بقلم / نور الدين مدني

*صادف أن حملت معي إلى أستراليا كتاب «زاد المبدعين – محجوب كرار وشعر الشايقية» الذي يتضمن خلاصة حوار أجراه سيد أحمد على بلال مع الراحل المقيم محجوب كرار بمدينة مانشستر ببريطانيا.
*أوضح سيد احمد في مقدمة الكتاب انه أجرى هذا الحوار على امتداد ثلاثة أيام من 22 – 24 سبتمبر 1966م بمنزل جميل محجوب كرار عندما كان والده في في رحلة علاجية في إنجلترا.
*إعتذر محجوب كرار قبل بدء الحوار معه بأنه ليس لديه مراجع في بريطانيا تعينه على التدقيق في المعلومات التي سيدلي بها في إجاباته ، فقد كان اللقاء صدفة وفي مانشستر لذلك فإنه سيعتمد على ذاكرته فقط.
*الكتاب يتضمن مقاطع مختلفة من أشعار الشايقية التي قال محجوب كرار أنه لاينظر إليها بالمنظور الإثني التقليدي الضيق، لكنه ينظر إليها ضمن التراث الثقافي الموروث من النوبة القدماء التي تشمل أيضاً إيقاعات الدناقلة والسكوت والمحس التي تشبه إيقاعات الشايقية لكنها بطيئة قليلاً.
*لن أتوقف عند المقارنات التقليدية بين الشايقية والجعليين، رغم ان المؤلف تناولها في معرض حديثه عن شعر الحماسة والمنافسة التأريخية بينهما، وإنما سأكتفي بتقديم مقاطع منتقاه من شعر الشايقية.
* عند حديثة عن «قوة الشعر» يورد محجوب كرار نصاً شعرياً نظمته أمه»بت نعمي» عندما اخبرها بأنه مسافر إلى لندن لزيارة صديقه فيليب الذي تعرف عليه عندما إستأجر منهم صالوناً في الخرطوم، لكنها رفضت وأنشدت قائلة : إن قام ولدي شن فايدة قعادي .. إلى ان تقول : حصنتك منو بي رب العباد
أملاكو زريبي والبنيان سدادي
تحضرني وتلقني الشهادي
وفي القبر تنزل تخت حجر الوسادي.
*عند حديثه عن «الطنبور- الاله والتأريخ» قال أن هناك إهتمام كبير بالرقص مع الغناء على إيقاع الدليب والطنبور، ويحرص المتدافعون نحو حلبة الرقص على نيل الشبال من الراقصة، التي تطرح أوترمي شعرها على من يحييها كناية على رد التحية.
*النماذج الشعرية التي جاءت في الكتاب كثيرة وجميلة، لكن الذاكرة السودانية تحفظ للراحل المقيم الشاعر إسماعيل حسن مقاطع من إنتاجه الشعري، خاصه خطابه الشعري الذي يتضمن حواراً حنيناً بين الأم وإبنها الذي سافر بعيداً، يقول فيه : في درب البنات أنا اتغربت واتبهدلت.. دابي
وأنا اتوكرت في بلداً بناتا بلا المهور الجامحة .. فوق الريح تشابي، إلى ان يقول : وان كان للقروش ان شالله طايري
أنا يعلم الله .. لي حولين.. إسم فرطاقة ما دخلت جرابي.
*»زاد المبدعين» من الشعر الشعبي الحميم لاينضب، وإنما يبقى فوق الخلافات والتصنيفات القبلية ليغذي وجدان الامة في كل زمان ومكان.