على وقع الانسحاب «الجزئي» للقوات الأميركية من مناطق سورية حدودية مع تركيا التي تتهيأ لهجوم على المقاتلين الأكراد، هدّد رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب مساء أمس الأول أنقرة بتدمير اقتصادها «تماماً» إذا «تجاوزت الحد» في سوريا.
وفي سلسلة تغريدات مطولة، برّر ترامب قرار الانسحاب بأنه يريد ترك الأطراف الضالعة في النزاع «تحلّ الوضع» بنفسها، مؤكدا رغبته في إنهاء الالتزام بالمنطقة و»الخروج من هذه الحروب السخيفة والتي لا تنتهي»، وأن «على تركيا وأوروبا وسورية وايران والعراق وروسيا والأكراد الآن حل الوضع».
وصرّح: «لقد قاتل الأكراد معنا لكنهم تلقوا الكثير من المال والمعدات للقيام بذلك. إنهم يقاتلون تركيا منذ عقود، وأبقيت نفسي بمنأى عن هذه المعركة على مدى 3 سنوات تقريباً، لكن آن الاوان لكي نخرج من هذه الحروب السخيفة والتي لا تنتهي، والكثير منها قبلية، وأن نعيد جنودنا الى البلاد».
وأضاف «سنحارب في المكان الذي نرى فيه فائدة لنا وفقط من أجل الانتصار».
لكن ترامب عاد وحذّر أنقرة، وكتب «أؤكد مجدداً فحسب على ما شددت عليه من قبل، أنه إذا فعلت تركيا أي شيء اعتبره، بحكمتي العظيمة التي لا تضاهى، مجاوزا الحدود فسأدمر تماما الاقتصاد التركي وأمحوه (لقد فعلتُ ذلك من قبل)».
وأكدت وزارة الدفاع الأميركية أنها لا تؤيد العملية التركية، وحذرت من «العواقب المزعزعة للاستقرار» لمثل هذه العملية «بالنسبة لتركيا والمنطقة وخارجها».
من جانبه، دعا السناتور الجمهوري ليندسي غراهام، ترامب الى «العودة عن الانسحاب»، محذراً من أن هذا الخيار «ينطوي على كارثة»، و»يضمن عودة تنظيم داعش».
وقال «اذا طبقت هذه الخطة… فسأقدم مشروع قرار الى مجلس الشيوخ يطلب أن نعود عن هذا القرار»، معتبراً أن «التخلي عن الأكراد سيكون وصمة على شرف أميركا».
وجاءت تلك التطورات إثر اتصال هاتفي بين ترامب ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، إذ أعلن البيت الأبيض ليل الأحد – الاثنين أنه «قريباً، ستمضي تركيا قدماً في عمليتها التي خططت لها طويلاً في شمال سورية»
وأكد أن «القوات المسلحة الأميركية لن تدعم العملية ولن تنخرط فيها (…)، ولن تتمركز بعد اليوم في المنطقة مباشرة» عند الحدود مع تركيا.
وبحسب البيت الأبيض، فإن «تركيا ستكون المسؤولة الآن عن جميع مقاتلي داعش الذين احتجزوا في العامين الماضيين غداة الهزيمة التي ألحقتها الولايات المتحدة» بالتنظيم.
وأوضح مسؤول أميركي أن الانسحاب سيقتصر في بادئ الأمر على «جزء من الأرض» قرب الحدود التركية كانت أنقرة وواشنطن قد اتفقتا على العمل معا لإقامة منطقة أمنية خاصة فيه.
وأضاف أن الانسحاب من المنطقة لن يشمل الكثير من القوات بل ربما العشرات فقط، و»على مسافة محدودة جدا».
وسحبت القوات الأميركية عناصرها، وفق ما أوضح مصدر قيادي في «قوات سورية الديموقراطية» (قسد)، من «نقاطها على الشريط الحدودي في رأس العين وتل أبيض».
وأوضح المرصد السوري لحقوق الإنسان أن القوات الأميركية توجهت إلى قاعدة عسكرية تابعة لها تقع بين المنطقتين.
ويشكل القرار الأميركي وفق مراقبين تحولاً بارزاً في السياسة الأميركية وتخلياً ملحوظاً عن المقاتلين الأكراد الذين شكلوا حليفاً رئيسياً لها في قتال «داعش».
وذكرت «قسد» أن «القوات الأميركية لم تفِ بالتزاماتها وسحبت قواتها من المناطق الحدودية مع تركيا»، وأن القرار الأميركي «كان مفاجئاً ويمكننا القول إنه طعنة في الظهر لنا».
وحذّرت من أنه سيكون لهجوم تركيا «الأثر السلبي الكبير على حربنا على تنظيم داعش».
إلا أن الرئاسة التركية ردت بأن أنقرة «ستواصل معركتها ضد داعش ولن تسمح له بالعودة بشكل أو بآخر».
ودفعت التطورات الميدانية الأمم المتحدة للتحذير من أنها «تستعد للأسوأ» في هذه المنطقة، ودعا مسؤول كبير في المنظمة الدولية جميع الأطراف إلى منع نزوح كبير للمدنيين إذا شنت تركيا هجوماً، وقال إن المنظمة أعدت خطة طارئة تحسبا للنزوح.
وحذر الاتحاد الأوروبي من أن «أي استئناف للمعارك سيزيد من معاناة الشعب السوري ويسبب نزوحاً للسكان ويقوض الجهود السياسية للحل»، كما ناشدت باريس أنقرة «تجنب أي مبادرة» قد تضر بالحرب على «داعش».