«ما أجمل ان نتأمل في هذا المساء كيف يتمجد الله في قدّيسيه وكيف أن رَجُل العناية أصبح اليوم في طريقه الى القداسة!»

بهذه الروحانية تأمَّل راعي الأبرشية المارونية في أستراليا المطران أنطوان-شربل طربيه السامي الاحترام بحياة البطريرك المكرّم الياس الحويّك، في عظة ألقاها في قداس الشكر رأسَه بمناسبة إعلان البطريرك الحويّك مكرّماً.

وقد عاونه في القداس لفيف من الكهنة، في مقدّمهم النائب العام المونسنيور مارسلينو يوسف، والمونسنيور شورا ماري، ورؤساء الأديرة، ورئيس كهنة كاتدرائية سيدة لبنان الخوري طوني سركيس.

وشاركت راهبات العائلة المقدسة المارونيات اللواتي أسّس البطريرك الحويّك جمعيتهن قبل نحو قرنٍ وربع القرن في هذا القداس، تتقدّمهنَّ المشيرتان الأخت ماري- ريمون أبي حبيب والأخت ماري سلسلت سركيس اللتان تزوران أستراليا.

«ما أحوجنا اليوم إلى قادة مثله»، قال المطران طربيه في عظته، لافتاً إلى أن البطريرك الحويّك «خير قدوة ومثال»، إذْ أدّى دوره الإيماني والوطني بامتياز، ليُعرَف من جهة بأنه «أبو لبنان الكبير»، ومن جهة ثانية بـ «رَجُل العناية» الذي عرف كيف يتَّكل على عناية الله ومحبته.
وأضاف سيادته أن البطريرك الحويّك عاش القيم الإنسانية النبيلة، وأنفق من ماله الخاص ومال البطريركية المارونية على الفقراء والمحتاجين إبان المجاعة التي ألمّت بلبنان خلال الحرب العالمية الأولى، متخطياً المصاعب الكبرى «بقوّة الصّلاة والاتكال على الله، وبإيمان قوي لا يتزحزح ورجاء ثابت ومحبة عظيمة لشعب لبنان، فحقّق الإنجازات الكبيرة في الكنيسة والوطن».
واستذكر المطران طربيه تعريف البطريرك المكرّم عن نفسه بأنه بطريرك الموارنة فيما طائفته لبنان، متوقفاً عند فضائله العديدة ومنها «التجرد والصفاء، ومصداقية العيش وصفاء القلب، ورؤية ثاقبة وحكيمة». وأشار إلى أن إعلان البطريرك الحويّك مكرّماً يأتي وسط «الاستعداد لمئوية إعلان دولة لبنان الكبير سنة 1920 والذي كان للبطريرك الحويك اليد الطولى في الإعداد له. إنه زمن النعمة علينا جميعاً».

ولفت إلى أن البطريرك الحويّك تميّز «بنظرته النبويّة، واعتبر ان التجدد الروحي في الكنيسة لا يقوم من دون شهادة المكرسين أولاً من كهنة ورهبان وراهبات. من هنا، كانت عنايته بتنتشئة الكهنة، وقراره بإنشاء جمعية راهبات العائلة المقدسة المارونيات لتربية الفتيات كأساسٍ في بناء العائلة المسيحية ولإصلاح المجتمع، من خلال دورهن الرائد في العمل الرعوي والخدمة في المدارس والمستشفيات ودور الأيتام».

ومع إعلان البطريرك الحويّك مكرّماً تنطلق المرحلة الثانية من دعوى تطويبه وتقديسه. ومن المنتظر أن يتم توثيق معجزة له لتُرسل إلى روما لدراستها، ثم يُعلن طوباوياً إذا ما استوفت كل الشروط المطلوبة لتثبيتها. بعد ذلك، تكون هناك حاجة إلى معجزة ثانية تُوثّق ليعلن من بعدها قديساً.

ويأتي إعلان البطريرك الحويّك مكرّماً فيما الأبرشية في أستراليا تعيش سنة الروحانية المارونية. وقد رأى المطران طربيه في هذا التزامن علامة مميّزة فتوقف عندها في عظته مؤكداً أن الحدث يأتي «ليزيدنا إيماناً ويقوّي عزيمتنا للمضي قدماً في اكتشاف إرث القداسة وعيش الفضائل والقيم الانجيلية في كنيستنا المارونية».

محطات من مسيرة البطريرك الياس الحويك في سطور
– وُلد في حلتا البترون سنة 1843.
– سيم كاهناً سنة 1870.
– رقّاه البطريرك بولس مسعد إلى الأسقفية وعُيّن مطراناً على عرقا سنة 1889.
– أسّس جمعية راهبات العائلة المقدسة المارونيات سنة 1895.
– انتُخب بطريركاً على الكنيسة المارونية سنة 1899.
– شارك بفعالية في إعلان دولة لبنان الكبير سنة 1920.
– توفي في الكرسي البطريركي في بكركي سنة 1931.
– نُقلت رفاته من بكركي الى الدير الأم لراهبات العائلة المقدسة المارونيات في عبرين سنة 1936.
– بدأت التحضيرات لفتح ملف دعوى التطويب والتقديس سنة 2002.
– عُيّنت اللجنة المسؤولة عن القضية وانتقل الملف الى أبرشية البترون سنة 2010.
– اختُتم تحضير الملف الذي تضمّن شهادات كثيرة عن فضائله سنة 2014.
– قُبل الملف من قبل مجمع دعاوى القديسين في روما. سنة 2015.
وافق مجمع القديسين على دعوى تطويبه وتقديسه في 18 حزيران 2019 وأعلنه البابا فرنسيس مكرّماً في 6 تموز الجاري 2019.

حنا أليشع نخول