يوم الجمعة الماضي كان يوماً رائعاً بامتياز حيث أطلق الثوار عليه إسم جمعة الثورة مستمرة كما كانوا يفعلون بانتقاء اسماء الجمع عندما كانو يخرجون بمظاهراتهم بعد صلاة الجمعة من كل اسبوع ففي يوم الجمعة الماضي خرجت مظاهرات تجدد المطالبة بإسقاط النظام ورفع المتظاهرون شعارات الثورة الأولى واحد واحد واحد الشعب السوري واحد، اكثر من مئة واربع مظاهرة سلمية خرجت في جميع أنحاء سورية لتذكر الضمير العالمي والعالم بما يعانيه الشعب السوري وعلى مدار الخمس سنوات الماضية من قتل وتدمير وتشريد وجوع ولجوء على أيدي النظام السوري الفاقد للشرعية الدولية وداعميه من الروس والايرانيين وغيرهم، لقد فاجأ الشعب السوري العظيم بصموده الأسطوري العالم أجمع بأنه مازال على قيد الحياة وعندما سنحت له الفرصة ليعبر عن رأيه بشكل سلمي ومدني وديمقراطي خرج ومزق أوهام جميع من يتهمه بغير ذلك، لقد أثبت من جديد بأنه قادر على الاستمرار والنزول إلى الشارع بعد أن ظن المجتمع الدولي بأنه إنتهى ووري الثرى، تعود اليوم الشعارات الأولى للثورة لتثبت لنا وحدة أبناء الوطن الواحد بجميع مشاربه وطوائفه من شماله لجنوبه ومن شرقه لغربه هذا الجمال والتآلق يعود من جديد وينبعث من تحت الانقاض والركام والألم ومن أرض ارتوى كل شبر منها بدماء أبنائها، تعود المظاهرات السلمية اليوم لتثبت للجميع بأنها ثورة حضارية مدنية وسلمية فالشعارات ذاتها وبريق الأمل الذي كان يملأ العيون هو ذاته والأصوات والهتافات لم تتغير فكل ماحولك يخبرك بأن هذا الشعب مازال حياً يرزق وكل حديث عن وجود ملل وتذمر وتعب هو حديث لإحباط الهمة والعزيمة وحرب نفسية يستعملها النظام السوري وأعوانه، الشعب السوري يعرف جيداً فقد درس التاريخ واستوعبه بأن الحرية والكرامة غالية ولن ينالهما أحد بالتمني لا بد من الصبر والمصابرة والتضحية بالغالي والرخيص وكلما اشتدت أزمة انفرجت فمهر الكرامة والحرية باهظ الثمن وهذا هو الطريق ولن يعود الشعب السوري عن هذا الطريق حتى يحقق مطلبه المنشود، مظاهرات الجمعة الماضية أعادت بوصلة الثورة الى مسارها الطبيعي والصحيح بعد أن حرفها المتسلقون عليها واللصوص وتجار الدماء وأصحاب الدكاكين ونزلاء الخمس نجوم، نحن اليوم لسنا بحاجة لشعارات جديدة لكي نرفعها فكل الشعارات قد تم اختبارها ودفع الشعب السوري فاتورتها من جيبه الخاص، البشرية اليوم تحتاج الى مخلص والى عالم أفضل تحتاج لمن يضحي في سبيلها ليخرجها من الظلمات تحتاج لمن يكون وقوداً لها من أجل أن تسود القيم والمثل الانسانية والعدالة والكرامة والحرية، الشعب السوري ارتضى لنفسه أن يكون ذلك الوقود الحي والمنارة والشعلة التي دخل بهم التاريخ من أوسع أبوابه فتحية شكر وإكبار وإجلال لهذا الشعب العظيم ولثورته العظيمة التي عادت لتقض مضاجع العالم أجمع والنظام السوري في متابعة طريقها نحو الكرامة والحرية وليعلم الجميع بأن هذه المظاهرات المدنية والسلمية والعصيان المدني أقوى من الرصاص الحي وصواريخ النظام السوري وأسلحته الكيماوية وأشد وقعاً من ضربات طيران الاحتلال الروسي واسلحته النووية، هاهي الثورة تنبعث من جديد لتؤكد هويتها وانتمائها ووطنيتها فهي لكل السوريين الشرفاء الذين يحلمون بالتحرر من النظام السوري وجميع قوى الاحتلال التي جلبها لاعادة تأهيله.
أخيراً سيكتب التاريخ عن الصمود الأسطوري لهذا الشعب العريق ولن يستطيع أحد تغيير أو تشويه التاريخ
إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر