وديع شامخ – رئيس تحرير مجلة «النجوم»

لقد عرفت الشعوب  الوشم ال» تاتو» منذ القدم ، حيث كان الجسد  حقلا خصباً  للدلالة  والجمال معا ، هو شكل من أشكال الرسم  على الجسد ويتم بوضع علامة ثابتة في الجسم وذلك بغرز الجلد بالابرة ثم وضع الصبغ عن طريق هذه الفتحات والجروح ليبقى داخل الجلد ولا يزول. يعتبر الوشم على جسم الإنسان كنوع من  الجمال الجسماني والزخرفة، بينما على الحيوان فهو أكثر شيوعاً ويكون لأغراض تحديد الهوية أو المالك لهذا الحيوان، ولكن الامر لم يتوقف عند هذا الغرض، بل تجاوز الوشم  حدوده  ليحتل  مساحة مهمة جمالة وسيمائية كبيرة ومتنوعة  في التفكير الانساني ، سوف نقوم هنا بتتبع الوشم  سيرة وتحولات .
الوشم سياحة تاريخية
الوشم موجود منذ زمن بعيد  في جميع أنحاء العالم، فقد  عرف المصريون القدماء الوشم قبل 4 آلاف سنة خاصة عند النساء لأغراض التجميل ، واعتبروه أيضاً نوعــــاً من افتداء النفس للآلهة.
ثم انتقل الوشم إلى حوض البحر المتوسط والجزيرة العربية حتى وصل إلى الصين، في الهند كانت مراسم الزواج تتضمن وشمهم برسم واحد يؤكد أنهما أصبحا زوجين،  وعرفت الجزر البريطانية الوشم وانتشر بين أفراد الأسرة الحاكمة ، وفي عام 1969م حُرِّم الوشم رسمياً في بريطانيا.
عُرف الوشم في الولايات المتحدة الأمريكية في القرن التاسع عشر الميلادي واستخدمه الرؤساء وأشهرهم  ترومان وكنيدي،
استعمل اليابانيون الوشم واختفى في القرن الخامس عشر وعاد ثانية ولكن في عام 1870م حُرِّم الوشم في اليابان.كما
يستخدم الوشم في غينيا كدليل على انتقال الصبية إلى مرحلة الرجولة ويعتبرونه أثراً لأسنان الآلهة التي عضت الموشومين ليصبحوا رجالاً في بلاد النوبة يعتقدون أن الوشم فوق العين يقوي النظر، بينما قبائل أفريقية تستخدم الوشم لإبطال السحر ووقاية من الحسد والعين ، وبعض القبائل العربية تستخدم الوشم الأخضر للزينة والأسود للحماية من العين بزعمهم .  وكذالك الآينو، وهم السكان الاصليون لليابان، كانوا يقومون بوشم الوجوه كنوع من العادات والتقاليد.، وكذلك  الوشم متداول عند الأمازيغ والتامازغا (شمال أفريقيا)، وعند الماوري في نيوزلندا، والهاوسا في شمال نيجيريا، والعرب في شرق تركيا، والبدو في سوريا  وفي العراق  ومعظم الدول العربية ، وعند الأتايال في تايوان مع وشم الوجه. كان الوشم موجودا على نطاق واسع عند الشعوب البولينيزية، وعند مجموعات قبلية معينة في تايوان والفلبين وبورنيو وجزر مينتاواي وأفريقيا وأمريكا الجنوبية وأمريكا الشمالية وأمريكا الوسطى وأوروبا واليابان وكمبوديا ونيوزلندا ومايكرونيزيا. بالرغم من بعض المحرمات التي تحيط بالوشم، إلا أن هذا الفن لا يزال يحظى بشعبية كبيرة في مناطق متعددة من العالم، كما تشير موسوعات المعرفة.
صناعة الوشم
كان يتم الحصول على أحبار الوشم البدائية من الطبيعة مباشرة، وكانت محدودة جداً من حيث التنوّع. على سبيل المثال، في هاواي القديمة كان يمزج رماد البندق لنبتة الجوز المسهل مع زيت جوز الهند لإنتاج حبر أسود. في الوقت الحاضر، يوجد تقريباً عدد غير محدود من الألوان والظلال لأحبار الوشم، وهي تنتج بكميات ضخمة وتباع في المحلات التجارية في جميع أنحاء العالم. يقوم فنانو الوشم عادةً بخلط هذه الأحبار من أجل إيجاد أصباغ فريدة خاصة بهم كما يمكن استخدام مجموعة واسعة من الأصباغ والأخضاب في الوشم، من المواد غير العضوية كثنائي أكسيد التيتانيوم وأكسيد الحديد، إلى هباب الفحم ومركبات الأزو والأكريدين والكوينولين والفثالوسيانين ومشتقات النفثول والأصباغ المصنوعة من الرماد ومخاليط أخرى. تستخدم أصباغ أكسيد الحديد إلى حد كبير في الوشم التجميلي، كما جاء في مصادر متنوعة على  محركات البحث الالكتروني
الوشم والأديان
الوشم محرم في اليهودية استناداً إلى التوراة (سفر اللاويين 19:28): «ولا تجرحوا أجسادكم لميت وكتابة وشم لا تجعلوا فيكم أنا الرب». الحظر أو التحريم يفسره الحاخامات المعاصرون على أنه جزء من الحظر العام على تعديل الهيئة البشرية من دون أن يخدم غرضاً طبياً (مثل تصحيح التشوه). يوضح موسى بن ميمون الذي هو أحد أبرز علماء القرن الثاني عشر في القانون والفكر اليهودي، بأن الحظر المفروض على الوشم هو رد اليهودية على الوثنية.
أما في المسيحية ليس هناك موقف معين من الوشم،  فمعظم المسيحيين ليس لديهم مشكلة مع الوشم. في حين أن أقلية مسيحية تدعو إلى التمسك بوجهة النظر اليهودية بعدم جواز الوشم وذلك استناداً إلى سفر اللاويين 19:28. الوشم برموز مسيحية عادة شائعة، فخلال الحج يقوم بعض المسيحيين بالحصول على وشم صغير يكتب فيه تاريخ الحج وصليب صغير، وعادة ما يتم هذا على الساعد  في الديانة الاسلامية وفي المذهب السني، يعد الوشم والتوشم من المحرمات فحسب الأحاديث المنقولة عن نبي الإسلام،: عن ابن عمر عن رسول الله قال: «لعن الله الواصلة والمستوصلة، والواشمة والمستوشمة». لكن هنالك اختلاف في أراء علماء السنة فيما يتعلق في سبب تحريم الوشم. ولذلك فإن استخدام الحنة كوشم مؤقت شائع جداً في الدول الإسلامية في المذهب الشيعي، نوقش جواز الوشم من عدمه، في حين أن بعض الشيعة يشيرون إلى الفتوى التي أصدرها علي السيستاني التي تحلل الوشم