كمال براكس
ناشد الرئيس الفرنسي ” ماكرون” دول اوروبا، الا تعتمد ابداً بعد الآن، في امنها على الولايات المتحدة، لأن الخلافات وصلت الى درجة غير مسبوقة. ولم يعد هناك بصيص امل بأن يعود شيء ما كان عليه. وما يحدث الآن اكبر من خلاف، واوسع من انشقاق، انه انذار بانفصال نهائي عن الولايات المتحدة. لقد اتسعت الهوّة بين حلفاء الأمس، وزادتها التصرفات الغوغائية المتوالية للرئيس الاميركي اتساعاً. في عام 2015 اصدرت مجموعة من المحللين الاقتصاديين، ومن خبراء العملات عن المستقبل المالي العالمي، الى انه وفي غضون 15 عاماً تقريباً، سيظل الدولار الاميركي على الارجح، هو عملة الاحتياط العالمية كما هو الآن، ما دام سعر السوق العالمي الكلي من الاسلحة والذهب والنفط والمعاملات التجارية، مكونة بالدولار، الذي سيظل اليد الحديدية الملعونة لتلك المرحلة.
كتاب (الخوف) الذي اعدّه ” بوب وودورد” وبه فجّر قنبلة فضيحة ووترغيت التي دفعت الرئيس الاميركي السابق ريتشارد نيكسون للاستقالة في سبعينات القرن الماضي. ويتضمن الكتاب، ان الرئيس الاميركي ترامب كان يريد اغتيال الرئيس السوري بشار الأسد العام الماضي لكن وزير دفاعه جيمس ماتيس تجاهل الطلب. والجدير ذكره ان ترامب ابلغ وزير دفاعه هاتفياً هذا الطلب. لكن ” ماتيس” قال لأحد كبار مساعديه ” لن نفعل اياً من ذلك” وسنكون اكثر توازناً وكتاب الخوف هو احدث كتاب يعرض لتفاصيل التقرير داخل البيت الابيض. وزير المالية الارجنتيني وبتاريخ 4/9/2018 التقى مع مسؤول صندوق النقد الدولي، حيث يقدم برنامج الاصلاح الجديد لحكومته، على امل الحصول على موافقة الصندوق على تقديم موعد صرف 50 مليار دولار، بعد حزمة اجراءات تقشّف جديدة، تضمّنت تخفيض عدد وزراء الحكومة الى النصف تقريباً، وزيادة الضريبة على الصادرات. وتمّ الاتفاق في الشهر التالي اي حزيران على موعد الصرف، وكل ما حدث هذا يعني رفع اليد مباشرة، والاستسلام لقوة الدولار وضرباته الفولاذية. اما نسبة التضخم في الارجنتين فمرتفعة جداً، وقد تجاوز نسبة 30 ٪ تقريباً ومحاولة السيطرة على عدم الانفاق، رفعت الحكومة يدها عن دعم الخدمات العامة، كالمياه والكهرباء والغاز، كما ان فاتورة الكهرباء ارتفعت من 600 الى ثلاثة آلاف بيزوس، والمتهم الاول والأخير في الكارثة الاقتصادية التي حلّت بالبلاد عام 2001، وذلك بعد تخلفها عن سداد ديونها وقتذاك العملة الخضراء. المقاومة الصحفية في الاتجاه الصحيح في البيت الابيض، ادرجت مقالاً في صحيفة ” نيويورك تايمز” حملة للبحث عن الخائن وكشف هوية كاتب المقال عن ترامب وسارع مسؤولون بارزون نفي تورطهم في هذا الأمر منهم مايك بنس، ومايك بومبيو، وجيمس ماتس، ودان كوتس كما ان ترامب وصف الصحيفة بأنها فاشلة. تراجعت عملة بتكوين وعملات اخرى افتراضية بنسبة 9،5 ٪ الى 6253 دولاراً تايخ 6/9/2018 بخسارة نسبية قدرها 6٪ وفقاً لمنصة ” بتساتب” لتداول العملات الرقمية، التي تتخذ من لوكسمبورغ مقراً لها.
ووفقاً لموقع كوين ماركت كاب تراجعت القيمة الاجمالية لجميع العملات الرقمية المشفّرة وعددها 1900 عملة من 240 مليار دولار تاريخ 5/9/18 الى حوالي 202 مليار دولار تاريخ 7/9/2018.
العراق مع تنويع اصوله الاستثمارية اوضح البنك المركزي العراقي، وبناء لهبوط اسعار المعدن النفيس، لجأ العملية شراء كمية مضافة الى الرصيد، والتي تمّت بالتعاون مع البنك المركزي الفرنسي. ليصبح احتياطي البنك المركزي العراقي من معدن الذهب الاجمالي 96 طناً في اطار سياسة ادارة الاحتياطيات التي ينتهجها البنك.تعالت الانباء حول انهيار الليرة التركية، عقب العقوبات الاقتصادية التي فرضتها واشنطن تجاه انقرة، واستمرار هبوطها امام الدولار.
كما شهد هبوط الريال الايراني لمستويات قياسية مؤخراً بحسب موقع ” بلومبرج” الاقتصادي بين 118 الف الى 121 الف ريال مقابل الدولار الواحد. وذلك عقب اعلان ترامب اعادة مسار العقوبات الاقتصادية تجاه طهران.
المخاطر التي تهدّد استقرار الاقتصادية العالمي هي : الصين – انتشار الاسواق الناشئة – بريكست – دونالد ترامب.
