هواء التغيير يلفح أرمينيا… الكلام الرسمي مطمئن إلى مستقبل البلاد، خصوصا ان هذا التغيير يحصل «بطريقة سلمية». ما سمعه وفد مجلس اساقفة الكنائس الشرقية في أستراليا ونيوزيلاند وممثلين لها، خلال لقاءات رسمية عدة أجراها في العاصمة الارمينية يريفان، يتعلق مباشرة بالأمة الارمينية، بهمومها وتطلعاتها ومستقبلها. والحصيلة تأكيد حكومي على العمل من اجل معالجة الصعوبات الاقتصادية للبلاد، في وقت أكد وفد المجلس تضامنه مع أرمينيا، كنيسة وشعبا وأمة، مجدّدا كل مرة رغبته في المساعدة.

موعد مع رئيس الحكومة

لقاءات سياسية على أعلى مستويات، واولها في مقر الحكومة. في اليوم الرابع لزيارته التضامنية الارمينية، كان الوفد على موعد مع رئيس الوزراء الجديد نيكول باشينيان. وقد ضمّ المطران روبير رباط راعي أبرشية الملكيين الكاثوليك في أستراليا ونيوزيلاندا ورئيس المجلس، المطران أنطوان ? شربل طربيه راعي الأبرشية المارونية في أوستراليا، المتروبوليت هيغازون ناجاريان راعي الكنيسة الرسولية الأرمنية الأرثوذكسية في أوستراليا ونيوزيلاندا، الأنبا دانييل أسقف أبرشية الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في سيدني وتوابعها، المطران جوليان بورتيوس رئيس أساقفة ابرشية هوبارت? تازمانيا للكنيسة اللاتينية الكاثوليكية، المونسينيور باسيل سوسانيان ممثل الكنيسة الأرمنية الكاثوليكية في أوستراليا، والأب إيلي نخول المرسل اللبناني الماروني، المسؤول الإعلامي وسكرتير المجلس. وحضر اللقاء ايضا المسؤول عن العلاقات الخارجية والبروتوكول في الكنيسة الارمينية رئيس الاساقفة ناتان.

مصافحة، ثم الى صلب الموضوع من دون تأخير: التغييرات في أرمينيا. الموضوع يتناوله مباشرة رئيس الوزراء، معربا عن افتخاره بحصول هذا التغيير السياسي بطريقة سلمية، بخلاف توقعات كثيرين في العالم. وفقا له، الرغبة كبيرة لديه ولدى حكومته ونائبيه في ايجاد حلول فاعلة للصعوبات الاجتماعية والاقتصادية والمالية التي تعانيها ارمينيا، وفي محاربة الفقر والحد من مظاهره من خلال فتح ابواب ارمينيا على الاستثمارات الخارجية وتأمين فرص عمل لابنائها.

مسألة اخرى تطرق اليها: العلاقة بين الدولة والكنيسة. فشدد على وجوب ان تبقى ثابتة وقوية، للحفاظ على القيم الاجتماعية والوجه الحضاري والثقافي والديني المميز لارمينيا.

«اوجه تشابه»

رسالة التضامن مع ارمينيا أوصلها الوفد الى باشينيان وفريق عمله. وقال المطران طربيه في كلمة باسم المجلس: «انها المرة الاولى التي يزور المجلس ارمينيا، تضامنا مع الشعب الارميني الشقيق، والكنيسة الارمينية، ومن اجل دعم بعض المؤسسات الخيرية هنا». واشار الى ان «زيارة ارمينيا جعلت المجلس يعي اكثر ما تتميز به هذه البلاد من تاريخ عريق وايمان راسخ بالله، حيث المدن والقرى، الكنائس والاديار تتكلم عن جمالها، وعن تقوى شعبها وعزمه وتصميمه».

ونوّه بما قاله باشينيان، بعد انتخابه رئيسا للحكومة في 8 ايار 2018، عقب الثورة السليمة التي قادها قائلا: «أكد رئيس الوزراء ان ما يقوم به هو لخدمة ارمينيا وشعبها. وبذلك حدّد رؤيا جديدة لبلاده. وانطلاقا منها، سيعمل على حلول سلمية للازمات وبناء اقتصاد قوي وثقافة سياسية مبنية على المساواة والعدل. كذلك تعهد بمكافحة الفساد في البلاد». وشجعه طربيه على «المضي في هذه الرؤيا الجديدة، وهذه الاهداف التي حددها له».

