«لا يداهن «حزب الله» عندما يقول أن الرئيس السوري بشّار الأسد هو صاحب القرار والسلطة في بلاده، وأنه لا يسعى إلى إبعاد سيطرة إيران وروسيا على سوريا وإلى منع اقتسام الدولتين المذكورتين قراره في كل ما يتعلّق بشؤونها السياسيّة والعسكريّة وغيرها». هذا ما يقوله المُتابعون اللبنانيّون أنفسهم لأوضاع إيران و»حزب الله» ولعلاقتهما مع روسيا في سوريا. ويضيفون: «أن قولهم هذا حقيقي جدّاً. إذ أن الأسد يرفض أحياناً اقتراحات روسيّة ثم يقنع الرئيس بوتين بموقفه. وفي أحيان أخرى يتحدّث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في اجتماعات يحضرها بين الأسد وبوتين على نحو لا يقبله الأوّل فيبادر الثاني (أي بوتين) إلى إسكاته. وفي أي حال لم يصف «حزب الله» ولا مرّة العلاقة بين إيران وروسيا بالتحالف، بل وصفها بعلاقة عمل جيّدة. لكن الاستراتيجيا التي تعاونت الدولتان ومعهما «الحزب» لتنفيذها في سوريا لم تتغيّر أو تتعدّل، وليس فيها أي تغيير حتّى الآن. وواضعوها ومنفّذوها ينتظرون اجتماع القمّة في هلسنكي عاصمة فنلندا الذي بدأ أمس أو عقد أمس بين الرئيسين الأميركي والروسي ترامب وبوتين. والانتظار ضروري لأن المباحثات بينهما ستتناول في وضوح وبشيء من التفصيل الوضع في سوريا الداخل والاهتمام الكبير لاسرائيل فيه من جهة وللأردن من جهة أخرى. كما ستتناول قضايا وأزمات أخرى في الشرق الأوسط وربّما في العالم، فضلاً عن العلاقة الثنائيّة بين دولتيهما في ضوء برودها بل توتّرها جرّاء اتّهام الروس بالتدخّل في الانتخابات الرئاسيّة الأميركيّة، وعودة العداء بينهما إلى ما كان عليه أيام الحرب الباردة في القرن الماضي. وفي هذا المجال يدعو «حزب الله» ومسؤولون فيه»، استناداً إلى المُتابعين اللبنانيّين أنفسهم، «جميع المعنيّين والمهتمّين إلى عدم نسيان حقيقة أساسيّة هي أن الجيش السوري كان روسي التدريب والتسليح من زمان، ولا سيّما بعد «تولّي» حزب البعث السلطة في سوريا عام 1968، وبعد تنفيذ الرئيس الراحل حافظ الأسد «حركته التصحيحيّة» عام 1970 مؤسّساً بذلك نظامه «البعثي» بخصوصيّاته المعروفة. ويعني ذلك أن لموسكو تأثيراً فيه وعليه من زمان. وفي أي حال توجد فرقة عسكريّة سوريّة مُهمّة في منطقة القلمون، وأوامر العمليّات كانت تتلقّاها من القيادة العسكريّة الروسيّة في روسيا. ولا يعني ذلك أنها صارت روسيّة مئة في المئة، فالضوابط لتلافي ذلك كانت موجودة دائماً ولا تزال. وهي تقضي بالاتصال بالقيادة العسكريّة السورية في أمور مُحدّدة وهي تضع شروطاً مُحدّدة للتنفيذ. لكن ذلك لم يمنع ضبّاطاً في هذه الفرقة من تجاهل الاتصال بقيادتهم السوريّة الأساسيّة أحياناً وتالياً من تنفيذ أوامر العمليّات العسكريّة الروسيّة».
