ويليامز : يوجد ترابط شديد بين الاستقرار الاقتصادي والاستقرار الأمني لا احد في استراليا يعيش في عوز الا اذا اختار هو ذلك
كتب بيار سمعان:
قام وزير شؤون التعددية الثقافية بزيارة مكاتب المؤسسة الاعلامية وخصّ جريدة «التلغراف» بحديث شامل تطرق فيه الى قضايا مختلفة تهم الولاية.
جرى انتخاب راي ويليامز عضواً في المجلس التشريعي سنة 2007 واعيد انتخابه في عام 2015. عيّن وزيراً للتعددية الثقافية سنة 2017. وهو متأهل من واندي وأب لطفلين: راين وكالي: حائز على ماجيستير في التخطيط المدني والريفي.
وفي مستهل حديثه ابدى الوزير ويليامز اعجابه بالنجاح الذي تحققه صحيفة «التلغراف» مشيراً الى الصعوبات التي تواجهها وسائل الاعلام المكتوبة خاصة الاعلام الاسترالي. وامتدح «التلغراف» التي رغم مزاحمة الاعلام الالكتروني، لا تزال تحقق تقدماً في حجم انتشارها.وهذا باعتقاده مؤشر على متانة الصحيفة ومدى انتشارها ودورها الفاعل في تزويد القراء بأخبار الوطن والعمل على مدهم بأخبار المجتمع المحلي، من سياسي وثقافي واجتماعي.
وطرحنا على الوزير ويليامز الاسئلة التالية:
< تشير الاحصاءات ان 70 في المئة من المهاجرين يقيمون بالدرجة الاولى في سدني وملبورن. كيف تتعامل الحكومة مع التبدلات الديمغرافية في سدني؟
> ان التنامي السكاني في سدني، ان كان نتيجة لإقامة المهاجرين والاستقرار فيها او بفعل النمو السكاني الطبيعي او بسبب الهجرة الداخلية من الريف اليها لكن ينتج التبدلات الديمغرافية المتنامية وهي تشكل عاملاً مهماً يتطلب الكثير من القرارات الملائمة والسياسة الانمائية، خاصة على صعيد البنى التحتية، من طرقات ومستشفيات ووسائل نقل وتحديث في قطاع الخدمات الاجتماعية.. وهذا ما تقوم به حكومتنا منذ سنوات، بعد ان تحولت سدني المدينة الأهم من ناحية عدد السكان فيها واجتذاب السكان اليها.
هذا النمو كان له انعكاسات ايجابية بمجملها على الحركة الاقتصادية ونمو العمالة وازدهار قطاع الاعمار والاسكان في الولاية عامة وسدني بنوع خاص. وهذه امور جوهرية تدخل في اولويات الحكومة وسياستها الانمائية على مختلف الاصعدة.
فالدور الاساسي لحكومة الولاية هو بناء وتنفيذ البنى التحتية.
وباعتقادي اننا كولاية وكدولة قد نجحنا في ذلك. لذا نردد ان استراليا هي بلد الفرص وتحقيق الآمال. بإمكان عائلاتنا العمل وتنشئة اولادهم بأمان وتوفير التعليم المجاني لهم ، من الحضانة والابتدائي حتى التخصص الجامعي.
وبرأيي ان حكومة الولاية قد نجحت لأن المجتمع في الولاية هو مرتاح ومطمئن ومستقر وهذا افضل مؤشر انه مرتاح لإداء الحكومة. مما يدفعني للقول اننا مرتاحون للفوز في الانتخابات المقبلة. لكن لا يمكننا ان نرتاح لما حققناه، وعلينا ان نتابع العمل لضمان الفوز.
< تتهمكم المعارضة بتبذير المال العام نظراً لغياب الرؤية والتخطيط السيء للمشاريع العامة. فما ردكم على هذه الاتهامات؟
> منذ تسلمنا الحكم في سنة 2011 بدأنا العمل في 800 مشروع ضخم في الولاية. نفذنا 600 مشروع وهناك 100 قيد التنفيذ اليوم. ان وجود اشكاليات في مشروع واحد هو امر اكثر من طبيعي. لكن وسائل الاعلام تسلط الاضواء على السلبيات دون الايجابيات.
فبالنسبة للطريق السريع M5 ارتأت الحكومة ادراج بعض التعديلات الاضافية على التصميم الذي يجري تنفيذه اليوم لتسريع الوصول الى مطار سدني وتسهيل حركة السير بشكل افضل.
ان التعامل مع مشروع ضخم كهذا يعني انك تتعامل مع محيط مدني، تتعامل مع الناس وممتلكاتهم، وهذه قضايا شائكة. لذا نشق الانفاق لأنها افضل واقل كلفة من الطرقات الخارجية.
لكن الأهم هو ان حكومتنا هي قادرة على تحمّل الاعباء الاضافية، ونحن لا نقترض المال لتنفيذ المشاريع، وهذا مؤشر آخر على اقتصادنا المتين والنجاح الذي حققناه على هذا الصعيد.
