وقّع الكاتب والاعلامي بول خياط يوم الاحد الماضي كتابه «حصاد السبعين» في دار المطرانية الملكية في سدني.
استهل المناسبة امين سرّ جمعية زحلة في سدني طوني الزغبي مرحباً ومشيداً بعطاءات بول خياط. ثم تحدّث الأب ابراهيم سلطان ممثلاً المطران روبير رباط الذي تغيّب بداعي السفر ثم كانت كلمتان للزميلين انور حرب وانطوان القزي وقصيدة للشاعر عصام ملكي.
ومسك الختام كانت كلمة المحتفى به بول خيّاط وهنا نصها:
أرحب بكم جميعا، فردا فردا ولقد تجنبت ذكر الأسماء الكريمة لكي لا أقع في محذور نسيان أحد الأسماء فارجو المعذرة عن ذلك.
أولاً أسمحوا لي أن أبدي شكري وإمتناني لسيادة المطران روبير رباط الجزيل الإحترام الذي رعى هذه المناسبة الثقافية، ممثلا بحضرة الأب إبراهيم سلطان المحترم وكذلك أوجه شكري الى كل من رئيس وأمين سر وأعضاء الرابطة الزحلية في سيدني على جهودهم ودعمهم لهذه المناسبة الثقافية ،
ولا يسعني إلا أن أشكر بكل تقدير وإمتنان الصحف العربية “ التلغراف والنهار والمستقبل وهيرالد الشرق الأوسط ، لنشرها الدعوة الى هذه المناسبة في صحفها الغراء ، كما أشكر الزميلين السيدين أنطوان قزي وأنور حرب لمشاركتهما في إلقاء الكلمات في هذه الأمسية المباركة…كما أشكر جميع الأخوة والأخوات والزملاء والأدباء والشعراء والمهتمين بالنشاطات الثقافية الذين لبوا الدعوة فحضروا شخصيا فغمروني بعطفهم وتشجيعهم…
إنه لمن دواعي سروري وإعتزازي أن أقف اليوم أمامكم في مناسبة توقيع كتابي : “ حصاد السبعين من مواسم الرأي والحنين” وهو الكتاب الثاني الذي أعتز بنشره لأنه حصيلة سنوات طويلة في الكتابة الصحفية في حقول متعددة ومتنوعة شملت الثقافة والأدب والفن والتاريخ والسياسة … علما بأنني أتحاشى قدر إستطاعتي الخوض في المواضيع السياسية المحلّية والإقليمية قناعة مني بالقول المأثور: “ ما دخلت السياسة على شيء إلا وأفسدته”، وقد عبّرت مرارا في كتاباتي عن هذه القناعة. وعندما أضطر للكتابة في السياسة فإنني أنتقد المواقف بموضوعية، وأحرص على أن يكون إنتقادي بعيدا عن التهجّم الشخصي، وأسعى لكي يكون نقدي بناء يخدم المصلحة الوطنية العامة…
وبداية أقول : أن قانون إيماني بالكلمة هو التالي:” تبقى الكلمة ملكك حتى تخرج من فمك أو يعبر عنها قلمك، عندها تصبح ملكا للآخرين … وهنا تبدأ مسؤوليتك … فلذلك على المرء أن يكون واعيا قدسية الكلمة … ومدركا مسؤوليته عنها … فتكون كلمته نورا يبدّد الظلمة والجهل … كلمة تهدي ولا تضلّل… كلمة تبلسم ولا تجرح … وكلمة تبني لا نارا تحرق وتهدم… اللهمّ أيها الكلمة، أسألك أن تثبتني في إيماني هذا مهما كانت الظروف والمغريات….”
بكل تواضع أشير الى إن هذا القانون يتصدّر كتابي وهو يعبّر تعبيرا واضحا عن إيماني وقناعتي …
أما كتاب “ حصاد السبعين” كما يدلّ عنوانه، فهو باقة مختارة من المقالات والدراسات والأبحاث، التي أستطيع أن أقول بكلّ أمانة وصدق بأنها تمثل نسبة 5 الى 6 بالمئة مما كتبته في مختلف الحقول والمجالات … أي إنها باقة صغيرة إنتقيتها لتعبّر عن قناعاتي الوطنية والإنسانية … ولعل تبويبها العام والعناوين الرئيسية للكتاب تعطي القارىء الكريم فكرة موجزة عن هذه القناعات التي لا أساوم فيها مهما كانت المغريات … وعلى سبيل المثال أذكر بعض العناوين الرئيسية مثل : لبنانيات، أستراليات، زحليات، إغترابيات، دراسات سياسية، وجدانيات وغيرها….