وتناول ايضا «اوجه التشابه بين ارمينيا ودول مجاورة صديقة يأتي منها عدد من اعضاء المجلس»، كسوريا ولبنان ومصر… لا سيما في النضال الطويل من اجل تحقيق الاستقلال. استعاد فترة الحكم العثماني «الذي استغل اراضينا وشعوبنا لمصالحه»، متوقفا عند الابادة الارمينية التي قضى فيها أكثر من 500 الف ارمني على يد العثمانيين عام 1915، في اكثر الجرائم بشاعة تجاه الانسانية».

واخبر باشينيان عن زيارة المجلس لمتحف الابادة الارمينية، حيث «اطلعنا على فظاعة الجريمة ضد الانسانية، وجعلتنا أقرب الى الشعب الارميني وارمينيا». وقال: «الى جانب تاريخ الشهادة والاستشهاد المشترك مع ارمينيا، نتشارك ايضا في الايمان بالله الثالوث، وباكرام العذراء مريم والقديسين. هذا الايمان، هذا الامل الذي يملأنا، والمحبة التي تلهمنا، تشكل الطريق الى الوحدة بيننا».

ونوّه ايضا برئيسة حكومة نيو ساوث ويلز الاوسترالية غلاديس بيريجيكليان، و»هي سيدة تفتخر باصولها الارمينية، ويسعدها ان يتم تذكيرها بها»، على قوله، مشيرا الى انه «تربطنا بها علاقة صداقة. وهي تقود بنجاح سياسة الولاية، وتتميز بكونها من السياسيين المخضرمين».

  وفي ختام اللقاء، قدم وفد المجلس درعا تذكارية الى باشينيان.

شاب للانتشار

التغيير في أرمينيا عاينه وفد المجلس في وجه وزير الانتشار مخيتار هايرابيتيان. هذا الشاب الذي يبلغ 28 عاما، عرض بكل ثقة رؤيا الحكومة الجديدة الى الانتشار الارميني. بداية اسمتع الى عرض المتروبوليت هيغازون ناجاريان راعي الكنيسة الرسولية الأرمنية الأرثوذكسية في أوستراليا ونيوزيلاندا، عن عمل المجلس ونشاطه، وايضا اهداف زيارته لارمينيا، ثم انطلق في شرح «المهمة الوحيدة للحكومة الجديدة»، وهي ان «تخدم الامة والشعب الارمينيين». ومما قال: «دور الكنيسة والمسيحية يتعلق بالمحبة والاحترام والاهتمام والتضامن. هكذا يجب ان يكون ايضا دور الحكومة… اعتقد انه بعد الثورة، مهمتنا باتت ان نهتم بالشعب». وشدد على وجوب «العمل معا، حكومة وكنيسة، من اجل خدمة شعبنا كله».

 وحدد مهمته بـ»تعزيز الجسور بين ارمينيا الانتشار وارمينيا الوطن». وفقا له، «من الصعب تحديد عدد الارمن في الانتشار بدقة. الا انه قد يبلغ 7 ملايين مسجلين، وفقا لتقديرات»، مشيرا الى تقديرات اخرى تقول بان عددهم يراوح من 10 ملايين الى 12 مليونا».

وقال: «ثمة كلام على اعادة ارمن الانتشار الى ارمينيا. بالنسبة الينا، «الانتشار الارميني موجود، ويجب ان يبقى. ويبقى دور الكنيسة هائل جدا (في هذا المجال)». واضاف: «الارمن بقوا ارمن، حتى في الانتشار، ولا يزالون ارمن مع جهد كبير بذلته الكنيسة الارمينية في هذا الشأن».

وتابع: «هذا الامر بالغ الاهمية، وعلينا ان نواصل القيام به، لان الانتشار الارميني يجب ان يبقى في المستقبل». «ما يجب القيام به هو الاهتمام بهذا الانتشار، لانه يحتاج الينا. هذا واجب الدولة والكنيسة معا».

افكار واقتراحات تبادلها الوفد مع الوزير الشاب لدعم الانتشار الارميني، لا سيما في أوستراليا. والختام درع تذكارية قدّمها المجلس اليه.

في السفارة اللبنانية

وكانت ايضا للوفد محطة في السفارة اللبنانية بيريفان، حيث استقبلته السفيرة مايا داغر. وتخلل اللقاء عرض للقاءات الوفد في أرمينيا واهداف زيارته. وتكلم الاب نخول باسم المجلس قائلا: «من خلال زيارتنا لارمينيا، نشعر باننا قريبون من الشعب الارميني. ومع هذا التغيير السياسي الحاصل في البلاد، نعتقد ان هذه العملية السلمية يمكن ان تحقق عجائب».

وشدد على أهمية الدور الذي يمكن ان تمارسه السفارة اللبنانية في ارمينيا، من خلال تقديم وجه لبنان الحضاري ومد الجسور بينه وبين ارمينيا.

وقدم الوفد الى السفيرة داغر هدية تذكارية.