كما حذّر كبير الاقتصاديين من صندوق النقد الدولي موريس ابستنلو من ان ” خطر تفاقم التوترات التجارية الحالية: ” هو اكبر تهديد في المدى القريب على النمو العالمي” .ومنذ تولي ترامب مهامه في البيت الابيض، رافعاً شعار ” لنعيد للولايات المتحدة عظمتها” قلب الرئيس ترامب العلاقات التجارية رأساً على عقب. فشنّ هجمات لم تُفرّق بين الحليف والخصم.في افتتاح منتدى التعاون الصيني الافريقي في بكين تعهد الرئيس الصيني شي جين بينغ بتخصيص 60 مليار دولار تضمّن الدفعة الاولى مليار دولار 15،5 في صورة منح قروض بدون فوائد – مليار دولار 20 في صورة خطوط إئتمان – انشاء صندوق تنمية بقيمة مليارات دولار 10 – انشاء صندوق خمسة مليارات دولار لتمويل الواردات من افريقيا، واقامة استثمارات بما لا يقل عن عشرة مليارات دولار على مدار الاعوام الثلاث القادمة. معدل التضخم في تركيا فاق التوقعات مرتفعاً الى 18٪ على اساس سنوي ليسجل اعلى مستوياته منذ 31/12/2003، فيما اقّر البنك المركزي بأن آفاق التضخم اظهرت مخاطر كبيرة على استقرار الاسعار، وسيتخذ البنك الإجراءات الضرورية لدعمها. كما انه يستحق نحو 169 مليار دولار من الديون الخارجية خلال عام 2019.
واردات اليابان من نفط ايران لن تستمر، اذ تخشى اليابان ردوداً اميركية في حال واصلت التجارة مع طهران، كما ان اليابان تسعى الى زيادة كميات من دول اخرى لتتمكن من سدّ الفارق الذي كان يشكله النفط الايراني، وطلبت الولايات المتحدة من جميع الدول وقف وارداتها من النفط الايراني بصورة تامة بحلول 4/11/2018، ان ارادت تفادي العقوبات.
من جهة ثانية قالت مصادر ان الهند قررت السماح لشركات التكرير الحكومية باستيراد النفط الإيراني على ان تؤمن طهران بالناقلات وخدمات التأمين، وذلك لا ينطبق الا على العقود السنوية القائمة مع ايران. اشار اردوغان ان بلاده بصدد التفاوض مع روسيا بشأن الاستغناء عن الدولار في مبادلاتهما التجارية، وذلك رداً على ” العقوبات الاقتصادية الاميركية الذي وصفها اردوغان (بالوحش المفترس). وهذه الازمة التي تثير قلق الاسواق ساهمت في تراجع الليرة التركية التي فقدت 40٪ من قيمتها امام الدولار منذ بداية 2018. في مقابلة تلفزيونية مع وكالة ” بلومبيرج” قال محافظ البنك الفنلندي ” من المؤسف جدا” من الجانب الاميركي ان يكون هناك ميل لتصعيد الحرب التجارية بالأخص مع الصين وايضاً مع اوروبا وقال المحافظ (رين) ” من المؤكد ان البنك المركزي الاوروبي لا يتلاعب في عملة (اليورو). وقراءتي للموقف الصيني هو انه في الواقع تضعف عملة اليوان الصينية بالأساس، بسبب التهديد بتصعيد الحرب التجارية وليس بسبب التلاعب من جانب البنك المركزي. انخفضت الاسهم الاميركية تاريخ 31/8/2018 للجلسة الثانية على التوالي. حيث توقّف الارتفاع القياسي الذي سجلته المؤشرات الرئيسية، بفعل مخاوف بشأن المباحثات التجارية الجارية بين الولايات المتحدة واقتصادات اخرى كبيرة. وهبط مؤشر داو جونز الصناعي، وتراجع مؤشر ستاندرد اند بورز ونزل مؤشر ناسداك، وانخفض مؤشر ستوكس الاوروبي، كما هبط مؤشر داكس الالماني، ونيكاي الياباني. رفض ترامب عرضاً من الاتحاد الاوروبي، بإلغاء الرسوم على السيارات وقال: الى سياسات الاتحاد الاوروبي التجارية (سيئة مثل الصين) وهدّد ايضاً بالانسحاب من منظمة التجارة العالمية ما لم (تطور نفسها) وقال ترامب لوكالة بلومبيرج الاخبارية ” اذا لم يطوروا انفسهم سانسحب من منظمة التجارة العالمية واصفاً اتفاقية تأسيس المنظمة بأنها ” اسوأ اتفاق تجاري على الاطلاق” وقال ” يونكر” رئيس المفوضية الاوروبية ان الاتحاد الاوروبي لن يدع اي شخص يُحدّد سياسات الاتحاد التجارية، محذراً من انه اذا خالفت واشنطن الاتفاق وفرضت رسوماً جمركية على السيارات ” فسنفعل كذلك نحن ايضاً” .
اهم العوامل الاساسية البارزة التي سمحت للبيت الابيض في صنع القرارات الخطيرة والمهيمنة على هذا الملف- من خلال موافقة مجلس الأمن القومي، تراجع الكونغرس في اطلاق بد الرئيس في صنع السياسة الخارجية وذلك من نهاية الحرب الباردة – انفراد الولايات المتحدة بالهيمنة المطلقة عالمياً وذلك مع المؤسسات الدولية – البيروقراطية الاميركية.
وهكذا اتخذت واشنطن القرارات الفظيعة والبشعة: مثل غزو العراق – حرب كوسوفو – وترامب كم يفعل سوى التحرك في هذا الفراغ السياسي الذي لم يصنعه هو – بل استفاد منه – وهكذا دواليك – الغى اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي – انسحب من اتفاق باريس للمناخ – انسحب من الاتفاق النووي مع ايران – اشعل حرباً تجارية مع الصين واوروبا والعالم – رفض الانضمام الى بيان قمة السبعة عندما استضافته كندا .
https://sites.google.om/sites/kamalbracks/