بقلم هاني الترك OAM
حينما كان عمرها اربع سنوات انطلقت من حنجرتها الذهبية اغنية «فيروز الصغيرة» في فيلم «ذهب» وهي تبحث عن والدها الفني انور وجدي انطلق صوتها وهي تغني «فينك يا يابا عالبسكليته، فينك يا يابا في اي حته.. فينك يا يابا في اي حته عالبسكليته».
تحسست لينا صارو موهبتها الفنية في سن مبكرة واصبح صوت الفن يستصرخ ثائراً في اعماقها.. تغني في المدرسة وفي وسط العائلة والأقارب.. تابعت تذوقها واحساسها للموسيقى والطرب واخذ ينمو صوتها ويشتد عودها حتى بلغت عمر 11 عاماً.. وغنت لأول مرة علناً في قاعة عامة امام جمهور عريض في حفل زفاف ابن عمها.
الموسيقى في حياة لينا قلب يخفق والطرب في حياتها روح تنبض.. فقد تهافت الطلب على لينا حتى تؤدي الوصلات الفنية في الحفلات.. وتحول صوتها الصداح الى ظاهرة فنية فريدة في الحفلات.
انتقلت بعد ذلك لينا من مدينة البصرة الى بغداد حيث تفجرت موهبتها الموسيقية.. وارتوت من ينابيع الفن العربي الأصيل .. وتأثرت بعمالقة الفن والموسيقى في الشرق الاوسط مثل الموسيقار ابراهيم طلطس.. وعبد الحليم حافظ.. وشاديا وليلى مراد وناظم الغزالي وفريد الاطرش.. لم تكتف بالأداء الطربي الأصيل بصوتها الجميل ولكن اتجهت تؤلف الأغاني وتلحنها وتوزعها.. ومن النادر رؤية نساء يقمن بهذا العبء الموسيقي مثل لينا التي تبدو كأنها مؤسسة موسيقية في حد ذاتها.
فأخذت تعبر عن عاطفتها الجياشة بحسها الفني العالمي حيث غنّت بالعربية والأشورية والفارسية والتركية حتى الإسبانية.. انها موهبة موسيقية طربية فذة.
طارت شهرة لينا صارو الى القنوات الفضائية وشاشات التلفزة وتألقت في الاستعراضات الفيديو كليب في ابداع فني رائع ومعين موسيقي لا ينضب.
والمطربة لينا كونها فنانة اصيلة تتعلق بجذورها الوطنية التاريخية.. وتعبر عن احساسها الوطني لعروبة فلسطين.. وجاءتها الفرصة بأن تتغنى بجرح فلسطين.. فقد قدم لها الموسيقار المخضرم خليل قمر قصيدة «فلسطين المتألمة» للشاعرة الفلسطينية الأصيلة رنا عزام.
فحينما قرأ الموسيقار قمر القصيدة والتي تقول :
أُشعل شموع توبتي//كل ليلة في كنائسك//وفي الصباح اطوف في قبابك// هاتفة بالواحد الصمد
.. لم ينم من شدة اعجابه بالقصيدة متأثراً بكلماتها .. وكان اثناء نومه المتقطع يحلم ويستمع الى اللحن الذي سكب فيه كلمات القصيدة ويستيقظ من سباته ويسجّل اللحن.
وبعد اللقاء الفني الثلاثي لـ رنا عزام ولينا صارو وخليل قمر تجسدت قصيدة «فلسطين المتألمة» في انشودة ملحنة استمعت الى بروفاتها النهائية.
شعرت بكلمات الشاعرة رنا النابعة من عشقها العاتي لفلسطين ومشاعر الغربة في المهجر .. والتي هي ترفع شعارها التليد في القصيدة: احب الله و الانسان وفلسطين. احسست وانا استمع الى صوت لينا السحري وهي تستصرخ في وجدانها الملتهب:
فلسطيني لملميني//فلسطيني قبليني // اغسليني في بحر غزة//ازرعيني بأرض يافا//عانقيني على اسوار عكا.. وهي تغني للقدس حلم احلامها.. وتنتحب اجراس القدس العتيقة فيتدفق صوتها كالطوفان.. فهي تغني انشودة الحياة لفلسطين المتألمة.. تسكبها في آداء ساحر.. توغل في عقلي وروحي وجسدي كمستمع حتى اهتزت كل قطرة في دمي نشوة وطرباً.
نقلتني انشودة لينا نبتة وزرعتني في تراب يافا.. مسقط رأسي .. انها اغنية رائعة .. رائعة.. بكل معيار ومقياس وفي كل شيء .. وفي كل حركة .. وفي كل لحظة.
انشودة فلسطين المتألمة تنهمر في صوت المطربة الخرافية لينا صارو فتنبعث فيها الحياة من جديد .. فنحن جميعاً على موعد مع اللحن المرتقب في حفل الجالية الفلسطينية المنتظر بتاريخ 28/4/2018.. فيه سحر كلمات الشاعرة رنا عزام.. وصوت الحنجرة الذهبية للمطربة صارو.. من تلحين الموسيقار خليل قمر.