من المنتظر أن يلتقي وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في برلين بعد غد (الجمعة)، للنظر في التوتر المتواصل في مياه المتوسط والخلاف المستحكم بين تركيا من جهة واليونان وقبرص من جهة أخرى. وغرض الاجتماع الذي قرر الوزراء المعنيون انعقاده منذ شهر يونيو (حزيران) الماضي البحث فيما يتعين اتخاذه من إجراءات وتدابير بحق تركيا بسبب نشاطاتها في التنقيب عن الغاز والنفط في المياه الإقليمية لكل من قبرص واليونان والتي تصفها فرنسا بأنها «اعتداء على سيادة دولتين عضوين» في الاتحاد.
وفي الساعات الأخيرة، ازداد التوتر بين أثينا وأنقرة ووصلت الأمور إلى حد الحشد العسكري المتبادل للطرفين، ما ينذر بحصول خطأ ما في التقدير أو التصرف مثلما حصل الأسبوع الماضي عند ارتطمت مدمرتان يونانية وتركية، وعزت كل منهما سوء التصرف إلى الطرف الآخر. وبينما أعلنت القيادة العسكرية اليونانية، أول من أمس (الاثنين)، عن قيامها بمناورات عسكرية بحرية – جوية، في منطقة عمليات سفينة البحث الجيولوجي التركية «أوروتش رئيس»، ردت أنقرة بشكل مزدوج: الأول، تمديد فترة أنشطة السفينة المذكورة حتى 27 الجاري أي طيلة فترة المناورات اليونانية في المياه الواقعة بين جزيرة كريت وقبرص. والآخر الإعلان عن قيامها، من جهتها أيضاً، بمناورات عسكرية في المنطقة نفسها.
ذهب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أول من أمس، إلى حد اعتبار أنه لا يحق لليونان إصدار «تنبيه» بشكل إرشادات ملاحية في إطار نظام «نافتكس» بخصوص المناطق التي تريد إجراء مناورات عسكرية فيها بوصفها «مناطق تركية». وبلهجة التحدي، حذر إردوغان «الذين يدفعون اليونان إلى مواجهة البحرية التركية ولن يقفوا خلفها»، بمعنى أنه لا يتعين على المسؤولين اليونانيين الركون إلى الدعم العسكري الذي يأتيهم من أطراف أخرى في إشارة غير مباشرة إلى فرنسا التي أرسلت فرقاطة وحاملة مروحيات وطائرتي «رافال» قبل أسبوعين، لمساندة اليونان والقيام بتمارين مشتركة مع قواتها. وبصراحة غير معهودة، أعلن وزير الدولة للشؤون الأوروبية الفرنسي كليمون بون، أن المساندة العسكرية الفرنسية غرضها «وضع حد للاختبارات التي يقوم بها إردوغان لأوروبا وإفهامه أننا لسنا ضعفاء».
إزاء هذا التصعيد، سارع وزير خارجية ألمانيا هايكو ماس أمس، إلى أثينا وأنقرة في محاولة لخفض التوتر بين العضوين في الحلف الأطلسي. ومنذ أن بدأت الأزمة التركية – اليونانية، في آخر تجلياتها، بإثارة المخاوف أوروبياً وأطلسياً، سعت برلين للعب دور «الإطفائي». ففي نهاية يونيو، قامت المستشارة الألمانية التي ترأس المجلس الأوروبي حتى نهاية العام الجاري، بالتدخل لدى إردوغان لدفعه إلى الاعتدال.