بقلم سركيس كرم – سدني
بضعة أيام قضاها فوزي يمين معنا كانت كافية لترفعنا الى ملامسة الغضب المتسلح بالمحبة، الثورة النابضة بالعدل، الكلمة السارحة في تحررها..
رافقته..أستمعت إليه في جولة على الصحف والإذاعات اللبنانية في سيدني وفي أمسيته الرائعة..فتعلمت المزيد وأضفت الى رصيدي الفكري وبت أتطلع وبشوق متزايد للإستماع الى فوزي يمين وقراءة انتاجه الذي يحمل في طياته الكثير من التفاعل مع القضايا الأنسانية.
فوزي الرافض للإطراء يأبى الوقوع في شباك السطحية الإنفعالية وردات الفعل العشوائية.. هو قلم ينبض بالحياة.. أحاسيس تتكلم شعراً وانسانية.. هو حالة تعبًر عن وجع وجداني يتمرد خارج إطر الرتابة التقليدية الجامدة .. هو الصاعد نحو العملقة الروحية من دون تصنع حيث يعمد من علياء الفكر الى التخلص من كل ما يمت بصلة الى الغرور والأنانية والتكبر..
وما يبهرك فيه أنه يحلق على وسع المدى من دون ان يتنكر لجذوره.. وكأنه يؤكد وبصرامة أن نسور الشعر مهما علت تظل تحتاج الى قمم تتكيء إليها لكي تراقب ما يحمله السحاب وما تخبئه الوديان وما تحتويه تلك المنازل البعيدة التي تنتظر وقفة مفكر يلبسها رداء الأمل ويضيئها بتمرده على العتمة.
ليتنا نستفيد من حضور فوزي يمين بيننا لندرك ان ميادين الثقافة تحتضن الكل الى أن يحين أوان الغربلة.. عندها لا يبقى في الذاكرة سوى أولئك الذين تواضعوا فكبروا .. وأبدعوا حتى باتوا لا يشبهون سوى ما يميزهم.. أولئك الذين أعتنقوا قضية وعاشوا لها ومن أجلها.. وكم يشبه أولئك فوزي أخلاقاً وتواضعاً وإبداعا لا تحد من صولاته تلك الشخصانية المعلبة.. فلتكن رحلة فوزي وأمسيته بداية لمرحلة يلتقي فيها الأدباء والشعراء حول قضايا الأنسان الكبرى ليس عبر الكتابة وحسب، وانما عبر الممارسة والتعاطي مع الغير وتقبله..
شكرا فوزي على «تمارين» ساعدتنا على الأستفادة من الوقت.. و»في انتظار الانفجار الآتي» نحيي قلمك وطلتك وعشقك لسمو الكلمة.. وأعذرنا لأننا لن نتوقف لأنك تريد ان تنزل كونك أصبحت صورة حية في ذاكرتنا وفكرة مؤثرة في وجداننا.. ولن نتوقف بغية ان نستفيد أكثر..
*****
«لن أطيل مكوثي هنا بينكم
غداً مع أول شمس سأرحل
كفراشة ترف قي الظل
بجانح واحد خفيض
وإن أمطرت حينها
سأنزلق بسلاسة بين أصابع المطر كوبر هرة
لذا لن تشعروا بغيابي
وسيتعذر عليكم قول شيء
وحدها كلماتي التي تفوهت بها همساً
عند حافة فجر مؤجل
وأنا أكيد لم يسمعها أحد
ربما ستتذكرني»
– فوزي يمين