ففي فصل” لبنانيات” ألفت نظر القراء الى المحاضرة التي ألقيتها بدعوة من الرابطة الزحلية في ملبورن وهي بعنوان: “ لبنان والروحانيات، ومساهمة لبنان في الحضارة الإنسانية”، وأفخر بالقول بأنني كنت في هذه المحاضرة تلميذا وفيا لما زرعه في نفسي أستاذي ومعلمي الكبير الشاعر والمفكر الزحلي العملاق ذو الطموحات الكبيرة التي بلغت به حداً قال بشموخ وكِبَر بأن على اللبنانيين أن يلبننوا العالم، عنيت به شاعرنا وأستاذنا ومعلمنا سعيد عقل رحمات الله على نفسه الطاهرة الخالدة، والذي أكنّ له كل مشاعر التقدير والوفاء…. ، لأنه زرع في نفسي حبّ لبنان وعظمة حضارة لبنان، وعلّمني أن أكون رسولا للبنان الحضارة والفكر والعطاء.
ويسعدني أن أقول بأنه رحمه الله، علّق شخصيا آنذاك، على محاضرتي تعليقا أعتبره وساما ساميا أضعه على صدري وألفت نظر القارىء الكريم الى أن هذا التعليق منشور حرفيا في نهاية فصل لبنانيات.
أما في فصل “زحليات” ، فإنني ألفت نظر الحضور الكرام بأن زحلة ظلّت تعيش في فكري وقلبي ومشاعري طوال سنوات غربتي الصعبة، ولم أتردّد لحظة واحدة في أن أكون خلالها رسولا للبنان ولزحلة… فقد كتبت وألقيت الكثير من المحاضرات والخطب في المناسبات الإجتماعية التي كانت تقوم بها الرابطة الزحلية في ملبورن والتي تولّيت مهمة أمانة السر فيها مدة 12 سنة، ومنها المحاضرة التي كانت بعنوان “ زحلة في الذاكرة والوجدان “ ثم أكملت طموحي في سعي الحثيث لكي أكتشف الموقع الجغرافي للقرية التي أنشأها عام 1875 تقريبا، مهاجرون زحالنة في ارياف ولاية كوينزلاند الشمالية في أستراليا وأطلقوا عليها إسم مدينتهم الأم “ زحلة “… فقد قمت في عام 2004 مع صديق زحلي هو المهندس سمير ملكي وهو أبن خالة الأب إبراهيم سلطان، برحلة لإستكشاف الموقع الجغرافي للقرية. وبعون الله وعنايته وتوفيقه، تكللّت هذه الرحلة بالنجاح إذ تمكنا من الوصول الى موقع الصخرة التي تحمل لوحة تذكارية تدلّ على أن هذا المكان هو موقع قرية زحلة … ولن أحرم القراء الكرام من لذة متابعة ، تفاصيل رحلة الإستكشاف مكتوبة بالتفصيل في فصل “زحليات “ من هذا الكتاب.
