إنطلقت عجلة الانتخابات البلدية بتحديد وزير الداخلية نهاد المشنوق المواعيد النهائية لإجرائها في كل المحافظات، وبتأكيد رئيس الوزراء تمّام سلام حصول الاستحقاق في موعده، في مقابل نفي الرئيس سعد الحريري خبراً لموقع الكتروني أشاع انه يسعى الى تأجيل الانتخابات بالاتفاق مع الرئيس نبيه بري، مؤكداً دعمه للاستحقاق في موعده. وهذا الانطلاق لا يقتصر على الجانب الرسمي، اذ ان الحالة الشعبية بدأت تشهد حماوة في المدن والقرى، وخصوصا في مدن طرابلس وزحلة وجونيه حيث تبدو المنافسة على أشدها، وقد تحولت اهتمامات اللبنانيين اليها. لكن ضجيج الماكينات الانتخابية لا يحجب المشاكل الحياتية العالقة والمتراكمة وآخرها القمح المعفن وذاك المنقول في شاحنات النفايات.
من جهة أخرى، ترتفع حدّة التوتر السياسي في مجلس الوزراء حيث القرار معطل، او في مجلس النواب حيث التشريع معطل أيضاً. فمجلس الوزراء الذي يعود الى الانعقاد الخميس بعد انقطاع أسبوعين متتاليين بسبب زيارة الامين العام للامم المتحدة ووفاة والدة رئيس الوزراء، ينتظره مشروعا مشكلتين: قيادة جهاز أمن الدولة وعقود وتجهيزات مطار رفيق الحريري الدولي. المشكلة الأولى قديمة – جديدة وليس من اشارات إيجابية في اتجاه الحل لا من رئاسة الوزراء ولا ومن زارة المال المفترض ان تفكّ الحصار المالي عن الجهاز، كما قال وزير السياحة ميشال فرعون الذي كان مقرراً ان يجتمع ممع سلام عشية الجلسة المرجأة الاربعاء الماضي.
ولا يخفي سلام إنزعاجه من التضخيم الذي أحاط بملف جهاز أمن الدولة، مشيراً أمام زواره في المصيطبة الى ان الموضوع حُمل أكثر مما يستحق، وأُعطي أبعاداً طائفية ومذهبية غير مقبولة «فالملف يجب ان يبقى في إطاره المؤسساتي، اذ يتوجب على هذه المؤسسة ان تقوم بدورها وتتحمل مسؤولياتها وإلاّ تغرق في الخلافات المذهبية كما هو حاصل». في المقابل يذكر بري بأنه قدّم حلولا لهذه الازمة في الجهاز وناقشها أكثر من مرة مع رئيس الوزراء وبطريرك الروم الكاثوليك غريغوريوس الثالث والوزير فرعون، من دون التوصل الى النتائج المرجوة. ويعود الى التأكيد أنه سبق له أن اقترح على سلام أن يقدم على استبدال الضابطين، المدير ونائبه، وتكليف اثنين آخرين أو تعيينهما، من دون الرجوع اليه في اسم الضابط الشيعي. ويقول أمام زواره إنه طرح تشكيل مجلس قيادة من ستة ضباط لأمن الدولة بقانون يرسل الى مجلس النواب للمصادقة عليه. ورداً على سؤال هل يعقل أن يعجز المسؤولون عن حل هذه الازمة بين ضابطين ويعرضوا الجهاز تالياً للشلل، يجيب بري: «لا تسألوني. اذهبوا الى الرئيس سلام».
