القس الدكتور جُون نَمُّور
أوصانا الرب يسوع إله المحبة والتضحية والعطاء قائلاً:»وأما أنا فاقول لكم أحبوا أعداءكم. باركوا لاعنيكم. أحسِنُوا الى مُبغضيكم. وصلّوا لاجل الذين يُسِيئون اليكم ويطردونكم (متى 44:5). وأوصانا في المقابل أن نُنكر أنفسنا لأنها تشُدَّنا الهلاك فقال: «فإن من أراد أن يُخلّص نَفسَهُ يُهلِكها ومن يُهلِك نفسه من أجلي يجدها. لأنه ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كلَّه وخسِرَ نفسهُ»(متى25:16). اما بولس الرسول فأكّد بالوحيُّ المقدَّس قائلا:»فإني أعلمُ أنه لا يسكن فيَّ أي في جسدي شيءٌ صالحٌ… ويحي أنا الإنسان الشقيُّ مَن يُنقِذُني من جسدِ هذا الموت. أشكُرُ الله بيسوعَ المسيحِ ربنا [شكرَ إلهه لأجل الخلاص والفداء والولادة الروحيّة الجديدة في المسيح الذي صار بديلاً لنا بموته النيابي لأجلنا، ليفتدينا من لعنة الخطية والموت» (رومية 18:7). باختصار جميعاً تحت سلطان الخطية ولا نقدر أن نعمل أي امر صالح. وبما أن الانسان الطبيعي لا يقدر ان يُحب عدوّه أو يُنكر نفسه أو ينتصر على الشهوات العالمية فليس لديه حلاً سوى أن يحصل على معونة خارجية، من المسيح. لأنه مكتوبٌ أستطيع كل شيء في المسيح الذي يُقوّيني (فيليبي13:4).
فخاخ كثيرة تحيط بنا لا ننجو منها إلا بالمسيح ولهذا يجب يجب يجب ان نكون في المسيح الذي يقوّينا. سُلطان الشهوات العالمية تيار جارف لا يقف بوجهه سوى من تمتع بالمسيح. مثلا قال المسيح:»انظروا وتَحَفَّظوا من الطمعِ. فإنه متى كان لأحدٍ كثيرٌ فليست حيَاتَهُ من أموالهِ. وضَرَبَ لهم مَثَلاً قائلاً. إنسانٌ غَنيّ أخْصَبَتْ كُورَتُهُ. ففكَّرَ في نفسهِ قائلاً ماذا أعملُ لأن ليس موضعٌ أجمعُ فيهِ أثماري. وقال أعملُ هذا. أهدِمُ مَخَازِني وأبني أعظمَ وأجمعُ هناكَ جميعَ غلاّتي وَخَيرَاتي. وأقولُ لنفسي يا نَفسُ لكِ خيراتٌ كثيرةٌ موضوعةٌ لسنينَ كثيرةٍ. استريحي وَكُلي واشربي وافرحي.فقال لهُ اللهُ يا غبيُّ هذه الليلةَ تُطلَبُ نفسُكَ مِنكَ.فهذه التي أعدَدتَهَا لِمَن تكونُ. هكذا الذي يَكنِزُ لِنفسِهِ وليسَ هو غنيّاً للهِ»(لوقا15:12). مشكلة الغني لم تكن بالغِنى والطموح بل بمحبة الذَّات والطمع الأمور التي تُخدِّر النفس وتجرفها نحو دائرة الأنا. ظنَّ أنه يستريح ويفرح بالكثير الذي يذخره لكن حساباته بائت بالفشل لكن أتاه الهلاك بغتة. الملايين الذين سبقوه والذين لحقوه سقطوا بذات الفخ واستماتوا بجمع الأموال والشهرة والسلطة لأجل سعادةً وهمية. قال سليمان الحكيم:»قلتُ أنا في قلبي هَلُمَّ أمتحِنُكَ بالفرحِ فترى خيراً. وإذا هذا أيضاً باطلٌ… بنيتُ لنفسي بيوتاً غَرَستُ لنفسي كروماً. عملت لنفسي جنَّاتٍ… قنيتُ عبيداً وجواري… جمعتُ لنفسي أيضاً فِضَةً وذهباً… اتخذت لنفسي مُغنين ومُغنيّات وتنعّماتِ بني البشر سيّدةً وسيّداتٍ. فَعَظُمْتُ أكثرَ من جميعِ الذين كانوا قبلي في أورشليم … ومهما اشتهتهُ عينايَ لم أمسِكهُ عنهما… ثم التفتُّ أنا إلى كل أعمالي التي عمِلَتها يدايَ… فإذا الكلُّ باطلٌ وقبضُ الريحِ ولا منفعة تحت الشمسِ»(جامعة 1:2).
