بقلم هاني الترك OAM

اليس كورنويل وُلدت في انكلترا في 1852.. حينما هاجر والدها جورج كورنويل الى مستوطنة فيكتوريا كان عمرها عاماً واحداً إثر إكتشاف الذهب والاندفاع نحو جني الثروة فيها.. عمل جورج في تعدين الذهب وأمل ان يحصل على نصيبه من الثروة.. أخفق حلمه فاتجه الى مشاريع البناء الرئيسية في فيكتوريا حتى انه هو الذي شيّد برلمان ملبورن.
شبت أليس في ملبورن وكانت تميل الى هوايات عديدة من الموسيقى الى الآداب الى الصحافة حتى الاعمال الحرة.. تزوجت من الشاعر الرومانسي والسياسي جون وايتمان الذي كان يكبرها باربعين عاماً.. فشل زواجهما وهجرته واتجهت الى دراسة الموسيقى التي كانت تلهم خيالها.
حدثت نكسة لعائلتها إذ سقطت مشاريع والدها التجارية واعلن افلاسه قبل وفاته وخلّف ديوناً قدرها 40 ألف جنيه استرليني.. تنقلت في العيش بين لندن وملبورن وسيدني وادلايد وبرزبن.. ورغم انها ورثت عن والدها الفشل حولته الى نجاح فائق.. درست علم طبقات الارض واشترت قطع اراضي وجاءتها الصدفة الذهبية والصدفة لا تأتي إلا لمن يستحقها فإكتُشف فيها معدن الذهب.. انتعشت اعمالها واطلق عليها اسم Midas Mine.. انطلقت أليس في مشاريعها التجارية وتوسعت ثروتها حتى طارت شهرتها الى لندن ولم يبلغ عمرها سوى 36 عاماً.. فقد اصبح لمؤسسات التعدين التي تمتلكها أسهم مرتفعة الثمن في بورصة لندن جذبت الاستثمارات البريطانية الى استراليا حتى اصبح البريطانيون يتهافتون على الاستثمار فيها.
أبحرت بعد ذلك أليس الى لندن وادركت ان استراليا يمكن ان تجني الكثير في مجالات اخرى غير استرالية اذ كانت تتمتع أليس بطاقة غير عادية.. حيث وسّعت من اتصالاتها حتى مع العائلة المالكة ورجال الاعمال.. وإلتقت هناك بمحرر صحيفة Sunday Times في ذلك الوقت اسمه فيل روبينسون حينما بدأت شمس الصحيفة بالغروب.. إشترتها أليس وحولتها بقوة حذاقتها وحسن إدارتها الى اهم صحيفة في بريطانيا واستراليا.. كان لقاء أليس مع روبينسون وتعاونهما  الخلاق والاعلام النقدي أساساً لنجاح الصحيفة وشروقها.. وتزوجا وعاشا معاً متنقلين بين لندن واستراليا.
كل مشروع كانت تلمسه أليس كان يتحول من طاقتها العقلية وعاطفتها المتدفقة الى مشروع ناجح بإمتياز سواء كان تجارياً ام اعلامياً ام ادبياً ام مالياً حتى أصبحت تُعْرف بالمرأة الاسترالية العالمية للقرن التاسع عشر ولقبت بـMadam Midas.
توفي روبينسون عام 1902 وحزنت عليه حتى انها إرتدت العباءة السوداء حداداً عليه لفترة طويلة.. تقاعدت من العمل بعد ان تسلم اولادها أعمالها وامضت باقي حياتها مهتمة بتربية احفادها الى ان وافتها المنية عن عمر 80 عاماً سنة 1932.. دفنت في ولاية فيكتوريا التي جاءت اليها من لندن وكان عمرها عاماً واحداً ولم تعد الى مسقط رأسها لندن.
تعتبر أليس كورنويل المرأة الرائدة في جميع المجالات الحيوية في القرن التاسع عشر وتعادل في شهرتها أثرى أثرياء استراليا المرأة الفولاذية الناجحة للقرن الحادي والعشرين جينا راينهارت.. وصفت أليس بعدة صفات منها: المرأة التي تشع ذكاءً.. المرأة التي تسيطر على الرجال.. أكثر النساء تأثيراُ في القرن التاسع عشر.. المرأة الجادة جداً.. وأهمها إمرأة الروح الاسترالية. انها قصة المرأة غير العادية بكل مقياس ومعيار أليس كورنويل التي جمعت بين كل المواهب وحب المغامرة والامل والتفاهم والالهام والتخيل والرومانس والثراء وحب الفنون والآداب والعقلية المؤسساتية.. انها مثال حي للمرأة الاسترالية الحقيقية في القرن التاسع عشر الذي لم تكن فيه المرأة حاصلة على حقوقها الراهنة.. حتى تكون مثالاً رائعاً لنجاح المرأة في اي مجال.. النجاح الذي يقوم أساساً على حرية المرأة والمساواة مع الرجل.
صدرت قصتها هذا الاسبوع في كتاب يحمل عنوان: Madam Midas للمؤلفة والمؤرخة Clair Wright.