تجهيزات المطار
أما المشكلة الثانية فتتعلق بتجهيزات المطار، ويتوقع ان يعقد سلام اجتماعاً ثانياً في هذا الإطار لحلّ التضارب الحاصل حولها بين ثلاثة عروض مدرجة في جدول اعمال مجلس الوزراء: الاول مقدّم من وزارة الأشغال والنقل التي تعتبر صاحبة الصلاحية وفي عرضها تقدّم ثلاثة خيارات وفق سلّم أولويات ،بتجهيزات وأعمال بنحو 54 مليون دولار أو بـ 30 مليون دولار أو بـ 24 مليون دولار. الثاني مقدّم من مجلس الإنماء والإعمار الذي يقترح مشاريع بقيمة 40 مليون دولار لتنفيذها من خلال شركة MEAS التي انتهى العقد معها منذ العام 2010 بعدما انتهى آخر تمديد لها ستة أشهر. والثالث أربعة عقود رضائية كانت اجرتها وزارة الداخلية بموجب هبة المليار دولار السعودية لشراء تجهيزات أمنية يحتاج اليها المطار، وهي بقيمة تتجاوز 28 مليون دولار أميركي. وتطلب الوزارة من مجلس الوزراء تأمين الاعتمادات التي كانت ستمول من الهبة السعودية قبل ان تتوقف.
وعلم  ان اتصالا تم بين الوزير المشنوق والوزير زعيتر للخروج باتفاق يسبق الجلسة الخميس، وتتولى بموجبه وزارة الاشغال اعادة النظر في الاتفاقات الرضائية ومتابعة التنفيذ.
مجلس النواب
في غضون ذلك، أبلغت مصادر نيابية أن هناك «خطة طريق» في شهر نيسان ستحكم إيقاع العمل التشريعي بدءاً من إجتماع الحوار النيابي المقرر في 20 نياسن الجاري لإطلاق صفارة التحضير للجلسة التشريعية. وسيلي هذا الاجتماع إجتماع هيئة مكتب المجلس برئاسة الرئيس بري للتشاور في جدول أعمال الجلسة والذي يبدو من اولوياته ما له علاقة بتشريعات ذات صلة بمؤتمر لندن الخاص باللاجئين السوريين والمشاريع الخاصة بلبنان التي تتيح له تلقي المساعدات، وإقرار إقتراح قانون لتمديد ولاية المخاتير التي تنتهي في الأول في أيار (مدة شهر) وإيجاد صيغة لمقاربة قانون الانتخاب في ظل إستمرار الانقسام حياله ووجود صيغ عدة مطروحة على هذا الصعيد. وأوضحت المصادر ان تعذر الوصول الى بلورة إتفاق حول صيغة واحدة للقانون لن تحول دون المضي قدماً نحو عقد الجلسة التشريعية أوائل أيار المقبل.
وفي هذا الاطار قال الرئيس بري: «باختصار، عند وجود اقتراحات وقوانين، سأدعو الى عقد جلسات تشريعية، وليتحمل عندها كل طرف مسؤولياته». وردّ على القائلين بعدم توافر الميثاقية في حال غيابهم: «أليست مصالح اللبنانيين والأعمال والمشاريع التي تتعلق بحياتهم ولقمة عيشهم من الميثاقية التي يفصلها البعض على مقاساته؟». وأضاف: «يريدون وضع قانون انتخاب يناسب مقاعدهم النيابية بغية الإطباق على الأكثرية التي يعملون للحصول عليها، ولا يتقبلون تطبيق النسبية ولا السماع باسمها، ويعملون للتنصل منها». وأمام هذا التباعد بين وجهتي نظر بري في التشريع، ولو تحت عنوان الضرورة، والرافضين له، يقول إنه لا يزال هادئاً، واذا استمر البعض في هذه المواقف والشعارات التي تطلق من هنا وهناك «فلن أسكت بعد اليوم».
الأمن
امنيا، ليس ما يخيف في رأي رئيس الوزراء، وقد رفع شبان امس لافتات ضد المملكة العربية السعودية احتجاجاً على الكاريكاتور المسيء الذي نشرته جريدة «الشرق الاوسط» الجمعة، وسرعان ما رفعت عن احد الجسور في منطقة جل الديب، وقبضت القوى الامنية على الفاعلين كما على الذين اقتحموا مكاتب «الشرق الاوسط» ليل الجمعة الماضي.