عندما استلمنا الحكم في عام 2011 كانت ميزانية الولاية تحت عجز مالي قيمته 30 مليار دولار. الميزانية اليوم تتمتع بفائق مالي رغم المشاريع التي نفذناها ولا نزال، دون ان نتناسى اننا بقيامنا بهذه المشاريع، لا نعالج فقط مشاكل اليوم، بل نخطط ايضاً للمستقبل: المزيد من الطرقات وسكك الحديد والقطارات والمدارس والمستشفيات، والمزيد من فرص العمل والاستثمارات. كل ما نقوم به يخلق ارضية صالحة لتكون سدني افضل مدينة في استراليا، ونيو ساوث ويلز افضل ولاية.
< دون شك اصبحت سدني مدينة جاذبة للمهاجرين والمستثمرين والسواح. كيف ترون مستقبل هذه المدينة؟
> سدني هي من اجل واهم المدن في العالم. تدفق الناس واندفاعهم للإقامة فيها هو قرار شخصي، لأنها مدينة ناجحة.
انها مدينة تجتذب السواح. ويتناسى البعض ان مدخول الولاية من السياحة يقدّر بـ 3 مليار دولار سنوياً. هل هذا الاقبال هو ناتج عن الحملات الاعلامية؟ لا. هناك عوامل عديدة. وعلينا الا نتناسى ان 50 في المئة من سكان استراليا ولدوا في الخارج او لديهم عائلات واقارب في الخارج. فعندما نتحدث عن الغنى في تنوعنا نجد دليلاً قاطعاً على صحة هذه المقولة في قطاع السياحة وزيارة الاهالي والاقارب لاستراليا ، بالاضافة الى السياحة بالمفهوم العام للكلمة.
سدني ستتابع نموها وازدهارها طالما تتعاون حكومة الولاية مع البلديات لمتابعة تحديثها في مختلف المجالات.
وتطرق الوزير راي ويليامز الى ظاهرة الاعمار الكثيفة في سدني والى البنايات الشاهقة، مشيراً ان الحكومة والبلديات تحافظ على الحدائق والمساحات الخضراء رغم حركة الاعمار وكثافة السكان فيها، وهي متطلبات ضرورية وصحية.
ولفت انه من حسنات سدني ان لديها العديد من الشواطئ المتوفرة مجاناً للجميع وتتمتع بالنظافة والصيانة الجيدة والتسهيلات الضرورية لراحة المواطنين وعائلاتهم.
< تسري اشاعات ان حكومة الولاية تخطط لنقل مستشفى بانكستاون الى الموقع الذي يوجد فيه المعهد المهني TAFE هل هذا صحيح؟
> لست على علم بهذه الادعاءات. ولو كان ذلك صحيحاً لكنا ناقشناه في الحكومة. لكن معلومات تشير كما اكدت المديرة العامة لمستشفى بانكستاون – ليدكمب ان حكومة الولاية خصصت 25 مليار دولار لاعادة تطوير وتحديث قسم الطوارئ في المستشفى خلال ميزانية 2018 – 2019 كما خصصت 15 مليون دولار اخرى للخدمات السريرية في المستشفى وتحسين الخدمات الصحية المجتمعية فيها.
< تتهم ولاية الحكومة انها منحازة وانها تنفق المزيد من الاموال على مشاريع في المناطق التي تؤيدها.
> هذا غير صحيح. فنحن ننظر الى سدني بشكل متكامل، وتحديث المدينة يشمل كل المناطق. ذعني اذكرك ان مناطق غرب سدني تميل بمجملها الى تأييد حزب العمال، لكن هذه المنطقة تشهد حركة غير اعتيادية وتطويراً في البنى التحتية لا مثيل له. منطقة بانكستاون سيكون لديها خط مترو جديد، لكن بعض نواب المنطقة يسعون الى إلغائه. باعتقادي انا سنبنيه قبل ان يتمكنوا من تعديله والغائه.
هذا المترو سيسمح لسكان المنطقة بالتنقل مباشرة منها الى المدينة والى مناطق اخرى لأنها ستصبح شبكة واحدة. وهذا يسهل عملية التنقل والعمل ويساعد على ازدهار المنطقة وانعاش الحركة الاقتصادية فيها.
لقد بدأنا نشاهد ظهور مدن جديدة انظر الى باراماتا وبانكستاون وغيرها والى حركة الاعمار فيها. ما يهمنا الآن هو خلق فرص عمل فيها لكي تصبح مدناً مكتفية بحد ذاتها ولا يرغم الناس على التنقل خارجاً بحثاً عن وظيفة، وهذا هو عامل اساسي للازدهار والتخفيف من زحمة السير والبقاء على مقربة من المنزل والعائلة.
