شنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب هجوماً عنيفاً على إيران، معتبراً أن ردّها على دعوته الى حوار «مهين جداً وينمّ عن جهل»، ومهدداً بـ «إزالتها من الوجود»، إذا استهدفت مصالح أميركية.

تزامن ذلك مع إعلان طهران أنها ستوقف التزامها بندين آخرين من الاتفاق النووي المُبرم عام 2015، بدءاً من 7 تموز (يوليو) المقبل. لكن باريس حذرتها من ان انتهاك الاتفاق سيشكّل «خطأً فادحاً».

وكان ترامب وقّع الاثنين أمراً تنفيذياً يفرض عقوبات على المرشد الإيراني علي خامنئي وثمانية من قادة «الحرس الثوري»، ويضيف وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الى اللائحة الأسبوع المقبل. لكنه كرّر استعداده للتفاوض مع إيران، وزاد: «أعتقد بأن لديها في النهاية مستقبلاً استثنائياً».
في المقابل، وصف الرئيس الإيراني حسن روحاني العقوبات على خامنئي بأنها «مشينة وغبية». وتابع مخاطباً الأميركيين: «في الوقت الذي تدعون فيه الى التفاوض، تسعون الى فرض عقوبات على وزير الخارجية (الإيراني). واضح أنكم تكذبون». واعتبر أن «البيت الأبيض يعاني من إعاقة ذهنية ولا يعرف ماذا يفعل».
وبعد ساعات على كلام روحاني، وصف ترامب تصريحات مسؤولين إيرانيين بأنها «مهينة جداً وتنمّ عن جهل، وتُظهر أنهم لا يفهمون الواقع». وأضاف أن «القيادة الإيرانية لا تفهم معنى كلمات (مثل) لطيف أو تعاطف. لم يفهموها أبداً».

وتابع أن «الشعب الإيراني الرائع يعاني ومن دون أي سبب. قيادته تنفق كل أموالها على الإرهاب، والقليل على أي شيء آخر».

وكتب على «تويتر»: «أي هجوم تشنّه إيران على أي شيء أميركي سيُقابَل بقوة ضخمة ساحقة. في نواحٍ، يعني الردّ الساحق الإزالة» من الوجود. وزاد أن «قادة إيران يفهمون فقط القوة، والولايات المتحدة أقوى قوة عسكرية في العالم الى حد بعيد».
في القدس المحتلة، رأى مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون أن ترامب «ترك الباب مفتوحاً لإجراء مفاوضات جدية»، مستدركاً أن «صمت إيران مطبق». وكرّر ان «كل الخيارات على الطاولة» إذا تجاوزت طهران الحدّ المنصوص عليه في الاتفاق النووي، لمخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 3.67 في المئة.
في المقابل، وصفت الخارجية الروسية العقوبات الأميركية المفروضة على إيران بأنها «متهوّرة» و»تقوّض كل النظام الأمني العالمي».
وأضافت: «هناك انطباع واضح بأن واشنطن تسعى الى قطع الجسور، عكس تأكيداتها بأنها تريد حواراً مع إيران». وتابعت: «واشنطن التي تتخيّل أنها تمسك بيدها مصير العالم وتواصل (انتهاج) سياسة تمعن في عدائيتها، تسارع إلى معاقبة الذين لا ينوون الرضوخ للإملاءات الأميركية».

وكانت طهران أعلنت في 8 أيار (مايو) الماضي أنها أوقفت الحدّ من مخزونها من الماء الثقيل واليورانيوم المخصب، والذي كانت تعهدت به بموجب الاتفاق النووي. وأمهلت الدول الموقّعة على الاتفاق 60 يوماً لمساعدتها على الالتفاف على العقوبات الأميركية، مهددة بوقف الالتزام بقيود مفروضة في ما يتعلّق بـ «نسبة تخصيب اليورانيوم» وباستئناف مشروع تشييد مفاعل آراك للماء الثقيل.
وأفادت وكالة «فارس» اليوم الثلثاء بأنها تلقت «مدوّنة خاصة» من أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني، ورد فيها: «بدءاً من 7 تموز، ستبدأ الخطوة الثانية في شكل جدي في تقليص التزامات إيران» ضمن الاتفاق النووي.
واعتبر شمخاني أن الدول الأوروبية تمارس ضغوطاً لإرغام طهران «على الاستمرار في تنفيذ التزاماتها» بموجب الاتفاق «من دون تنفيذ سائر الأطراف التزاماتهم المتبادلة».
ورأى أن بياناً أصدرته بريطانيا وفرنسا وألمانيا أخيراً، يأتي في إطار هذه الضغوط، واصفاً إياه بأنه «صلف سياسي». وكان الدول الثلاث أكدت «التزامها تطبيقاً تاماً» للاتفاق النووي، و»تصميمها على العمل» لتحقيق هذا الهدف. وحضت جميع الأطراف على فعل الأمر ذاته و»تجنّب أي خطوة قد تقوّض» الاتفاق.
ولفت شمخاني الى أن خطوة طهران تأتي «كي تنتبه الدول التي تصوّرت صبر إيران ضعفاً وتقاعساً، الى أن ردّها على انتهاك الطائرة الأميركية المسيّرة أجوائها لا يختلف عن ردّها على محاولات المراوغة والخداع السياسي لتقييد الحقوق المشروعة للشعب الإيراني».
واعتبر أن «أوروبا رفضت حتى الآن تحمّل أي ثمن من أجل إنقاذ» الاتفاق، ورأى أن بيان الدول الثلاث دليل على أن المفاوضات مع الأوروبيين من «دون طائل».
لكن وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان حذر إيران من أن انتهاكها الاتفاق النووي سيشكّل «خطأً فادحاً» و»رداً سيئاً على الضغط الذي تمارسه الولايات المتحدة» عليها. وأضاف أن «الخارجية الفرنسية والألمانية والبريطانية تحرّكت بكامل أجهزتها لجعل إيران تفهم أن ذلك لن يكون في مصلحتها»، وزاد أنه حال انتهاك الاتفاق «سندخل في آلية لتسوية الخلافات في مجلس الأمن، سيكون لها وقع سلبي جداً على المنطقة».