بقلم رئيس التحرير أنطوان القزي
نفهم لماذا اندلعت في نهاية الأسبوع في أتلانتا الأميركية تظاهرات احتجاجاً على وفاة أميركي أسود آخر، يُدعى رايتشارد بروكس (27 عاماً)، بعدما تلقى رصاصة قاتلة من شرطي أراد توقيفه، ونفهم لماذا رئيسة شرطة أتلانتا إريكا شيلدز . وكان تقرير رسمي ذكر أن بروكس نام داخل سيارته عند مدخل مطعم للوجبات السريعة، فاتصل موظفو المطعم بالشرطة لأن سيارته كانت تعرقل طريق الزبائن.
ونفهم لماذا يتواصل الغضب في دول غربية عدة، على خلفية مقتل الأميركي ذي الأصول الأفريقية جورج فلويد (46 عاماً) في مدينة مينيسوتا الأميركية، الشهر الماضي.
ونفهم لماذا شهدت مدن العالم تظاهرات مندّدة بالعنصرية من أميركا الى أوروبا وصولاً الى المدن الأسترالية.
وفي أستراليا، نفهم لماذا انضم مناصرو الشعب الأصلي الأبورجيني الى المتظاهرين، ونفهم أيضاً أن يلتحق بالتظاهرات المطالبون بتجسين ظروف اللاجئين في المعتتقلات..
وفي لبنان نفهم لماذا أوقف الجوع والفقر والمعاناة في طرابلس شاحنات الغذاء، لأن البطون الخاوية لا تستطيع أن تشاهد الموائد تمرّ من أمامها مهما كان السبب؟!.
ولكننا لا نفهم ما الذي حصل في اللعازارية في بيروت ليل الجمعة- السبت، فلا هي تظاهرة ولا هي احتجاج ولا هي رفع شعارات أو مطالب.
إن التكسير الذي حصل في بيروت تلك الليلة لا يشبه كل ما ذكرناه سابقاً من تظاهرات تندد بالعنصرية، بل أن مشهد الخراب في اللعازارية (الصورة الثانية) هو العنصرية بعينها ، فالذي نزل الى الشارع يحمل المعول وقضبان الحديد هو مخرّب وليس ثائراً، فالمتضررون هم مواطنون مثله، يعانون مثله ولهم عائلات مثله.. فمشكلة لبنان ليست مع بائع الشاورما ولا مع صاحب محل الثياب أو الأدوات الكهربائية، فالمشكلة هي في مكان آخر : في الهدر والسرقات والصفقات عند اهل السياسة.. ومخرّبو اللعازارية يعرفون تماماّ أن يكمن الداء، ويعرفون أنهم يمارسون غوغاءهم في المكان الخطأ ورغم ذلك عمدوا الى ما عمدوا اليه عن سابق تصوّر وتصميم وكأنهم يقولون للمواطن اللبناني ” عليك أن تموت جوعاّ دون كلمة آخ”؟!..
وبين اتلانتا واللعازارية مسافة بين مناهضة العنصرية هناك وبين ممارستها هنا”؟!.
.