللبنانيين، وسأقول له انهم جميعا مشتاقون له، اذا كان بامكانه ان يقوم بزيارة للبنان. كما انني سأشارك في احتفال تنصيب الكرادلة الجدد الذين عينهم قداسته، وعادة ما يكون جميع الكرادلة مدعوون لمثل هكذا لقاء الى جانب قداسته».
حوار
ثم دار حوار بين الصحافيين والبطريرك الراعي الذي اكد ردا على سؤال، انه «في ما يختص بانفجار المرفأ، فلقد شعرنا، على الرغم من اننا من ابعد من يتحدث بلغة طائفية او مذهبية، والمنطقة التي تضررت معظم سكانها من المسيحيين، اننا لم نر أي حركة ابدا أظهرت اننا شعب واحد وجميعنا مرتبطون بعضنا ببعض. اريد ان احيي من هنا، جميع الذين تطوعوا من شباب وحركات ومنظمات ولدت ابنة ساعتها من جانب واحد كي تساعد هذه المنطقة. هذا الأمر اطوي صفحته، لأنه علينا ان نقول دائما اننا نكون في لبنان عائلة واحدة، ذلك ان قيمة لبنان هي في التنوع الديني والثقافي الذي يقوم عليه، وهو الأساس الذي جعل منه بلدا ديموقراطيا ومنفتحا على جميع البلدان، يفصل بين الدين والدولة. ونحن لا نؤيد ان نخسر هذه الحقيقة ولذلك هو بلد حيادي وهذه مواضيع أساسية بالنسبة الينا».
أضاف: «اما بخصوص التحقيق الجنائي، فهذا موضوع يجب ان تتم متابعته من خلال حكومة، ومن الأفضل ان تشكل حسب الدستور، لأن القرار الاجرائي يكون للحكومة مجتمعة، فعندما تكون مستقيلة تكون ضعيفة لجهة القرارات التي عليها اتخاذها. انا لا اعرف كيف توقف التحقيق، لكنني اعرف انه من الأساس كان على القضاء وضع يده على الفساد، ومكافحته أينما كان في الوزارات والمجالس بدءا من المصرف المركزي. ونحن نطالب دائما بمحاربة الفساد أينما كان، بكل مؤسسات الدولة، في مصرف لبنان وكل الوزارات والإدارات العامة والمجالس المناطقية والمحلية، والا لسنا نقوم بشي. لا يعني ذلك اننا في ما نحن نقوم بالتدقيق الجنائي في مصرف لبنان، وتعثر الأمر لا اعرف لماذا، علينا اذ ذاك ان نتوقف. البلد لم يعد فيه مال وافلس لأن مالية الدولة اختفت، لذلك لا يجب ان يتوقف التدقيق وعلى القضاء ان يستمر في عمله هذا».
وعن الموضوع الحكومي والجمود الذي يعتري التأليف، قال: «الامر في غاية البساطة، والجميع يعرفه كما يتم تداوله في الاعلام. علام ينص الدستور؟ انه ينص على ان الرئيس المكلف يهي الحكومة، ومع رئيس الجمهورية ينهيانها معا. من هنا لا يتم تأليف الحكومة بالتقسيط: قطعة اليوم، ثم بعدها قطعة، فقطعة في ما بعد. جميعنا سمعنا الذي حصل وقوامه ان يا دولة الرئيس تعال بالحكومة التي تريد ان تؤلفها كاملة بكل أعضائها وفقا للدستور كي ندرسها معا، وإذ ذاك يمكننا ان نصدر مراسيمها في يوم واحد… لقد مر شهر والبلد يموت، ولا زلنا على سيرة: هنا لم يعطوني بعد أسماء، وأولئك لم يعطوني بعد أسماء، وهؤلاء توفر لدي نصفهم… ليس هكذا يتم تشكيل الحكومة، فليسمح لنا بها. الحكومة لا تشكل هكذا. اكرر يتم تشكيل الحكومة عندما يأتي الرئيس المكلف ويجري استشاراته وقد قام بها، ثم ينتقل الى رئيس الجمهورية فينهيا معا الموضوع، لأن البلد يموت وهو لا يتحمل أي يوم تأخير على ما تعرفون جميعا».
اضاف: «نحن نريد حكومة انقاذية، استثنائية، مجردة وغير مدجنة من احد، وغير سياسية وغير حزبية وقادرة على العمل، لأن عليها ان تواجه ورشة طويلة وعريضة لأنهاض البلد من الموت. والبلد لا يستطيع ان يتحمل مرور شهر من دون تحقق أي شي في هذا الاطار. كيف ذلك؟ من له الحق في قتل البلد بهذه الطريقة، في وقت ان لديه الصلاحية لحل الموضوع؟».
وعن رسالة الرئيس عون الى المجلس النيابي، قال: «لا حول ولا قوة، وهو عمل بشكل جيد. ماذا يعمل؟ لقد طار التحقيق الجنائي، الا يجب ملاحقته؟ لقد قام رئيس الجمهورية بواجباته الدستورية وكتب الى المجلس النيابي لمعرفة سبب الامر وما يمكن القيام به. هل هذا يعني نهاية الموضوع، فنقول لهم لمن كانوا مكلفين القيام به مع السلامة لأنهم غادروا؟ ان الرئيس قام بواجباته، وما قام به هو من صلب هذه الواجبات. ومن واجبات المجلس النيابي ان يجيب على كتاب الرئيس».
وعما اذا كانت العودة الى خيار الرئيس المكلف سعد الحريري لتشكيل الحكومة كان خاطئا، بعد ما سبق وقاله، أجاب الراعي: «ان الأمور كلها تتغير. ولقد فهمنا ان الأمور لم تكن ماشية في السابق، والآن تم تكليفه. وهو كلف دستوريا واصبح لزاما على كل من رئيس الحكومة المكلف ورئيس الجمهورية ان يتعاونا لخير البلد. وما مضى قد مضى، وعلينا ان نضعه وراءنا. هذا علينا ان نعيشه على الدوام. لا يجب ان نبقى اسرى الماضي، بل علينا ان نعرف كيف نقلب الصفحة لأن هناك خيرا اكبر هو لبنان وشعبه وكيانه ودولته. وخير ما قاما به هو انهما طويا الصفحة. فليستمرا بالسير الى الامام، إذ ليس مقبولا ان يمر شهر على التكليف ونحن لا زلنا في مكاننا ويخشى ان نعود الى الوراء، لأن عدم التقدم هو تقهقر».