ابراهيم براك
بعد أن هلل البعض واعترض البعض على التسوية الانتخابية « الصفقة» , وبعد تأليف الحكومة الحريرية وأطلق عليها حكومة «استعادة الثقة» , والتي افتقدت مع تأليفها ثقة» المعيار الواحد والأحجام» , انتظرنا الانفراجات , حصلت اندفاعة كبيرة أعطت التسوية الايجابيات , اعطتها غطاء «أمني وسياسي» , ولكن في الظاهر المشهد ممسوك, وفي العمق « داخل ملفات التسوية» , «المشهد ملتبس» والانفجارات ممنوعة, اليوم نشهد تناقضاً في الاندفاعة ,فرملة وشد حبال, اختلاف على المخارج وخلاف في العلاج , ونقزة من المواقف المعلنة والتي ستعود وتعلن…
«قانون الانتخاب», المطالب به من كافة اللبنانيين , أصبح مجرد ذكر أخباره ومشاريعه , أصبح يشكل عندهم مللا ونقمة ,
هذا القانون ما زالت حركته بلا بركة, ولولا بركة الرئيس الحريري وقوله لنا: « اننا تقدمنا 70% على الطريق الصحيح لإنجاز قانون جديد», لكان صدى اللاءات الثلاثة للرئيس بري , «لا للستين ولا للتمديد ولا للفراغ»… يتصادم من جهة ويتلاحم من جهة ثانية مع موقف الرئيس ميشال عون الصارخ « لا للستين ولا للتمديد وفي حال عدم التغيير , نعم للفراغ»…
المشهد ضبابي , وكل يغني على ليلاه , لكن اللحن ذاته , والجمعة ذاتها, وكل يؤكد « الخيل والليل والمواقف والساحات تعرفه ولا حل من دونه»…
المشهد الاندفاعي التصاعدي تراجع, ركود وعرقلة , أزمة واقعية نعيشها , سقف مرتفع في بعبدا , وسقف منخفض في السراي الحكومي, وبين المنخفض وما دون العالي في معراب, ولن نتكلم عن البقية لأننا نتناول أعداء الجنرال في الامس حلفاء الرئيس اليوم…
الشيء الوحيد الثابت والمضمون في مسار الدولة هو الاستراتيجية التي يتمسك بها الرئيس الجنرال عون , وهذا الامر يؤكد ان الذين اعتقدوا انهم» اتوا» بالعماد عون رئيسا يستطيعون وقف اندفاعه نحو المسار الذي اتبعه منذ توقيع « ورقة التفاهم» , وسوف يتمكنون من مساعدته تدريجيا لتغيير موقفه, بدأوا يشعرون أن ثبات الرئيس عون أثبت مرة جديدة انه أقوى من ثبات الاخرين وان الرجل في مواقفه صنديدا ومقاتلا ويصعب على الآخرين كسره او حتى اقناعه…
نحن امام واقع شبيه بالزواج الماروني « اقله مرحليا» , احد طرفي الزواج هو « رئيس الجمهورية «, وهذا الطرف يحق له ما لا يحق للطرف الأخر « الحلفاء الجدد» , الرئيس الحريري والدكتور سمير جعجع», فهما لا يستطيعان الرد المباشر على مواقف الرئيس , الظروف الراهنة تجبر وتفرض «المسار الرايق» ,,,, و «المزاج الرايق», في هذا الزواج سيستمر على الأقل إلى ما بعد الانتخابات النيابية,…
الرئيس الحريري يتجنب الرد ويفضل الصمت ويكلف كتلته بالردود غير التصادمية كما جرت العادة في السابق في كل مرة يتكلم الرئيس عن السلاح وعن النظام في سوريا, أما الدكتور جعجع , استفاد من وجود مارين لوبان في لبنان وخلال زيارته له في معراب كان له موقف صريح ومعروف ومعاكس لموقف رئيس الجمهورية بما خص بقاء الرئيس السوري في سدة الحكم.
كل ذلك يدل بأن «الزواج الماروني» بين الفريقين ,»التيار والقوات»,  مستمر وباق ولا يوجد اشارات طلاق في الأفق, فهدايا العرس لن تقدم لهما بعد, وكل فريق موعود بهدية « نواب بالجملة», ومن أجل ذلك وفي سبيل الهدف , لا تستحق بقية التناقضات , «الخلاف والاختلاف»,..
كل اتفاق ولبنان بخير, اما بعد الانتخابات ,حتى الزواج الماروني معرض للطلاق, فلا يمكن لهذا التحالف في السلطة وفي الحكم الاستمرار باتجاهين مختلفين, الرئيس عون هو الرئيس القوي الذي لا يبدل مواقفه ولا يتغير , والقوات اللبنانية لا يمكن أن تتبدل خياراتها  ولن تعارض تاريخها ومسارها , وكذلك الرئيس الحريري لن ينسى شهداء ثورة 14 آذار ودماء والده ومنطق قيام الدولة ولا للدويلة.
الزواج لن يستمر طويلا , والطلاق لن يحصل قريبا ولاحتى في المدى المنظور, الاتفاق باق أما الخلاف فهو باق ايضا انما في الضمائر مستترا …