يقول الوحيُّ المُقدَّس:”ثم انتقل يسوع من هناك وجاء إلى جانب بحر الجليل. وصعد إلى الجبل وجلس هناك. فجاء إليه جموعٌ كثيرة معهم عُرجٌ وعُميٌ وخُرسٌ وشُلٌّ وآخرون كثيرون. وطرحوهم عند قدميّ يسوع، فشفاهم. حتى تعجَّب الجموع إذ رأوا الخرس يتكلّمون والشُلَّ يَصُحّون والعُرج يمشون والعمي يُبصرون. ومجَّدوا إله إسرائيل. وأما يسوع فدعا تلاميذهُ وقال إني أشفِقُ على الجمع لأن الآن لهم ثلاثةَ أيامٍ يمكُثُون معي وليس لهم ما يأكلونَ. ولستُ أريدُ أن أصرِفَهُم صائميَن لئلا يخوروا في الطريق. فقال له تلامِيذُهُ من أين لنا في البريّة خُبزٌ بهذا المقدارِ حتى يُشبِع جمعاً هذا عَدَدُهُ. فقال لهم يسوعُ كم عندكم من الخُبز. فقالوا سبعةٌ وقليلٌ من صغار السمك. فأمر الجموعَ أن يتكِئوا على الأرضِ. وأخذ السبعَ خُبزاتٍ والسمك وشكر وكسَّر وأعطى تلاميذه والتلاميذ أعطوا الجمع. فأكَلَ الجميعُ وشبعوا. ثم رفعوا ما فَضَلَ من الكِسَرِ سبعةَ سلالٍ مملوءةٍ. والآكلون كانوا أربعة آلافَ رجلٍ ما عدا النساءَ والأولادَ. ثم صرف الجموعَ وصَعِدَ إلى السفينة وجاء إلى تُخُومِ مَجدَلَ”(متى29:15).
الناس تسعى وراء شِفَاء الجسد وليس بهذا مضرّة لكن الله يُريدنا أن نتمتّع بشفاء أرواحنا ونفوسنا من داء الخطية والإثم. لهذا لم يُقدّم المسيح للشعب شفاءً جسديّاً وخُبزاً لإشباع البطون فحسب بل قدَّمَ لهم طعاماً روحياً أي تعليما سماويّاً لإشباع أرواحهم الجائعة، المُحتاجة للشفاء والحياة الأبديّة. فأنارَ بكلامهِ بصيرتهم وجهّز ضمائرهم لقبول مغفرة الخطايا بذبيحته الطاهرة فينالوا بهِ خلاصاً أبدياً. قال الوحيُّ:”الذي خلَّصَنَا ودعانا دعوةً مقدَّسةً لا بمقتضى أعمالنا [الصالحة] بل بمقتضى القصد والنعمةِ التي أعطيَتْ لنا في المسيح يسوع قبل الأزمنة الأزليّة. وإنما أظهِرَتْ الآن بظهور مخلّصنا يسوع المسيح الذي أبطَلَ الموتَ وأنار الحياةَ والخلود بواسطة الإنجيل”(2تيموثاوس9:1).
الرب يسوع شفى مرضى لا حصر لهم على جميع أنواعهم الأمر وهذا لم يحدث من قبل على الاطلاق لكنهُ وَعَدَنا بالشفاء الكامل في المجد الأبدي كقول الوحيّ:” وإلهُ السَّلام نفسهُ يُقدِسُكُم بالتمام ولتُحفَظْ روحُكُم ونفسكُم وجسدكُم كاملةً بلا لوم عند مجيءِ ربنا يسوعَ المسيحِ” (2تسالونيكي 23:5). أيضاً:”وسيمسحُ اللهُ كُلَّ دمعةٍ من عيونِهِم والموت لا يكونُ في ما بعدُ ولا يكون حزنٌ ولا صُراخٌ ولا وجعٌ في ما بعدُ لأن الأمور الأولى قد مضت. وقال الجالس على العرشِ ها أنا أصنعُ كلَّ جديداً”(رؤيا 4:21). فهيّا بنا نهتف بالحمد والتسبيح لله لأجل جميع البركات التي تمتعنا بها في المسيح كما قال داود النبي والملك:”باركي يا نفسي الربَّ وكلُ ما في باطني ليبارك أسمه القدّوس. باركي يا نفسي الرب ولا تنسي كلَّ حسناتهِ. الذي يغفرُ جميعَ ذنوبِكِ الذي يشفي كلَّ أمراضِكِ الذي يفدي من الحُفرَةِ [الهاوية الأبدية] حياتَكِ. الذي يُكلّلكِ بالرحمة والرأفة. الذي يُشبعُ بالخيرِ عُمرَكِ فيتجدَّدُ مثلَ النسرِ شبَابُكِ”(مزمور103).
