أطلق “يميني متطرف” مزوّد بأسلحة نصف آلية، النار عشوائياً على مصلين داخل مسجدين في مدينة كرايست تشيرش النوزيلندية، ما أدى إلى مقتل 50 شخصاً، وإصابة عشرات آخرين.
وتحدّثت رئيسة الوزراء النيوزيلندية جاسيندا أرديرن عن “أحلك يوم” في تاريخ هذا البلد الواقع في جنوب المحيط الهادئ، وكان يعدّ آمناً، قبل أسوأ اعتداء يستهدف مسلمين في بلدٍ غربي، صنّفته رئيسة الوزراء مباشرةً بأنه “إرهابي”.
وأثار الاعتداء سلسلة ردود أفعال منددة حول العالم، من البابا فرنسيس والملكة إليزابيث الثانية والرئيس الأميركي دونالد ترامب والفرنسي ماكرون وتيريزا ماي والتركي رجب طيب إردوغان وشيخ الأزهر.
وأعلنت الشرطة البريطانية تعزيز الرقابة على المساجد في البلاد، بعد اعتداء نيوزيلندا.
ونقل المهاجم مباشرةً على الانترنت مقاطع من الاعتداء، بحيث أمكن رؤيته ينتقل من ضحية إلى أخرى، مطلقاً النار على الجرحى الذين يحاولون الهرب منه.
وقالت الشرطة أنها أوقفت أوستراليا يبلغ 28 عاماً، ووجهت إليه تهما بالقتل في الهجوم.
وقد مثل أمس الأول السبت أمام محكمة مقاطعة كرايست تشيرش لثلاث دقائق أدخل بعدها الى السجن كي تتم محاكمته في نيسان المقبل بعدما تمّ تغريمه بتهمة القتل المتعمّد..
وأوقف رجلان آخران، لكن لم تعرف بعد التهم الموجهة إليهما.
ونشر المشتبه فيه الأساسي “بياناً” عنصرياً على مواقع التواصل الاجتماعي، قبل أن ينفذ الهجوم.
ويبدو أنه استوحى في بيانه من نظريات منتشرة في أوساط اليمين المتطرف، وتقول بأن “الشعوب الأوروبية” يجري استبدالها بمهاجرين غير أوروبيين.
ويفصّل البيان مرحلة عامين من التحوّل إلى التطرف، ومن التحضيرات قبل التنفيذ.
وقالت أرديرن: “لا يمكن وصف ذلك سوى بأنه هجوم إرهابي”. وأفادت أن الاعتداءين “تم التخطيط لهما في شكل جيد وفقا لمعلوماتنا”.
وعثر على عبوتين ناسفتين يدويتين مثبتتين في سيارة، وجرى تفكيكهما، وفقا للشرطة.
وفي سيدني، زار رئيس الوزراء سكوت موريسون مسجد لاكمبا والتقى مفتي أستراليا ومجلس الأئمة ورئيس وأعضاء الجمعية الإسلامية مستنكراً ومقدماً التعازي بالضحايا، ووصف رئيس موريسن المهاجم بأنه “شخص عنيف متطرف من اليمين”. ورافق موريسن وزيرة الدفاع الأسترالية ماريز باين.
واستنكرت رئيسة حكومة الولاية المجزرة والتقت مفوض الشرطة صباح أمس الأول السبت لهذه الغاية.
وزار مسجد لاكمبا زعيم المعارضة في الولاية والمطران أنطوان شربل طربيه ورئيس دير مار شربل الأب لويس الفرخ والنائبان طوني بورك وجهاد ديب ومفوض الشرطة في الولاية ونواب.
المسجدان المستهدفان هما مسجد النور وسط المدينة، حيث قضى 41 شخصاً، وفقا للشرطة، ومسجد آخر في ضاحية لينوود، حيث قتل 7 أشخاص. وقضى شخص متأثراً بجراحه في المستشفى.
ونقل نحو 50 مصاباً إلى المستشفيات، 20 منهم في حالة خطرة، وفقا لرئيسة الوزراء. وبين القتلى، نساء وأطفال.
وروى فلسطيني كان موجوداً في أحد المسجدين أنه رأى رجلاً يفارق الحياة بعدما تلقّى رصاصةً في الرأس.
