بقلم رئيس التحرير/ انطوان القزي
منذ ثلاثة أسابيع كتبت مقالاً في هذه الزاوية بعنوان ” التونسيون قلبوا الطاولة” : غداة انتهاء الدورة الإنتخابية الرئاسية الأولى وتفوّق الأستاذ الجامعي الآتي من الريف قيس سعيّد في الدورة الأولى.
واليوم وبعد انتهاء الدورة الثانية وفوز سعيّد برئاسة الجمهورية أجدني أحيّي التونسيين وأشدّ على أيديهم التي عرفت كيف تقترع!. لأن التنونسيين رفضوا الطبقة التقليدية الحاكمة وأحزابها بكل ما تمثّله وكانوا أوفياء للبوعزيزي و”ثورة الياسمين” التي انطلقت سنة 2011.
فقد أعلنت هيئة الانتخابات التونسية هذا الأسبوع عن فوز قيس سعيّد في انتخابات الرئاسة بنسبة 72.1% من أصوات الناخبين في الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية التي شهدتها البلاد يوم الأحد.
وقالت هيئة الانتخابات في بيان رسمي إن نبيل القروي -الذي نافس قيس سعيّد في تلك الجولة- حصل على 27% من الأصوات.
والأهم في الإنتصار أن قيس استدان المال كي يخوض معركته الرئاسية في مواجهة الملياردير نبيل القروي الذي يمتلك محطة تلفزيونية وعشرات الشركات التجارية.
وقال قيس أنه لن يمنح زوجته القاضية إشراق اشيل ( الصورة) لقب التونسية الأولى لأن كل التونسيات هنّ أوَل!.
وأجمل ما قرأت هذا الأسبوع عن فوز قيس سعيّد ما يلي: “الفوز الساحق للرئيس التونسي قيس سعيّد بالانتخابات والتصريحات التي أدلى بها بمجرد فوزه، ليس لها سوى معنى واحد ، هي أن الرائعين أصحاب مقولة «إذا الشعبُ يوماً أراد الحياة» قد استجاب لهم القدر فعلاً، واستطاعوا أن يتحرروا من قيود الاستبداد والقمع والتسلط.
والأستاذ الجامعي المعروف بتقديسه للغة العربية، في بلد يتحدث أغلبُ سكانه باللغة الفرنسية، فاز بالانتخابات وأصبح رئيساً، ليؤكد من جديد أن تونس تغيرت وتتغير، وأن الثورات المضادة التي تريد إجهاض ثورات الحرية لم تنجح، أو على الأقل فشلت في تونس. وسيبدأ العرب بتحسس آثار التغيير الذي بدأ في تونس، ففي أول قمة عربية سيجلس الأستاذ الجامعي، الذي يحفظ قواعد النحو والصرف والعروض والبلاغة عن ظهر قلب، مع عدد من الحكام العرب الأميين، الذين يرسبون إن جلسوا في امتحان للصف السادس الابتدائي، سيجلس الأستاذ الجامعي أمام عدد من الحكام الذين لا يجيدون سوى قمع شعوبهم ودفع المال لأعدائهم، حينها سوف يشاهد المواطن العربي على الهواء مباشرة المفارقة.
الرسالة الأهم التي وصلتنا نحن العرب من تونس خلال الأيام الماضية هي أن «في العالم العربي ما يستحق الحياة»
وبطبيعة الحال، من نافلة القول، الاشارة إلى أن الأميين والجهلة من بعض الحكام العرب سوف يبدأون على الفور التآمر ضد الأستاذ الجامعي، ليس لشيء إلا لأن وجوده بينهم يشكل فضيحة لهم، وقد يُغري بعض الشعوب الأخرى بأن تطمع في أن يحكمها أستاذ جامعي يجيد القراءة والكتابة والتفكير”.. إنتهى
والسؤال هل تكون “ثورة الياسمين” أقوى من “ثورة الأرز” وتعيد التونسيين الى تسلّق الجبال؟.
نقول للتونسيين مبروك و”عاقبالنا”.