العطاء – الله – المحبة

كمال براكس

العطاء شيمة النفوس الكريمة، بل شيمة النفوس الكبيرة، النفوس المحبة كريمة معطاءة اذ الحب عطاء، فالعطاء السمح خير لأنه ينشر التعاون والمحبة، انه فيض من كرامة النفس، والعطاء جمال، اذ هو تعبير عن مضامين النفس النبيلة ونزعاتها، والعطاء حق لأنه غرض الوجود الانساني، فلولاه لما كان نماء الانسان في مجتمعه ولما كان استمراره، وبالتالي فالعطاء قوة، انه ميزة النفوس القوية.
النفوس الضعيفة وحدها لا تقبل على العطاء، خوفاً من الجوع ولا تحديداً للأخذ لأنها تخشى مبادلة بالعطاء. انها النفوس البخيلة بل النفوس الحقيرة، انها ربيبة الحقد، تنزوي في ظلمتها اذ الظلم ستار الخائفين، وتختفي عن النور، لأن عالم النور عالم الحياة، ولأن دنياه انما هي دنيا النفوس الحقيرة، ولأنها تدرك انها ليست قوة للحياة الجميلة الخيرة.
النفوس البخيلة دميمة لأنها لا تعكش جمال الحياة، غذاؤها الذي يمتصها، أرأيت غداء يمتص مغتذيه، العطاء سنة الطبيعة فهو القاعدة، والبخل نقيضه فهو شاذ.
«ربي هبني دائماً قوة العطاء لأنعم لذلة الحياة»
اني افرغ ايماني بالله وبالمحبة، وبأن الله محبة، وكم اتمنى لو اننا جميعاً، مؤمنون حقيقيون، وخاصة في ارض بلادي، لعمّ الحق والخير والجمال، واختفى التعصب الأرعن، والانشقاق المهلك، ولك دين سماوي يكرز بالمحبة والسلام، وكل مؤمن لو طفح قلبه بحقيقة دينه السامية لألقاه  يكبر فيسع العالم كله، لأن المحبة لا حدود لها   كما الله لا حدود له، اما اولئك الذين نخر التعصب قلوبهم فهم لا يفقهون من دينهم شيئاً، ان قلوبهم ملأى بالقشور، والقشور تطرح فتدوس الأقدام، بينما اللب وحده يدخل الجوف ويتحول الى غذاء، ولا خلاص الا بالتزام كل منّا دينه بإيمان حقيقي لا تشوبه شائبة.
ان ادران الجسد، لا تلامس النفس النقية، والثلوج المتراكمة لا تميت البذور الحية، وما هذه الحياة سوى بيدر احزان تدرس عليها اعمار النفوس ، قبل ان تعطي غلتها، ولكن ويل للسنابل التي خارج البيدر.
سلّم حياتك وكل ما تحويه من معان وطموح  وقيام ومواهب بين يدي من هو كلي الحكمة والقدرة، وكلي الرحمة والمحبة، فانه لا يقبل غير المكان الأول في قلبك. فلا تنتظر معونته ان كنت تحيا لغير ارضائه اما من يحبه ويطلب ارادته وسيادته قبل كل شيء آخر.
فوعده قائلاً: اطلب اولاً ملكوت الله وبره، وهذه كلها – اي  حاجات الحياة – فانها تزاد لك، وقال ايضاً: سلم للرب طريقك واتكل عليه، وهو يجزي به.