< تشير الاحصاءات ان 70٪ من المهاجرين يستقرون في سدني وملبورن وهذه نسبة مرتفعة خاصة اذا اضفنا اليها النمو السكاني الناتج عن الولادات. بالاضافة الى البني التحتية، النمو السكاني يخلق ايضاً واقعاً اجتماعياً جديداً، ان من ناحية تكوين غيتوات عرقية او الحاجة الى البرنامج تسهيل عملية الدمج في المجتمع الجديد فما تعليقك؟
> هذا صحيح الى حد بعيد. لكن يعتقد البعض ان ابواب استراليا هي مشرعة امام الجميع. هذا غير دقيق. انه يصعب جداً الدخول الى استراليا في السنوات الاخيرة فهناك شروط ومتطلبات يجب الالتزام بها. لقد سمحت الحكومة بقبول المهاجرين المهرة او ذوي الكفاءات العالية. أناس قادرون على العمل والاكتفاء الذاتي . هؤلاء يحق لهم جلب عائلاتهم في وقت لاحق. لكن هناك شروط اخرى قاسية. لقد علمت مؤخراً على سبيل المثال ان المهاجرين الذين يعانون من السكري ( فئة ثانية) لا يسمح بدخولهم البلاد. اقول هذا لأشير الى التدابير المعتمدة لقبول المهاجرين واختيار الافضل والانسب.75 الى 80 في المئة من المهاجرين يجب ان يكون لديهم مهارات معينة وثقافة عالية.
نحن نعلم ان المهاجرين يفضلون الاقامة في مناطق يتواجد فيها اناس من بيئتهم او بلادهم او ديانتهم، كتدبير اولي وقائي. لكن مع الاستقرار النفسي والمادي ينطلق هؤلاء للاقامة في المجتمع الكبير. واشير انه لدى الحكومة برامج عديدة لمساعدة المغتربين على الاندماج والتأقلم. وتصمم الحكومة الفيدرالية الى اعادة تدريس اللغة الانكليزية لمن يحتاجونها، كما تشجع المهاجرين على الاقامة والعمل في المناطق الداخلية الريفية، بعيداً عن المدن، حيث يوجد حاجة ملحة لليد العاملة. وهي مناطق جيدة للعيش والعمل فيها. وبدأنا الآن نشهد انتقال سكان المدن نحو هذه المناطق بسبب غلاء المنازل والمعيشة في سدني ويتوفر هناك جميع وسائل العيش والتعليم والرعاية الصحية.. وهي في نفس الوقت غير بعيدة عن سدني في حال قرروا العودة اليها.
باعتقادي، بدأنا نلحظ تبدلاً في طبيعة التوزيع الديمغرافي الاثني في نيو ساوث ويلز. يشهد تبدلاً في توعيته بعد ان قرر عديدون بيع ممتلكاتهم والانتقال للإقامة في المدن الداخلية. فغلاء العقارات والإيجارات والمعيشة هي دافع اساسي للهجرة نحو الريف بعيداً عن سدني.
< المجتمع الاسترالي المتعدد الثقافات هو عامل غني في تنوعه الحضاري. لكن الا يخشى ان يتحول الى عنصر يفجر التركيبة الاجتماعية في حال تعرض الداخل لتأثيرات خارجية؟
> التنوّع الثقافي هو كما ذكرت عامل اثراء للمجتمع في تنوعه. وقد ساهمت المجتمعات الاثنية في انماء البلاد، والجميع يدركون العطاءات الكثيرة التي قدمتها كل جالية على حدة. كلنا نعلم الدور الذي يلعبه اللبنانيون في اعمار سدني بشكل خاص، واستراليا بشكل عام.
يوجد ترابط شديد بين الاستقرار الاقتصادي والاستقرار الأمني. لا احد في استراليا يعيش في عوز الا اذا اختار هو ذلك. فالدولة تقوم بواجباتها وتوفر الخدمات والمساعدات الاجتماعية لمن يحتاجها.
لذا، في ظل هذا المناخ الضامن لكرامة الناس يبقي تأثير الخارج محدوداً على الداخل.
< لكن الحكومة الفيدرالية اصدرت قوانين مؤخراً للحد من تأثير الخارج على الداخل الاسترالي.
> نعم هذا صحيح. علينا ان نحد من تأثير الخارج، خاصة على الحياة والعمل السياسي في استراليا، بعد ان تبين ان البعض في القطاع السياسي، يتقاضون مساعدات من مجموعات سياسية خارجية. استراليا تعمل وفقاً للقوانين. لذا توجب اصدار قوانين جديدة ملائمة لتحصين الداخل الاسترالي.
وتطرقنا في حديثنا المطول مع وزير التعددية الثقافية الى قضايا عديدة اخرى مثل التعليم والمدارس الاثنية والارهاب وانعكاساته على المجتمع الاسترالي التعددي. كما ناقشنا رؤية الحكومة المستقبلية لسدني والولاية.