اكتشف العلماء الأستراليون أخيراً، ثقباً أسود ضخماً و”جائعاً للغاية”، يقوم بابتلاع كلّ شيء يقترب منه. الباحثون في الجامعة الوطنيّة الأستراليّة (ANU) نشروا تقريراً في موقع “الجمعيّة الفلكيّة” في أستراليا، يشير إلى أنّ كتلة هذا الثقب “الوحش”، أكبر بـ 20 مليار مرّة من شمسنا. ويقوم هذا الثقب كل يومين، بابتلاعِ مواد يصل حجمها إلى حجم الشمس. ولم يتمكّن العلماء حتّى الآن، من اكتشاف ثقبٍ أسود سريع النمو في الكون، مثل هذا الثقب.
التهام كلّ شيء
تحت هذا الثقب الأسود تماماً، كلّ شيء هو غير مرئي، لأنّ أي مادة أو طاقة ضوئيَّة لا تستطيع أن تفلت من القوّة الجاذبة لهذا الثقب. إذْ يتم امتصاص المادة من على حافته، وتحويله إلى طاقةٍ عاليةٍ جداً داخل الثقب عن طريق تسريع المادة. ونتيجة هذين التسريع والاحتكاك، تُخلَق حرارة عالية. وتنبعثُ من هذه المادة الساخنة الجديدة، طاقة كهرومغناطسينية، أي ضوء بترددات مختلفة تلتقطها أجهزة الإشارة الأرضيَّة. وكلّما التهم هذا الثقب أكثر، كان أكثر إشراقاً وأعطى ضوءاً أكثر، وازدادت قدرته على الجذب.
رحلة طويلة
واستخدم الباحثون تلسكوب SkyMapper، لجمع هذه الإشعاعات في مرصد Siding Spring، في أستراليا. وكانت كلّ الإشعاعات المكتشفة في مدى سعة ضوء الأشعّة تحت الحمراء. ويبلغ عمر هذا الثقب الأسود، حوالي 12 بليون سنة ضوئية، وقد خاض هذا الثقب رحلة طويلة في الكون المتّسع. ولم يتمكّن العلماء من اكتشافه حتّى الآن، لأنّ موقعه الكوني السابق، وأطوال إشعاعاته الصادرة، لم تكن في مدى أجهزة الرصد الأرضيَّة. وقد اكتشف أوّل مرةً كجسم مدبب شديد السطوع، الأمر الذي أثار فضول العلماء في مراقبته وتتبع مساراته، حتى صار في موقع ممتاز بالنسبة لأجهزة الدراسة الأرضيَّة.
حظ جيد
وأوضحَ العالم، كريستيان وولف، من كليّة الأبحاث في الجامعة الوطنية الأستراليّة (ANU)، أنّ هذا الثقب ينمو بسرعة كبيرة جداً، لدرجة أنّه قادر على إضاءة مجرّتنا الكبيرة ألف مرّة! وأكّد أننا إذا تمكنا من رؤية هذا الثقب بالعين المجرّدة، فإنّ الحياة على كوكبنا سوف تدمّر بالكامل، “من حسن حظنا أننا لا نراه”، يشير وولف. لأنّ كثافة الأشعة السينية XRay، المنبعثة من هذا الثقب، ستجعل الحياة على كوكب الأرض مستحيلة. وقدّ سماه وولف بـ “مصباح الكون”. وجدير بالذكر أنّ القمر الصناعي “غايا” Gaia، من وكالة الفضاء المركزية الأوروبية، قد ساعد الباحثين الأستراليين في عملهم.
وقد قام الباحثون بتفتيش على مدى زمنٍ طويل في كل الكون حتّى وجدوا هذه العينة الاستثنائيَّة. ويقول وولف إنهم لم يتمكنوا حتّى الآن من معرفة العوامل الأخرى التي تجعل هذا الثقب ينمو بسرعة كبيرة، لأنّ الثقوب السوداء سريعة النمو هي أمرٌ نادرٌ للغاية.