اذا كان اليوم هو الموعد المفترض لانطلاق الحل الذي أقرته الحكومة لمشكلة النفايات المتراكمة في الشوارع وفي مكبات عشوائية منذ ثمانية أشهر بالعودة الى المطامر مع حوافز مالية دفعت الحل قدماً، فإن التحدي يكمن في فرض تنفيذ الخطة اذا ما ووجهت بعقبات تعمل القوى السياسية المختلفة على تذليلها، تجنباً لوضع سياسي أسوأ تدخل معه البلاد في شبه فراغ كلي اذا ما أقدم رئيس الوزراء تمّام سلام على الاستقالة، وهو ما أصر على القيام به، متوعداً الوزراء في جلسة استمرت نحو سبع ساعات السبت بالاستقالة فوراً وفضح المعطلين اذا لم يتمكن مجلس الوزراء من اقرار الحل.
وعليه، فإن الاجتماع الأمني الذي عقد  قبل ظهر امس في السرايا خصص للبحث في التطورات الأمنية الأخيرة، وجهوزية القوى الأمنية لمواكبة تنفيذ خطة رفع النفايات، ومنع أي أعمال شغب أو عصيان يمكن أن تواجهها. وعلم أنه لم تحدد الساعة الصفر بعد لبدء رفع النفايات، في انتظار جولة أخيرة من الاتصالات لاحتواء الاعتراضات المستجدة، ولتحديد الإجراءات الواجب اتخاذها ومدى الحاجة الى المواكبة الأمنية.
في المقابل، رفضت معظم القطاعات التربوية والانتاجية والمؤسسات العامة ومجموعتا «بدنا نحاسب» و»من أجل الجمهورية» الاستجابة لدعوة مجموعات الحراك المدني الى التصعيد والتعطيل ، فيما اعلنت حملة «طلعت ريحتكم» عن إقفال مداخل بيروت الساعة السابعة صباحاً، وتركزت التحركات في الدورة قرب السيتي سنتر والحازمية ومثلث خلدة.
فضيحة جديدة
واذا كانت الحكومة تجهد للخروج من نفق النفايات المظلم والنتن، فانها امام مشكلة تفوق النقص في الأمن الصحي والبيئي وتتعلق بالامن العسكري والاجتماعي عبر استخدام انترنت غير شرعي معرض للقرصنة والتجسس. ولعل الأسوأ من وجود انترنت غير شرعي يستعمل في لبنان على نطاق واسع، ما كشفته معلومات عن استعمال القصر الجمهوري ومجلس النواب ودوائر كثيرة في الجيش تلك الشبكة المنتقلة هوائياً من قبرص وتركيا، والمراقبة وفق توقعات عدة من اسرائيل. والمفارقة ان مافيا الانترنت قدمت هذه الخدمة مجاناً في مقابل التغطية السياسية والأمنية. والفضيحة الاضافية تكمن في ادخال تجهيزات كبيرة عبر المعابر الشرعية لا تستورد عادة لغير الدولة وأجهزتها الرسمية مما يشكك في امكان تورط جهات عدة في تلك العملية. يبقى ان المعدات فككت وصودرت لمصلحة وزارة الاتصالات على رغم الضغوط السياسية لاعادتها الى أصحابها الذين لم يوقف أي فرد منهم فيما هم معروفون وقد وردت اسماؤهم في الشكاوى المرفوعة الى وزارة العدل والنيابة العامة المالية. يضاف الى ذلك ان شبكة الانترنت الرسمية تتعرض منذ اأيام، أي منذ تفكيك تلك غير الشرعية، لحرب الكترونية مستمرة من طريق اغراقها بمعلومات هائلة لتعطيلها أو لجعل الانترنت الرسمي بطيئاً، وهو ما حصل في اليومين الأخيرين.
عقوبات اضافية
من جهة أخرى، وفي خطوة تنسجم مع الاجراءات العربية والخليجية الأخيرة حيال «حزب الله»، صرح مصدر مسؤول في وزارة الداخلية السعودية بأنه «إشارة إلى قرار دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية المتضمن أن ميليشيات «حزب الله» بكل قادتها وفصائلها والتنظيمات التابعة و»المنبثقة منها تعد منظمة إرهابية، وان دول المجلس سوف تتخذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ هذا القرار استناداً إلى ما تنص عليه القوانين الخاصة بمكافحة الإرهاب المطبقة في دول المجلس، والقوانين الدولية المماثلة.
وإشارة إلى إعلان مجلس وزراء الداخلية العرب (إعلان تونس) الصادر في ختام اجتماعات دورته الثالثة والثلاثين التي عقدها المجلس يوم الأربعاء 2/3/2016 المتضمن إدانته وشجبه للممارسات والأعمال الخطرة التي يقوم بها هذا الحزب لزعزعة الأمن والسلم الاجتماعي في بعض الدول العربية .
وبناءً على ذلك تؤكد وزارة الداخلية أن كل مواطن أو مقيم يؤيد أو يظهر الانتماء إلى ما يسمى «حزب الله»، أو يتعاطف معه أو يروج له أو يتبرع له أو يتواصل معه أو يؤوي أو يتستر على من ينتمي إليه فسيطبق بحقه ما تقضي به الأنظمة والأوامر من عقوبات مشددة بما في ذلك نظام جرائم الإرهاب وتمويله، إضافة إلى إبعاد أي مقيم تثبت إدانته بمثل تلك الأعمال وبالله التوفيق».
ذكرى 14 آذار
سياسياً، وللمرة الأولى منذ انطلاق انتفاضة «ثورة الأرز» في 14 آذار 2005، غابت هذه السنة الاحتفالات التي درجت قوى 14 آذار على اقامتها في الذكرى السنوية لقيامها في احتفال جامع لأركانها. وتردد ان حركة اتصالات أجريت في الأيام الأخيرة في محاولة لجمع تلك القيادات في اجتماع يؤكد الثوابت الأساسية في الحرية والسيادة والاستقلال من دون الخوض في التفاصيل الرئاسية وغيرها، لكنها ماتت في مهدها.
وأمس الاول برز موقف لافت للرئيس نبيه بري من الاستحقاق الرئاسي، إذ قال امام زواره إن على الجميع ان يدركوا ان «اجراء الانتخابات الرئاسية اكثر من ضرورة ولا بد من قطف هذه الثمرة التي نضجت. واذا لم تتم المبادرة الى قطفها سريعاً وعدم التأخير يخسر الكل والخاسر الأكبر قوى 8 آذار».
من جهة أخرى، شدد بري على انه «من غير المقبول ابقاء مجلس النواب شبه مقفل وكنا قد وضعنا موضوع تفعيل المجلس بنداً أساسياً على جدول أعمال الحوار. وهذا ما سأطرحه بالتأكيد في جلسة الحوار المقبلة لانطلاق العمل التشريعي، وهذا الأمر هو من مسؤولية مختلف الأفرقاء مع التأكيد ان انتخابات الرئاسة تبقى بنداً أول وعاشراً، ولكن في المقابل لا أقبل بتعطيل عمل المجلس».