وقال هذا الرجل الذي لم يشأ الكشف عن هويته، لوكالة “فرانس برس”: “سمعت ثلاث طلقات نارية سريعة. وبعد عشر ثوانٍ، بدأ كل هذا. لا بدّ من أنه كان سلاح آلي. فلا أحد يستطيع أن يضغط على الزناد بهذه السرعة”. “بعد ذلك بدأ الناس يخرجون وهم يركضون، وبعضهم كان مغطى بالدماء”.
وقالت الشرطة إن المقاطع التي نشرها منفذ الهجوم “مؤلمة جداً”، بينما حذرت السلطات من أن من ينشر تلك المقاطع قد يعاقب بالسجن إلى مدة تصل الى 10 سنوات.
وظهر في الفيديو الذي صوره المهاجم بتثبيت كاميرا على جسمه، رجل أبيض حليق يقود سيارته حتى مسجد النور. ثم يدخل الى المسجد، ويطلق النار على الموجودين، منتقلاً من قاعة إلى أخرى.
وإضافة إلى الفيديو الذي تحققت “فرانس برس” من صحته، لكنها لن تقوم بنشره، أظهرت صور مرتبطة بمنفذ الهجوم على مواقع التواصل أسلحة شبه آلية كتب عليها أسماء شخصيات تاريخية عسكرية، بينهم أوروبيون قاتلوا القوات العثمانية في القرنين الخامس عشر والسادس عشر.
وأثار الهجوم صدمة عارمة في نيوزيلندا، هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه 5 ملايين نسمة، 1% فقط منهم مسلمون. وهي لا تسجل سوى خمسين جريمة قتل في المتوسط في السنة، وتفخر بأنها مكان آمن.
وفرضت قوات الأمن حصاراً في مدينة كرايست تشيرش، قبل أن ترفع تلك الإجراءات بعد بضع ساعات. وطلبت الشرطة من المسلمين تفادي الذهاب إلى المساجد “في كافة أنحاء نيوزيلندا”.
ورفعت البلاد مستوى الإنذار فيها إلى “عالٍ”.
وكإجراء وقائي، فجّرت الشرطة حقيبتين بدا أنهما متروكتان قرب محطة قطار في أوكلاند.
ودهمت الشرطة أيضاً منزلاً له علاقة بالهجوم، وأخلت الحي الذي يوجد فيه.
وروى شاهد لموقع الأخبار النيوزلندي “ستاف” أنه كان يؤدي الصلاة في مسجد النور على جادة دينز عندما سمع صوت إطلاق النار. ولدى محاولته الهرب، شاهد جثة زوجته صريعة أمام المسجد.
وقال رجل آخر إنه شاهد أطفالاً يقتلون، متابعاً أن “الجثث كانت في كلّ مكان”.
وقال شاهد لإذاعة “راديو نيوزيلاند” إنه سمع إطلاق النار، ورأى أربعة اشخاص ممددين على الأرض، “والدماء في كل مكان”.
وكان فريق الكريكيت البنغلادشي، وهي لعبة محبوبة جداً في نيوزيلندا، يؤدي الصلاة في أحد المسجدين لدى وقوع الهجوم. لكن لم يصب أي من اللاعبين بجروح، وفقا لمتحدّث باسم الفريق. وقال لوكالة “فرانس برس”: “إنهم بأمان. لكنهم في حالة صدمة. لقد طلبنا من الفريق البقاء في الفندق”.
وعمليات القتل الجماعية نادرة جداً في نيوزيلندا التي شددت قوانينها بشأن حمل الأسلحة عام 1992، بعد عامين من قتل رجل يعاني مشاكل نفسية 13 شخصاً في ساوث آيلند.
استنكار وتعازي
وتلقت التلغراف سلسلة بيانات استنكار وتعازي بالضحايا منالأحزاب اللبنانية في أسترالي وجمعية أبناء المنية ومجلس الأ~مة والمجلسالفيدرالي للجمعيات الاسلامية والرابطة المارونية ودار الأفتاء.
وتضمّ “المؤسسة الاعلامية” صوتها الى كل الذين نددوا واستنكروا هذه الجريمة البشعة سائلة الله أن يتفقد الضحايا بواسع رحمته.