هذا الشاعر المعلَّق على أهداب الأريحية والساكن في جفون الهزيع، هذا المرفرِف بأجنحة الفراشات والمحدِّق بعيون النسور والسابحُ في فضاءاتِ العنادل.. يحملُ غزالة الشعر الى حيث للسراب أمداء نشوى وأنداء تغازل أكمام النراجس.
يلوّح يحيى السماوي لفردوسٍ يأسر الألق، يلوّح لتفاحة تشتهيها الغصون ويغرس في الجنائن أحداق قصائد، ويُلبس جنيّة الشعر فستاناً نسجته بناتُ الغمام.
في كهفهِ العتيق يستنبتُ النور ظلال عاشقٍ خذلته أعراس الضجر، فحمل سلالَه الى حيث للمواسمِ طعمٌ ولون وللأوراقِ رفيفٌ وللمراكبِ أشرعة، ينثر اقانيمَه على ضفاف الإنتظار..
قلْ للضياءِ أنَّ بغدادَ ما زالت صبية، قلْ للرغيفِ أنّ خبزَ السماوةِ يطعمُ كلَّ أفواهِ القرائح. وقلْ للنخلةِ أنها ما زالت مروحة السماء وللصيادِ أنه أرغنُ السهر، وقلْ لهم أن السماوي ما زال يخبزُ في أفرانِ محبته على المقلب الآخر من الكون، وما زال يحرقُ العطورَ اكسيراً لقوافيه ويطعم الطيور قمحَ حروفه.
قلْ لهم ان المسافة لم تعد تقوى على إبعاده، وأن الليلَ عاجزٌ عن حَجبِ بدورِه، وأن شهرزاد ما زالت تفيء الى بلاسمه ترافقه على أمواج سندبادية الى حيث يشرقُ الصبح على ضفاف الرافدين.
في منازلِ السماوي، ليستِ النوافذُ الى انطفاء ولا إشراقة شرفاته إلى أفول، هو السياف الذي يأسرُ البرقَ في غمدِه، هو الطاعن في الحبِّ حتى آخر قطرةٍ من نجيعه، هو الساكب الأقباس لشمسٍ تنازل غيوم المدارات.
يعرف السماويُّ كيف يمتشق سيفَه، كيفَ يغضب، كيف يرضى وكيف يوزِّع القصائد سرايا ورود تغفو على أوسدة الآسِ والرياحين.
هو الذي “يصحو ليقطفَ من حقول الصدر تفاحاً “وليعصرَ من عناقيد الشفاه خمرَ الحياء، هو الذي يهدي ألفردوسَ اقواس قُزَح ، يَسري الى الحقولِ الرمضاء ويهجع الى حيث للورود خدودٌ و للهوى طعم لا يذاق.
وبعد، يحيى السماوي هو الملك والقصيدة عرشُه، هو العاشقُ والعراق قلبه، هو الوفيُّ والعمرُ خيمته، وهو عائد الى السماوة “ليعيدَ للبستانِ خضرته”.
“تيمّمي برمادي” للشاعر يحيى السماوي، مولودٌ يزّفُ الينا زغاريد المسرّة، يُهدي أرجوحة الآفاقِ نسائمَ الجزرِ البعيدة ، يكتب على جباهِنا ملحمة جديدة ويقول للشعر” : ترجّلْ هنا مرمحُ يحيى السماوي حيث الهمسُ يساكن الصراخ!.