كل هذه المعلومات والمُعطيات المشروحة أعلاه لا تحجب حقيقة أن هناك أموراً لا تزال معلّقة في سوريا. ويعبّر عنها المُتابعون اللبنانيّون أنفسهم بأسئلة عدّة يطرحها «حزب الله» ومقاتلوه في تلك البلاد وإيران راعيته بل مؤسّسته أبرزها الآتي: «ماذا سيجري في إدلب مدينة وريفاً التي يتجمّع فيها عشرات الآلاف من المقاتلين السوريّين المعارضين للأسد ونظامه، والمُنتمين إلى فصائل عدّة بعضها «معتدل» نسبيّاً وغالبيّتها متطرّفة ومُتشدّدة دينيّاً إلى درجة تبرير العنف والارهاب وممارستهما؟ وهذه المنطقة تقع عمليّاً تحت نفوذ تركيا رجب طيب أردوغان. وماذا تفعل أميركا حاليّاً وماذا ستفعل لاحقاً؟ ذلك أنّها لا تزال «تُحركش» في مناطق الأكراد السوريّين بعد اقتسامها مع «الجيش السوري الحر» و»قّوات زنكي» و»جماعة مراد»، وبعد اتفاقها مع تركيا تتمركز قوّات لها بين الجانبين أي أميركا والفصائل المعارضة المقاتلة. ويعني ذلك في شكل أو في آخر أن «الأمر» لم ينتهِ ولا سيّما في ظلّ استمرار وجود مقاتلي «داعش» في جيوب صغيرة وإن مُحاصَرة. فهل تسقط إدلب؟ وهل تسمح أميركا بعودة إدلب الى نظام بشّار الأسد؟ وهل ستقبل تركيا أمراً كهذا يفقدها معظم دورها وتأثيرها في القضيّة السوريّة ومن خلالها في الإقليم؟ وكيف ستمنع حصوله إذا رفضته؟ يذكّر هذا الأمر»، يُتابع المُتابعون اللبنانيّون أنفسهم، «بالشهباء حلب يوم كان الأميركيّون يؤكّدون علانية ولمحاوريهم من المعارضين السوريّين والدول المؤيّدة لهم والحليفة في الوقت نفسه، أنّها لن تسقط. لكنّها سقطت وكان سقوطها مدويّاً. كما يذكّر بنجاح إيران و»حزب الله» والأسد والروس في استعادة التواصل الجغرافي بين العراق وروسيا رغم رفض أميركا ذلك علانية وفي اللقاءات أكثر من ثلاث سنوات».
هل هناك فروقات بين روسيا وإيران الإسلاميّة في الموقف من مصير الرئيس الأسد والنظام الذي يقاتل لابقائه؟ يقول المُتابعون أنفسهم جواباً عن ذلك: «ليس عند روسيا مانع في حل أو تسوية متّفق عليها يُقصى الأسد بموجبها، ويحلّ مكانه شخص آخر من «شعبه» استناداً إلى معلومات «الحزب» وطهران. لكن ذلك يتوقف على تفاهم مع أميركا إذا تمّ التوصّل إليه. كما أنه يرتبط بـ»قمّة هلسنكي» و»صفقة القرن» المتعلّقة بقضيّة فلسطين وبقضايا عدّة ومصالح متنوّعة ومتناقضة. طبعاً إيران و»الحزب» لا يقبلان ذلك. لكنّهما يقولان: لماذا الاستعجال في اتخاذ الموقف؟ لا يزال هناك وقت.
ماذا عن جنوب سوريا المحاذي لاسرائيل وموافقة روسيا على إخراج مقاتلي «حزب الله» و»الإيرانيّين» منه؟
يُجيب المُتابعون: «هذا كلّه كلام في رأي الفريقين؟ فمقاتلو «الحزب» ينتشرون الآن مع الجيش السوري في تلك المنطقة. أمّا الإيرانيّون فليسوا قوّات عسكريّة كما يقولون وقلنا. ثم من قال أن لدى «حزب الله» قراراً باستهداف إسرائيل من سوريا وخطّة تنفيذيّة لذلك»؟