بقلم رئييس التحرير / أنطوان القزي
«أحنا فقرا أوي أوي».. كلمات نطق بها الرئيس السيسي في أسوان مؤخراً، فكشفت بوضوح عن أنه يعيش بمعزل عن دولته التي يختار فيها رموزها بنفسه، بعد أن يطمئن لولائهم المطلق للسلطة الجديدة، التي باتت في واد والشعب الرازح تحت عباءة الجوع في واد آخر..
نطق السيسي بتلك الكلمات في الوقت الذي يستعد رئيس البرلمان ليركب سيارة قيمتها ستة ملايين جنيه، هي الأحدث والأغلى في عالم السيارات المصفحة. كما سيحظى وكيلان للمجلس بسيارتي «مرسيدس» من الموديل نفسه، فيما صدّق المجلس الأعلى للقضاء قبل أسابيع على شراء سيارات من الماركة نفسها لرؤساء الهيئات القضائية. وقبل أسبوع عقد السيسي اجتماعاً خاصاً مع أعضاء حكومة شريف إسماعيل من أجل إعلان خطة تقشف تطبقها الحكومة على نفسها، تلك الحكومة التي تعد الرئيس بشد الأحزمة على البطون، لكنها تراوغه مكتفية بتطبيق الشعار على الشعب، الذي وصفه السيسي بأنه نور عينيه، الشعب الذي وجد نفسه في مهب الرياح، لا غذاء ولا دواء».
..إذا ما علمنا أن مئات الآلاف من المصريين ما زالوا يركبون «الحنطور» وإذا ما علمنا أن الجوع يفرد جناحيه ليتسع كل صباح جديد لمزيد من المواطنين الذين يفقدون وظائفهم بسبب الكساد، الذي يهدد مصر جنباً إلى جنب مع الفساد.
وإذا ما علمنا «أن سعر الجنيه فقد نحو 75% من قيمته أمام الدولار خلال 3 سنوات تقريبا».
وإذا ما علمنا أن إجمالي الدين المحلي كان سنة 2014 1.817 تريليون جنيه، ليصل في نهاية العام الماضي إلى 2.75 تريليون جنيه، ندرك معنى الجملة التي قالها السيسي :مصر «فقيرة أوي أوي» .. وندرك أيضاً أن هذا الرئيس الذي عوّل ويعوِّ ل عليه المصريون كثيراً يعيش حالة انفصام مع وزرائه وجعلاً كاملاً بما يحصل حوله.. فالرئيس الذي يغضّ النظر عن حاشية «المرسيدس» عليه ألا يشكو أمام «راكبي الحنطور» ويقول: «أحنا فقرا قوي».