كمال براكس

الملحدون يقولون “لا إله ولا معبود ولا خالق”. بل حياة طبيعية وفنية للنبات والحيوان والإنسان، وكلها يأتي عليها الموت ولا رجوع. يبنون الادعاء على التحول الطبيعي وإن التناسل للجميع هو وحده ما يُسمى خلودا على الأرض قائما بذاته ولا علاقة للسماء به، ويبقى ما بقيت الأرض صالحة للحياة ويفنى بقنائه.
وعلى هذه المنازعات جرت حروب دينية دامية، ذهبت بملايين البشر على مدى الأجيال، ولا تزال لسوء الحظ في سبيل ما يسمونه معبودا أو الله، وقد انقسموا حتى بالمعتقد الواحد علي نصفهم، فتباينوا طوائف ومذاهب، ويريد كل حزب منهم جذب الآخر إلى طريقته ولو بالقوة.
حتى أصبحت المجازر تأخذ طريقها والتعذيب يدمي القلوب، فكان الإبن على والده والأخ ضد أخيه وفي كل بقعة من الأرض ولغاية الآن، هم بعداء مرير قبيح حتى الأكاديميين، وأصحاب العقول الراجحة، الذين منهم من يقول أن الله خلقهم وحدهم للأرض والسماء والبقاء، وسواهم للموت والفناء وأغرب ما فيهم أن بعضهم يعرفون الحقائق ولكن المصلحة خاصة والمنفعة الذاتية تدفعهم إلى ما يخالف ضمائرهم. وآخرون دأبهم الحقد والانتقام يتخذون من هذه المنابذات الدينية اطماعا للسيطرة وانتصارا للفوقية ومطيعة للاستعمار.
والملحد الصالح هو المشكك بوجود الله وتنتهي نظريته على العوامل الطبيعية المتناقضة وعلى شواذ وشذوذ الخلق.
نزوعهم إلى غير ما يفكر هو به من خير وصلاح وسلام وخصوصا المؤمنين فعرضّوه للشدائد والمصائب وأكثر من سواهم. الشجر المثمر المعرض للأمراض الطبيعية وقساوة الإنسان عليها وتحتاج لعناية فائقة لبقائها.
كما أنه يحترم نفسه ولا يمس حرية الآخرين ولا يفرق بين العرق واللون وطائفة، لأن الضغط على المعتقدات والانحياز للحزبيات بالقوة أو بالإغراء ، هو ضد المبادئ الإنسانية الحرة.
بهذا يكون للملحد الكريم الأثر الطيب والمثل الصالح كما للمؤمن التقي الصالح.
أما المؤمنون الذين يعملون بما أمر الله، هو لا شك أفضل وإن يكن لم ير الله، فقد قال الكتاب» طوبى للذين لم يروا وآمنوا».
الناس أسرة كونية تحتاج إلى طهارة وأخلاق ووجدان ونزاهة ليحيوا بسلام. فإذا مات المؤمن الصالح، يذهب خلوده عن انطلاق واحد وهو المحبة والسلام، الأول إن صحَّ وجود الله فيكون بعداد الخالدين، والثاني يخلق ذكراً طيباً ومثلاً يُقتدى به على الأرض.
بإيمانه وأعماله أما إذا لم يكن الله موجود وذلك بأعماله الصالحةصوناً للإنسانية، فيخلد ذكره إلى أجيال، يسير على مبادئه الذين بعده. فالمؤمنون الصالحون الأتقياء هم أنفسهم بحياتهم الصالحة العاملة إيماناً بوجود خالق. وإذا وُجد الله أو لم يوجد، كانوا بالفضائل الطيبو يوجدونه. وهكذا يجب من يعمل المؤمن ليكون مؤمناً حقيقياً أن يعمل ويؤمن بالتسليم ليكون مثلاً صالحاً.
والمؤمن المرائي يحمل هوية كالقبور المكلسة البيضاء من الخارج ومن الداخل النجاسة والنتانة، وكل ذلك لبلوغ غاية أو رغبة ومكسب، ولا يهمه إلا نيل أمنية، ويقبّل اليد ويدعو لها بالكسر.
يحلف كاذباً، يضحك بسّره ان انطلق حيله، لا يبالي إذا قدم على تغيير مذهبه، ولا يخلف بعده إلا العار ونقمة الابرار.
وكم فتاة لأم عاهرة عاشت وهي عفيفة طاهرة، ولكل إنسان صفحات يخطها التاريخ في عقول الناس، يتناقلها الخلف عن السلف، فالحسنات نور ومن سار على درب النور لا يعثر والسيئات ظلام دامس، وملعون، وللحسنات الكرامة والطهارة، وليس للمؤمن المرائي، أية كرامة عند الله، ومن يقتفي آثاره يسقط بالتهلكة والخزي والعار.