بقلم / نورالدين مدني

*كتب الفاتح عروة على أيام»السوداني الدولي» في تسعينات القرن الماضي مقالاًقال فيه أن هناك علاقة بين الصحافة والأمن، كتبت وقتها قائلاً: أن ذلك صحيح في مرحلة جمع المعلومات وتقصي الحقائق للخبر أو التحقيق أو الإستطلاع الصحفي، لكن هناك إختلاف كبير في طريقة الإستفادة من المعلومات، خاصة وأن الصحفي يهدف من وراء ذلك أطلاع الرأي العام والمسؤولين بما يجري، بينما رجل الأمن يتكتم على المعلومات ويوظفها لخدمة وظيفته الأمنية.
*كتبت ذلك بعد ختام أعمال ورشة الصحافة، التمهيدية لمؤتمر الإعلام الثاني في ذلك الوقت  ، ولظهور تقاطعات واضحة بين العمل الصحفي والعمل الأمني فيكثير من الأحيان، لذلك ظل الهاجس الأمني ماثلاُ في الجلسات الأولى لورشة الصحافة وفي المداولات التي أثرت ختام فعالياته ، تناولت أعمال الورشة أهم التحديات التي تواجه الصحافة، في المجالات القانونية والمهنية والإقتصادية، وخرجت بتوصيات مهمة تهدف لتعزيز حرية الصحافة وكفالتها وحمايتها، وتأمين حق الصحفي في الحصول على المعلومات ونشرها، وتدريب الصحفيين وبناء قدراتهم، وتحسين بيئة العمل المؤثرة في الأداء الصحفي، وتفعيل الدور المهني للمجلس القومي للصحافة والمطبوعات الصحفية.
*دار حوار صريح في ختام أعمال ورشة الصحافة، حول العقوبات التي تطال الصحف والصحفيين وقرارت حظر النشر ومصادرة الصحف بعد الطباعة وتعليق إصدار الصحف لأجل غير مسمى كما حدث لأكثر من صحيفة، بل طرح إقتراح بقيام ورشة خاصة للتداول حول العلاقة بين الصحافة والأمن .
*إن التحديات التي تواجه الصحافة وتؤثر على الممارسة المهنية كثيرة ومتداخلة، وبعضها لايمكن معالجته من خلال مخرجات مثل  هذه الورش، لأنها تتوقف بدرجة كبيرة على إرادة مالكي وناشري الصحف، والإرادة السياسية اللازمة لإتخاذ قرارات واجراءات عملية وملموسة للتخفيف من الأعباء التي تواجه المؤسسات الصحفية ومستقبل الصحافة.
*ليس هناك خلاف حول ضرورة الإلتزام بالضوابط التي تحكم نشر الأخبار المتعلقة بالعمليات العسكرية إلا من الناطق الرسمي و التدقيق في الأخبار التي تهدد الأمن الإقتصادي والسلام الإجتماعي،خاصة ما يمكن أن تثير الفتن الدينية والعنصرية، وما تؤثر سلباًعلى علاقات السودان الخارجية، لكن للأسف هناك تدخل مباشر في العمل الصحفي لامبرر له ، إضافة لبعض التصريحات والتسريبات الضارة بالسلام الإجتماعي،و – للأسف – مازالت  هذه التصريحات المسمومة مازالت  في بعض الصحف حتى بعد نجاح ثورة ديسمبر الشعبية في الاطاحة بنظام حكم الإنقاذ!!.
*هذا يقودنا للحديث عن ضرورة إعتماد الصحف على المراسلين الميدانيين، خاصة في الولايات، وضرورة تدريبهم وتنمية قدراتهم وإعطاء مساحات مقدرة للولايات، والحرص على إيصال الصحف للولايات – طبعاً بعد عودة الصحافة الورقية -، وتيسير سبل ذلك عبر مختلف وسائل النقل السريع للمساعدة في معالجة مشاكل توزيع الصحف وربطها بولايات السودان المختلفة.
*حتى بعد نجاح ثورة ديسمبر الشعبية مازلت الصحافة في حاجة ماسة للكثير من العمل التنفيذي والسياسيي والقانوني والإداري حتى تسترد عافينها المهنية والديمقراطية.