وأشير بكل فخر وإعتزاز إلى أن رابطة إحياء التراث في سيدني، منحتني عام 2009 جائزة جبران خليل جبران عن هذه الرحلة الإستكشافية وذلك بناء على ترشيح قدّمه آنذاك الزميل بطرس عنداري رحمه الله. و أسمحوا لي، بأن أستمطر الرحمة على نفسه الطاهرة لأنه شرّفني بكتابة مقدمة هذا الكتاب،
وحيث أن واجب الوفاء للوطن الذي إحتضنني وأحتضن عائلتي، عنيت به وطني الثاني أستراليا، يوجب عليّ أن اكتب شيئا عنه تقديرا ووفاء له، فكان فصل “أستراليات”، حيث يجد فيه القارىء الكريم مقالات وتعليقات تُشيد بأستراليا وطنا يقدّس قيمة الإنسان ويحترمها وهذا ما يجعل استراليا بلدا حضاريا وديمقراطيا بإمتياز … وفيه أيضا قصّة جذع شجرة منشور، إلتقطه أساسا لكي يكون كحطب للمدفأة، وإذا بي أرى فيه شكل الخريطة الجغرافية للقارة الأسترالية، فقمت برسم الحدود الإدارية للولايات الأسترالية على صفحته، دون أن أحدث أي تغيير على الإطلاق في الشكل الخارجي لجذع الشجرة، فجاء العمل رائعا ومعبرا تعبيرا واضحا عن خريطة أستراليا وقدّمته الى أستراليا في عيدها الوطني هدية من صنع الطبيعة الأسترالية … أدعو السادة القراء الى مطالعة هذه القصّة الفريدة …
اما فصل “ إغترابيات “ فهو يشمل عددا من المقالات كتبتها من وحي معاناة المغتربين في جميع بلاد الإنتشار اللبناني في العالم.. وقد عالجت فيها بعض المواضيع التي تؤرق المغتربين، وتلك التي أحبطتني ولا شك أنها تحبط الكثير من المغتربين وأصحاب الأقلام الجريئة والصادقة …. ولا بدّ لي من أن أشير الى التعليق الذي كتبته في شهر 9 كانون الثاني 2000 ونشر في جريدة “ هيرالد الشرق الأسط “ وهو بعنوان : المغتربون اللبنانيون ، الخميرة الصالحة التي بها سيطلع عجين لبنان الخيّر” ، وكذلك كتبت في شباط 2012 تعليقا نشر في جريدة المستقبل في سيدني وفي جريدة “بيروت تايمز” في لوس أنجلوس – كاليفورنيا، وكان بعنوان “ شعراء المهجر وأدباؤه …هل من يفكر بهم وينصفهم في الوطن لبنان؟؟؟ أشرت فيه الى أهميّة ادباء المهجر وشعراؤه الذي إرتقى عدد كبير منهم المرتبة العالمية في الفكر والعطاءات الأدبية، نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة وأمين الريحاني ونسيب عريضة وغيرهم الذين يفخر بهم لبنان … والذين غرّدوا كلّهم ويغردون على أغصان الحرية التي منحتها لهم بلاد إغترابهم البعيدة، ولكنهم لم ينسوا وطنهم لبنان بل ظلّوا أوفياء لوطن الأرز المفدى لبنان… تؤرقهم معاناته المستمرّة، وظلّ لبنان بالنسبة لهم الرب الذي يعبدونه بعد الله عزّ وجلّ … وسعوا ويسعون دائما لكي تشمل نعمة الحرية، التي يتنعمون بها في بلاد إغترابهم، بلدهم الأم لبنان أيضا … وتمنيت على الدولة اللبنانية أن تنصفهم وتذكر نجاحاتهم لكي لا يظلوا منسيين وكأنهم يغردون في الخارج خارج أسرابهم…
كلام وتمنيات أرفعها عبركم يا حضرات السادة الإعلاميين والأدباء، الى المسؤولين في لبنان وخاصة المعنيين منهم بالشأنين الثقافي والإغترابي لعلّهم يولون هذا الأمر ما يستحقه من إهتمام.
لن أطيل عليكم الكلام ولكنني أختم كلمتي بتوجيه أصدق مشاعر الشكر وإلإمتنان الى سيادة المطران روبير رباط الجزيل الإحترام والى الرابطة الزحلية في سيدني والى حضرة عريف الحفلة الصديق: ؟؟؟ ……………… والى الزملاء الذين تحدثوا في المناسبة، كما أوجه الشكر الى كل الذين عملوا لكي يرى هذا الكتاب النور في حلته الحاضرة، وأعني بهم الذين تولوا العمل الفني للكتاب طباعة وإخراجا وأخص بالذكر مطبعة “هوت غولد “ في ملبورن لصاحبها الصديق عبدو بجاني والمطبعة البوليسية في جونية والصديق جورج عبد الصليب والفنانان فؤاد تومايان وحسن سكر… كما أشكر السيد إبراهيم البوصي على إهتمامه بشحن الكتب من لبنان الى سيدني،
أشكر الجميع على إهتمامهم بنجاح هذه المناسبة الثقافية التي سأحملها في نفسي ومشاعري كوسام أفتخر به… وأشكر حضور جميع الزملاء والأصدقاء والأصحاب، الذين شرّفوني بحضورهم وغمروني بلطفهم وتشجيعهم …