المسيح سدَّد للشعب الحاجة الأهم؛ أن يتعلّموا ويفهموا حاجتهم الماسة لِفِدَاء المسيح إذ قدّم نفسهُ ذبيحة كَفّارِيّة لأجلنا، لتحيا بهِ أرواحنا المائتة بالذنوب والخطايا (أفسس2). بعد ذلك كان يمنحهم شفاء الجسد وطعام الجوف. شفاء الأرواح أولاً ثم يليه شفاء الأجساد من الأمراض؛ يُرافقهُ إشباع البطون وتسديد الاحتياجات الزمنية. فَتَمَّ بالمسيح ما قيل بالأنبياء:”أرسلَ كلمتهُ فشفاهُم…أشبَعَ نَفسْاً مُشتهيّة وملأ نَفسْاً جائعة خيراً”(مزمور107).
الوحيّ أشار إلى المسيح بأنهُ “الكلمة الأزلي” لذا الله تعالى أرسلَ الى بني إسرائيل كلمتهُ، المسيح الحيّ، لشفاء وإشباع أرواحهم، لأنهُ مكتوبٌ:”في البدءِ كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله…والكلمة صارَ جسَداً وحلَّ بيننا”(يوحنا1:1). ولهذا قال الرب يسوع:”وأما أنا فقد أتيتُ لتكونَ لهم حياةٌ وليكون لهم أفضل”(يوحنا10:10).
لم يتفوّه الله بكلمة الشفاء من عليائهِ كما كان يفعل مع بني إسرائيل لكنه في المسيح “الكلمة الأزلي الشافي” جاءَ وبيَّنَ لنا محبتهُ العمليّة كقول الوحيُّ:”المسيحُ الَّذِي وَهُوَ بَهَاءُ مَجْدِهِ وَرَسْمُ جَوْهَرِهِ وَحَامِلٌ كُلَّ الأَشْيَاءِ بِكَلِمَةِ قُدْرَتِهِ بَعْدَ مَا صَنَعَ بِنَفْسِهِ تَطْهِيراً لِخَطَايَانَا جَلَسَ فِي يَمِينِ الْعَظَمَةِ فِي الأَعَالِي”(عبرانيين3:1). فيا لها من نعمة غنيّة!! الله صنعَ لنا الفداء بنفسهِ، في المسيح!!
قال الوحيُّ:”ولما صار المساء قدّموا إليه مجانين كثيرين. فأخرجَ الأرواح بكلمةٍ وجميع المرضى شفاهُم. لكي يتمَّ ما قيل بإشعياء النبيّ القائل هو [المسيح] أخذ أسقامنا وحمل أمراضنا”(متى 16:8). المسيحُ حملَ أسقامنا وأمراضنا الروحية والجسدية بجسدهِ الطاهر فوق الصليب كذبيحة ليرفع عنّا لعنة الخطية الأصلية والموت “الأبدي” ودينونة خطايانا. أمام هذه المحبة السامية والباذلة كيف نتردّد أو نتمهّل أو نسكت عن قبوله فاديا ومُخلّصاً وربّاً على حياتنا؟! بل كيف نسكت عن حمدهِ وتسبيحهِ وإكرامهِ؟! بل كيف نتهاون بأمرِ الشفاء العظيم المعروض علينا بنعمة الله الغنيّة مجاناً؟
حذارِ من الرفض لأن الوحي يقول:”فَكَيْفَ نَنْجُو نَحْنُ إِنْ أَهْمَلْنَا خَلاَصاً هَذَا مِقْدَارُهُ، قَدِ ابْتَدَأَ الرَّبُّ بِالتَّكَلُّمِ بِهِ ثُمَّ تَثَبَّتَ لَنَا مِنَ الَّذِينَ سَمِعُوا”(عبرانيين3:2). ***نُصلي:”أيها الرب يسوع ارحمني واغسل خطاياي وآثامي بدمك الكريم واملأني بروحك القدوس وامنحني نعمة الحياة الأبدية لكي أُمَجِّد اسمك المبارك كل أيام حياتي”. وأخيراً أهدي للآب والابن والروح القدس الإله الواحد المثلَّث الأقانيم السُّجود والإكرام والعِبَادة الآنَ وإلى أبدِ الآبدين، آمين.
مع محبة المسيح: راعي كنيسة غيلفورد العربية المعمدانية، القس الدكتور جُون نَمُّور.

‏130-132 Orchardleigh st
Guildford 2161, Ph 96320300,
HYPERLINK
“http://www.arabicbaptist.net” www.arabicbaptist.net