أنطوان القزي
فاجأني أحد الزملاء صباح أمس الأول الثلاثاء باتصال هاتفي والغضب يعتريه فاتحاً بعصبية واضحة حنفية كلامه وهو يقول:
«كنّا نتمنّى كإعلاميين عرب في أستراليا أن نبلغ سنّ الرشد الإعلامي ، ولكن إصرار البعض على المراهقة الإعلامية يجعلنا لا نستطيع أن نواجه الإعلام الأسترالي الذي ينال منّا دائماً وكيف لنا أن نرشقه بالحجارة ما دام بيتنا من زجاج»؟.
قلت للزميل : «مهلاً ، ماذا تقصد»؟
تابع غاضباً: على أثير إذاعة خاصة تطايرت صباح اليوم (أمس الأول الثلاثاء) الشتائم من الميكروفونات وحطّت في منازل المستمعين..ونحن الذين تقوم رسالتنا على بثّ الوعي والهدوء وتعزيز التناغم لنواجه بحكمة ودراية ما تتعرّض له جاليتنا، إذ بنا نفتح المذياع عبر توك باك يشبه داحس والغبراء بين مؤيدي السعودية من جهة ومؤيدي إيران من جهة ثانية لتدخل على الخط مفردات غريبة عجيبة ويتبارى المستمعون المنقسمون بكل أسلحة القدح والذم آخذين بطريقهم الوهابيين وجماعة الملالي وعرب الخليج والفرس وكأنهم في «قادسية» جديدة»!.
حاولتُ مقاطعة الصديق لكن عبثاً وراح يلقي الأسئلة:»
مَن يوقف هذا الغي وهذا الجنون.. خاصة وأن الأمر يحصل للمرة الألف على أثير هذه الإذاعة.
و مَن يحدّد نضج صاحب وسيلة اعلامية تدخل بيوت أبناء الجالية في نيوساوث ويلز وفيكتوريا، ومن يجعله يميّز «بين الزرع وبين البور» .
هنا ، طفح كَيلي وقلت للزميل:
« كفى،لا يجب أن نرمي المسؤولية على طرف واحد، لأن الموضوع الذي يُطرح هو موضوع الساعة، ويبقى مستوى السجال متعلّقاً بالمتصل لأن الإعلامي ليس مسؤولاً عن اسلوب المستمعين ومزاجيتهم ومفرداتهم ولا يستطيع التنبؤ بما يقولون ، خاصة وأنهم يفرغون عصبياتهم وأحقادهم عبر المذياع، ومهما كان الإعلامي خبيرأ بإدارة الحوار، يبقى على المستمع أن يتحلّى بالحد الأدنى من التعاطي مع الناس وأن يحترمهم مهما كان الموضوع شائكاَ أو موجعاً.. صحيح أن بيتنا من زجاج ، لكن ليس بسبب الإعلام وحسب بل لأن الجالية منقسمة أصلاً ولا تحتاج الى فتيل كي تشتعل..هدِّئ من روعك يا صديقي، ولا تدع انفعالك يفقدك البوصلة، فأهل مكّة أدرى بشعابها».
لكن الزميل العزيز الذي لم يقتنع وقاطعني وكأنه استاء من رأيي وقال: «هذا تبرير ديبلوماسي وتهرّب من مسؤولية الاعلامي الذي هو صاحب البرنامج وهو المتحكّم بالهواء وعليه ان ينهي الموضوع اذا تفلّتت الأمور ويضع نقطة على السطر.. ولأنه لم يفعل ، فعليه تقع المسؤولية الأكبر ولا تقنعني بغير ذلك» ..
وأضاف: «وقبل ان تشتكوا من الاعلام الاسترالي وتتهموه بالعنصرية، انظروا ما في بيتكم وكيف يتلذّذ بعض الاعلاميين بتذابح ابناء الجالية عبر الأثير ممعنين في فرزها، وبدل ان يضعوا حدّاً لذلك رحمة بآذان الناس، تراهم يستأنسون بما يحصل ويسكرون فوق هذه الوليمة؟!.. ولا يحق لنا بعد اليوم ان نرشق الان جونز ومَن مثله بوردة لأن الجالية تُجلد على يد الذين يجب أن يضمّدوا جراحها».
..وأقفل الزميل الخط دون أن يمنحني فرصة للردّ.
ما رأيكم؟!.