البَرَكُةُ الحقيقية ليست هي في الرب. دعونا نقول مع بولس الرسول:»لأنَّ لي الحياةَ هي المسيحُ» أيضاً «وأما من جهتي فحاشا لي أن أفتخرَ إلا بصليب ربنا يسوعَ المسيحِ الذي به قد صُلِبَ العالمُ لي وأنا للعالمِ» (فيليبي21:1؛ غلاطيّة 14:6). لأنه متى أنهى الله رحلتنا القصيرة على الأرض نسمعُ من الرب عبارات التقدير إزاء محبتنا وخدمتنا فيقول:»نِعَمَّاً أيّها العبدُ الصالحُ والأمينُ. كنتَ أميناً في القيلِ فأقيمُكَ على الكثيرِ. ادخل إلى فَرَحِ سيِّدِكَ» (متى21:25). نجاح ذلك الغَنيّ لم يَكُنْ لخيره فحسب بل للامتحان والغربلة. ونحتاج أن نتعلَّم هذا الدرس الخطير لئلا نسمع نحن ذات العبارة:»يا غبيُّ هذه الليلةَ تُطلَبُ نفسُكَ مِنكَ. فهذه التي أعدَدتَهَا لِمَن تكونُ». قال الغني يا نَفسُ لكِ خيراتٌ كثيرةٌ موضوعةٌ لسنينَ كثيرةٍ لكنه تركها ومضى إلى دينونة مُخيفة. جميع مخازنه لن تُخفّف ذرّة من الأوجاع والأهوال. أراد أن يُخلّص نَفسَهُ بإشباعها من خيرات العالم الزائف فأهلكها وهناك في عالم العذاب واجهَ الحقيقة التي تجاهلها على الأرض وعلمَ بعد فوات الأوان «ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كلَّه وخسِرَ نفسهُ. أو ماذا يُعطي الإنسان فداءً عن نفسهِ». وعلمَ أن كل تَعبه تحوَّل للآخرين.
باختصار، لما لا نُوفِّر على أنفسنا المشقّة ونتمتع بالراحة الحقيقية حيث قال المسيح:»تعَالوا إليَّ يا جميع المُتعَبِينَ والثقيلي الأحمالِ وأنا أريحُكُم. احملوا نيري عليكم وتعلّموا منّي. لأني وديعٌ ومتواضعُ القلبِ. فتجدوا راحةً لنفوسكم. لأن نيري هيّنٌ وحملي خيفٌ» (متى28:11). عزيزي ماذا تتوقع أن يقول لك الرب؟ هل يقول لكَ: يا غبي هذه الليلةَ تُطلَبُ نفسُكَ مِنكَ أم نِعمَّاً أيها العبد الصالح والأمين؟ إحذر إحذر إحذر فلا تكون غنيّاً لنفسك وفقيراً بل محروما من الله.
أخيرا أهدي للأب والابن والروح القدس الإله الواحد المُثَلَّث الأقانيم المجد والسجود والتعبّد الآن والى أبد الآبدين آمين.